الأقباط متحدون - رئيس مصر ورأس الكنيسة المصرية
أخر تحديث ١٩:٥٣ | الأحد ٢٩ ابريل ٢٠١٢ | ٢١ برموده ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٤٥ السنة السابعة
إغلاق تصغير

رئيس مصر ورأس الكنيسة المصرية

بقلم- لطيف شاكر
على الرغم من وجود لائحة لاختيار البابا تُعرف باسم "لائحة 57"، إلا أنها تترك الباب مفتوحًا للصراعات بين الأساقفة، الذين يرغب كل منهم في كرسي البابوية.

لكن، حتى مع وجود اللائحة، والتي يعترض عليها العلمانيون من الأقباط الذين يرون تضادًا بين القرعة الهيكلية والانتخاب، إلا أن الصراعات الداخلية في الكنيسة أصبحت فوق صفيح ساخن، وما زاد الأمر سخونة هو حالة التغيير التي طالت مصر قبل أكثر من عام مع قيام الثورة، وانهيار النظام السابق.

وعلى الرغم من اضطهاد الأقباط في ظل النظام السابق، إلا أن البابا "شنودة الثالث" استطاع أن يكون صمام أمان ويجمع "شعب الكنيسة" حوله، وهو ما راق للدولة، حيث كانت تبحث عن شخص واحد فقط تتحدث معه باسم الأقباط، وتفرض توجهاتها للشعب القبطي من خلاله.

قبل الثورة، كان البابا يتدخل بكلمة واحدة فيسكت غضب الأقباط في حوادث الفتنة الطائفية، مكتفيًا بنقلها إلى داخل الكاتدرائية، لكن بعد الثورة تغير الأمر، حيث طالت الثورة شباب الأقباط، الذين رفضوا التقيد سياسيًا بأوامر الكنيسة، وقرروا عمل جماعات وحركات قبطية تتحدث عن مطالبهم بعيدًا عن البابا.

لكن لا يمكن اعتبار هؤلاء الشباب بعيدين عن معركة اختيار البابا القادم، حيث يرى البعض أن بعض الأساقفة الطامحين إلى مقعد البطريركية يحركون بعض هؤلاء الشباب في معركة توازن القوى لحسابهم.

إن "مصر" الآن في مفترق الطرق، فهي تنتظر رئيسًا قادمًا وبابا جديدًا، ولا يمكن الفصل بين المنصبين، خاصة مع الصراعات الدراماتيكية التي تشهدها مصر دائمًا بين شاغلي المنصبين.

كما أن العلاقة الثلاثية بين الأقباط والرئيس القادم والأغلبية الإسلامية في البرلمان، تطرح سؤالاً آخر حول العلاقة التي من الممكن اعتبارها كانت سببًا في تفشي الفتنة الطائفية في السبعينيات، كما أنها تؤكد تطور المشهد إلى الأسوأ.

إن حالة التوتر التي بدأت في السبعينيات في ظل الرئيس المؤمن تبدو موجودة الآن بشكل آخر، فالتيارات الإسلامية التي كانت مجرد حركات محظورة في السبعينيات وصلت إلى السلطة، وسيطرت علي المقاعد في المجالس المتعددة، وزاد الطينة بلة ظهور الزرع الشيطاني أو ما يسموه التيار السلفي الكاره الأقباط دون سبب سوى أنهم يخالفونهم العقيدة، ويطالبون بعودة الجزية وتطبيق الحدود، وما غيره من الأحكام الجائرة والفتاوي الجاهلة.

ولقد أجمع الكثيرون على ضرورة تحلّي البابا الجديد بقدْر كبير من "الحِكمة وسِـعة الأفق ورحابة الصدر والرغبة في التحاور مع المخالفين له في الرأي أو العقيدة"، وأن يكون صاحب قلب كبير وعقل مفتوح، كما يجب أن يكون حاسمًا في قراراته وحازمًا في إدارته للكنيسة، على أن يكون هذا الحسْـم والحزْم في محبّـة وود..

ومن الضروري أن يكون "قادرًا على استيعاب الشباب والعِـلمانيين في الكنيسة"، وأن "يتمسّـك بوحدة النسيج الوطني المصري"، وأن "يقف على مسافة من السلطة والنظام الحاكم ليحافظ على استقلالية الكنيسة"، وأن "يبتعد عن المشادّات السياسية"، وأن "يُخرج الأقباط من أُطُـر الكنيسة إلى فضاء الوطن".

وأن يكون له موقفًا إيجابيًا تجاه الملفات الكثيرة داخل الكنيسة المصرية، والتي تحتاج من البابا القادم إعادة النظر فيها، مثل: العلاقة مع الطوائف المسيحية الأخرى، وموضوع الحرمانات لعدد من الأساقفة والكهنة وبعض أفراد الشعب، والعلاقة مع الأحزاب والكيانات السياسية الداخلية، وأيضًا العلاقة مع الدول الخارجية وأقباط المهجر، معتبرًا أنه "يجب عليه أن ينفتح على كل هذه المشكلات والملفّات بنظرة مُـتوازنة وفِـكر إداري وروحي؛ فالفكر الروحي بمفرده لا يمكن أن يسوس الكنيسة، والفكر الإداري وحده ضد هدف الكنيسة".

إن الكنيسة هي مؤسسة شاملة (دينية- اجتماعية- روحية -...)، وهو ما يستلزم أن يكون البابا القادم صاحب شخصية شاملة، حتى يستطيع أن يقود سفينة الكنيسة في هذه المرحلة التاريخية والحسّاسة من تاريخ مصر.

ونسأل الله أن يهبنا بابا حسب قلب الرب وليس وفقًا لاختيارنا، ويخزى الطامحون والطامعون للكرسي، ويبدد مشورات أعداء الكنيسة.

كما نسأل الله أيضًا ألا يأتينا برئيس مؤمن آخر، أو رئيس أحمق يدمر ما تبقى من الود والمحبة ويمزق نسيج الوطن الواحد، حتى نعيش وأجيالنا القادمة في سلام وأمان، وحياة هنيئة هادئة كباقي الأمم المتقدمة.
يُتبع..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter