الأقباط متحدون - فيس بوك المصريين من أيام الفراعين !!!
أخر تحديث ٠٥:٠٣ | الأحد ٢٩ ابريل ٢٠١٢ | ٢١ برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٤٥ السنة السابعة
إغلاق تصغير

فيس بوك المصريين من أيام الفراعين !!!

بقلم :  السيناريست جرجس ثروت

يظن البعض أننا عرفنا الفيس بوك مؤخراً بعد ازدهار الوصلات الأرضية وخفض قيمة الاشتراكات , وما عرف عن هذا الفيس بوك من معجزات خارقة استطاعت أو فيما يظن أنها حركت الشباب والعروش , وعلى أية حال عندما أقول أن الفيس بوك في مصر قديم منذ زمن أجدادي الفراعنة فأنا أقصد هذا المعنى , ولكن بمفهوم مختلف بمعنى أن مصر كلها كقطعة شعبية واحدة مترامية الأطراف من الإسكندرية حتى أسوان والواحات , وتعتبر كلها عبارة عن فيس بوك طبيعي وذلك يمتد من أيام عصر بناة الأهرام عندما كانوا الفلاحين يقادوا بالسخرة في شهور فيضان النيل الثلاثة التي كانت تبدأ في يوليو حتى سبتمبر وقد تمتد إلى نهاية أكتوبر , هذه الشهور كانت مياه النيل تغمر الأرض الزراعية بالمياه وحيث لا تقوم الزراعة في هذا الوقت من العام , كان ملوك الفراعنة يستقدمون الفلاحين من كل القطر المصري لبناء الأهرام والحضارات العظيمة , وفى أثناء العمل يتعارفون ويشارك الفلاحين العمال بالتعليقات الجميلة وهم ينزفون الدم مع عرقهم الغزير .
 
وقد تجد العم ثورنباك خاتون يتوفى أثناء العمل ويأخذه أقاربه للبلدة ليدفنوه , أو حتى لا يتمكنوا من ذلك فيرسلوا خبرا أو تعليق على موته لأهله في بلدته بطيبة أو جنوبها , وكان ينتشر الخبر بسرعة البرق وأعتاد المصريين البسطاء قديماً على السمر في عصارى مصر الجميلة ولياليها في ضوء القمر , قبل أن تلعن حياتنا بالسرعة ولا يتذكر حتى الأخ أخاه قبل النوم ليتصل سائلاً عنه بتكلفة زهيدة لا تكفى لشراء سيجارتين أو لمونتين , كانوا يتقابلون ويتبادلون النكات والأمثال الشعبية التي ورثناها عنهم إلى اليوم ونرددها , في لياليهم الجميلة كانوا يتناسون الهموم وكانت المحبة شعارهم ومظلتهم ولم يكن فيها فروق حيث الفقر يظلل الجميع بعشرته الطويلة التي قد تمتد أجيال في البيت الواحد والعائلة الواحدة , ولم يكن هناك اللصوص في زى رجال الأعمال , كان اللص يسرق ليأكل وكان الطعام واحداً لكل المصريين , على عكس هذه الأيام القميئة التي تباين فيها المظهر والمسكن والمأكل , وكان المصريين برغم ذلك القهر شرفاء ولديهم نخوة .      
 
وها هو عم عثمان الأسمر الجميل يجلس أمام البناية ليحرسها في شرف وأمانة وينام سكانها مطمئنين على صوته وهو يشرب فنجان القهوة ويسهر الليل ليراقب من الداخل والخارج منها , وفى الصباح يتصل بأقاربه في أقصى الجنوب ليعرف أخبارهم , ويعرفهم أخباره ويهنئ لزفاف أحد الأقارب ومنهم يعرف أفراحهم وأتراحم , وأبنته سمارة متزوجة من أبن عمها بالبلد , وأبنه نصر يعمل بالإسكندرية ومتزوج من بنت عمه بالبلد , وفى كل صباح يكلم والده على الموبايل ليطمئن عليه وأبن عم والده أيضاً في لندن يعمل أستاذاً بأحد الجامعات يرسلون له الرسائل ليعرفوه أخبارهم , وهكذا في تواصل اجتماعي وسيمفوني رائع يربط أرجاء المحروسة , ومن خلال العمال في كل مكان من الواحات حتى العريش , ولا تجد مكان في مصر ليس به عائلات صعيدية من أقصى الجنوب , بل ينتشرون بصورة كبيرة في الإسكندرية ومن خلال رنة تليفون يعرفون ويزفون الأخبار لأقصى الجنوب , وهذه المهارة التي تفوق سرعة شبكات النت البطيئة والفيس بوك العصري الذي سبقناه بآلاف السنين وبطريقة عفوية بدائية بسيطة لأننا ببساطة شعب اجتماعي متواصل بطبعه .
 
ومن الطريف أن يقال أن أكثر سر لا يستطاع كتمانه أكثر من ساعتين في بلادنا , هذا يفوق تواصل الفيس بوك الاليكتروني بمراحل , كما يمتاز الفيس بوك الطبيعي المصري بأنه سريع وخفيف وصادق وجاد فى علاقاته , لا تستطيع فيه أن تختبئ خلف شعار أو مظهر لأن هناك ميزة قوية وهى أن الشعب المصري يعرف بعضه بمعنى أن في اشد أحياء القاهرة أذد حاما كمناطق الموسكى والأزهر التجارية والتي يرتادها الملايين يوميا للتسوق , ترى أن التجار الكبار يعرفون تجار الأقاليم الذين يشترون منهم بضائعهم وإنتاج مصانعهم , ليس هذا فقط بل كل أحياء القاهرة وحتى العشوائية يعرفون بعضهم ويظهر الغريب من كلماته وحتى مشيه أو مظهره , وفى أقل من ثواني يعرف أهل المنطقة أنك غريب بذكاء وفطرة المصري أبن البلد الواعي , وهذا ما لايستطيع تحقيقه الفيس بوك ولا كل عباقرة النت والبرمجة الذكية التي وصلت لبصمة العين وخلافه , نحن المصريين سبقنا العالم في التواصل ببعضنا البعض وبمهارات غير مسبوقة .   
 
ولذلك فأنى أتعجب من البعض الذي يدعى أنه لا يعرف الجاني مثلاً في كنيسة القديسين , أو جميع الحوادث والمآسي التي حدثت في العام الأسود الماضي ومن وراء هذه الأزمات ولماذا بل وأين هم الآن ؟؟؟ بلد بهذه التشكيلة الفريدة في العالم كله ويستطيع الجهاز الأمني العبقري الذي لا نملك شيئاً متقدماً سواه , بعد تأخرنا في الزراعة والصناعة والتجارة وكل شئ لم يعد لدينا غيره ونفخر به , وهو يمتلك المهارة ويعلم كل شئ عن كل أحد وفى كل وقت ولا أبالغ في ذلك , يستطيع ويعرف من خلف الأزمات الطاحنة من مواد بترولية وبوتاجاز وخلافه , يعرف أين يربض اللص والقاتل والمخرب وقت الظهيرة ونصف الليل وصياح الديك , الأمر أسهل وأبسط لأننا لم نبلغ الصين في تعدادها ولا اليابان في سكانها ولا الولايات المتحدة في أتساعها , والمقولة التاريخية المعروفة " أن أضعف الحكام يستطيع أن يضبط الأمن بالبلاد لأن الخارجين على القانون ضعفاء وهاربين أمام القوة الحاكمة " فرحمة بنا وبكم وبأرض الطيبين كفى !!! لأنكم تقدرون متى أردتم ذلك . 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter