بقلم القس/ سامح فوزي عبد الملاك
في عالم نعيشُ فيه الآن كثرت فيه الغيبيات التي نتجت عنها الروحانيات، التي تُعطى مُسكّن للمتألم ولم تعالج أساس الداء، غيبيات زادت من شدة الألم ولم تعالجه، غيبيات جاوبت على أهم الأسئلة في الحياة بجُمل لا معنى لها مثل: القضاء القدر – النصيب – الحظ - المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين- قدر ومكتوب قسمة ونصيب – مكتوباله - الحظ بيلعب دوره - المنحوس منحوس لو حطوا على راسه فانوس - شر لأبد منه - المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين - قدر ومكتوب. جُمل جعلت من العاكس معكوسًا ومن الأقوى ضعيفًا ومن الحكيم جاهلًا.
ومن هنا كتبت ما قصدت عندما قولت علموهم قبل ما تروحنوهم. علموهم أن يدرسوا في الغيبيات التي تصيرهم مُغيبين وليسوا فاهمين، علموهم أن الحرية هي سلطان الله، وأن القدر ليس قدر بل هو حكمة الله، وأنه لا وجود لكلمة صدفة بل توجد إرادة الله، علموهم لا وجود لكلمة قسمة ونصيب بل توجد مشيئة الله، وبدل مكتوباله هناك خطة لله في الحياة، ولا وجود لكلمة الحظ لكن يوجد سماح من الله. علموهم أن العقل عقلهم وليس مُستورد لهم، فالكون من حولنا يتقدم ويتعلم ويتطور ويفكر، وأما نحن نسأل ونحاول أن نعيش، وفي عدم الإجابة لا نستطيع أن نبحث وندور بل نسير وراء غيبياتنا حتى لا نجهد أفكارنا. علموهم أن يبحثوا وراء الأسئلة التي كثرت في مجتمعنا عن الموت وعن الحياة وعن المرض وعن الضعف وعن الجهل وعن الظلم.
علموهم أن يبحثوا في كتبهم التي هي كنز قد تمتلئ بيوتهم ومكاتبهم بها، وبالعديد من التفسيرات والكتب، ولكن تبقى مهدورة سنين ومركونة على الأرفف دون النظر إلى كتاب ينعم به الله على فكرهم. وأن يبحثوا في العلم وفي الحياة وان يفتشوا الكتب لكي يجدوا فيها حياة. علموهم أن يكونوا أوفياء في مذاكرتهم ودراستهم ومناهجهم والتزاماتهم ولم يكونوا متذمرين على متطلباتهم وواجباتهم. وأن يتقبلوا الفكر والفكر الآخر والحوار والحوار الآخر، وأن يبحثوا حتى يدللوا بأفكارهم على ما يقولونه ولا يستسلموا. علموهم أن عدم فهمهم ليس عيبًا وغباء في عقلهم ولكن في من قدم لهم المعلومة أي مُدرسهم.
علموهم أن الفهم يأتي ليس من الغيبيات ولكن من الموجودات وتحليلها. وأن الروح لا يستغنى عن العلم والعلم لا يبعد عن الروح. علموهم أن الروحانيات بدون معلومات وعلم هي غيبيات زائلة، كما أن العلم وحده بدون روح الكلمة فهو معلومات زائفة. فيريدنا الله أن نكون دارسين ولنا شركة روحية معه حتى نستطيع أن نسير معًا في صورة ابنه الكاملة. ختامًا اسالوهم: هل الإنسان مُصيَّر، ولا مُخيَّر؟ هل الإنسان حر ويحدد مصيره ولا مكتباله ؟ هل الإنسان يختار ما يريد ولا تم الاختيار سابقا ؟ ثم أتركوهم يبحثوا ويجاوبوا.
