الأقباط متحدون - حسب الوزن
أخر تحديث ١٩:١٢ | الخميس ١٠ مايو ٢٠١٢ | ٢ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٥٦ السنة السابعة
إغلاق تصغير

حسب الوزن

 بقلم: ماجد سوس


 الحديث عن الموت مُرعب ، التفكير في الوقوف أمام الله لنقدم حساب أعمالنا و أقوالنا بل و أفكارنا يهزالكيان و النفس من الداخل فكل خفي سيعلن و كل ما قلناه في المخادع سيعلن على السطوح ، كل شخص اتعبناه أو جرحنا مشاعره أو اعثرناه سيقف شاهدا علينا امام الديان ، كل محتاج أو جعان أو عطشان أو عريان تركناه بلا سداد مجاني لإحتياجاته سيشير بأصابعه علينا أمام الله ، كل مريض لم نشعر به ، لم نزره و نخفف آلآمه و نسعى من أجل شفاؤه سينظر إلينا و يثقل علينا حسابنا ..أما ذاتنا و كبرياؤنا ورياؤنا و محبة المديح والظهور سيفضحها المصلوب بتواضعه وانكاره لذاته و غسله وهو الخالق لأرجل تلاميذه  وهم خِلقته. الفتور الروحي و الكسل في الصلاة و السجود و إهمال السهر الروحي و التوبة والإعتراف و التناول  و الصوم من القلب لا من المعدة و عدم الاختلاء اليومي بالر ب يسوع و القراءة اليومية في الكتاب المقدس و و و   كل هذا يجعلنا نرتعب من لحظة فراق الجسد حيث يغلق الباب و لا نفع لندم او صراخ او عويل حيث يكون البكاء و صرير الأسنان. هكذا فعل الله مع الغني الذي كان يتنعم و هو يرى لعازر الفقير يتعذب أمام منزله كل يوم . لم يعطف عليه ولم ينظر الى مذلته كان يرى الكلاب وهي تلحس جراحته دون ان تهتز له شعره. يأكل و يفيض منه الأكل و يعطيه للكلاب و لا يعطيه للمسيح الجالس يستعطي على بابه .. فلنحذر أن نفعل هذا نحن أيضا و نحن نرى شخص جوعان يخرج من الكنيسة مسرعا لأننا نبيع الطعام أو نضع صندوق بجانب الطعام ليتباهى الغني امام الفقير و لن ينفع اذا قلنا انه غذاء الأغابي " المحبة " حيث المحبة بريئة منه .اما نفسي و نفسك فقد تطلب في لحظة و تسمى المباغته كما سماها الرب
 
 يكتب القديس بولس عن حالة الناس في آخر الأيام قائلا أنه: «في الأيام الأخيرة ستأتي أزمنة صعبة، لأن الناس يكونون مُحبين لأنفسهم، مُحبين للمال، مُتعظِّمين، مُستكبرين، مُجدِّفين، غير طائعين لوالديهم، غير شاكرين، دنسين، بلا حُنوٍّ، بلا رِضَى، ثالبين، عديمي النزاهة، شرسين، غير مُحبِّين للصلاح، خائنين، مُقتحِمين، متصلِّفين، مُحبِّين لِلَّذَّات دون محبة لله، لهم صورة التقوى، ولكنهم مُنكرون قُوَّتها» (2تي 3: 1-5). أما عن الإيمان ، يضعف الإيمان جـداً: «متى جاء ابـن الإنسان، ألعلَّه يجد الإيمان على الأرض» ( لو 18 : 38 ).
 
   هذه هي الصورة الحقيقية لحالنا المزري بلا تزييف او مواربه ، فالوقت مقصر جدا ، فهل يخلص أحد ما ..
   المشكلة التي وقع فيها شعب الله في القديم هي هي المشكلة التي حكى لنا عنها بولس الرسول في رومية . ففي القديم و قف شعب الله عاجز امام الناموس فلم يستطع انسان واحد ان ينفذ وصايا الناموس فمن أخطأ في واحدة فقد صار مجرما في الكل و في بداية الكرازة صرخ بولس قائلا ويحي انا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت .. أريد أن أفعل الحسنى فلا أجد ، الإرادة حاضره عندي فالشر الذي لا اريده إياه أفعل على أن بولس الرسول إكتشف الحل فقد كشف له و للكنيسة سر الفداء فعاد ليقول لأن ناموس روح الحياة في المسيح قد أعتقني من ناموس الخطية والموت ..هذا بخصوص دور المسيحي الخلاصي ولكن تبقى مشكلتنا نحن أو دورنا نحن إن أهملنا خلاصا هذا مقداره ، يبقى الخوف من الموت والخطية مزروع في داخلنا حتى بعد انتصار المسيح عليهما وحتى بعد وجود ارادة النصرة داخلنا. كم من مرة وقفت امام احدى الخطايا و سمعت صوتا هادئا في اذني يقول "لا" "لاتفعل" فتجاهلت الصوت و أستمررت في الخطية ، و كم من مرة وقفت في مجلس ادانة أو مزاح على اشلاء المجروحين دون ان وعي بفداحة العثرة و كم و كم  .. إذا ما الحل؟
     كان على بولس الرسول أن يكتشف ماهو الحل الذي يجعل الإنسان ينفذ كل الناموس والوصايا و تعاليم الكتاب المقدس و كل ممارسات الصوم والصلاة والسهر الروحي و خلافه ، لقد اكتشف السر فصرخ قائلا " " المحبة هي تكميل الناموس " 
 
ياللعجب المسيح كمل الناموس بقصة حب " هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به " (يو3 : 16) و هكذا نحن يا أحبائي يجب ان نتمسك بهذا السر الخطير الذي تسقط أمامه كل موهبة روحية وكل عبادة بل وكل الخوف سواء من الخطية أو من الموت ..أصبح الإنسان الذي يحب من كل القلب لا يخشى الموت و لا الخطية و لا المجيء الثاني .
 
 إذا أردت أن تنام على سريرك مطمئناً غير خائف من الدينونة ، لا تنم كل يوم دون أن تسأل نفسك : كم شخصاً أحببته اليوم المحبة الحقيقية التي لا بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق ؟ كم شخصاً غفرت له ؟ كم شخصاً تنازلت عن حقك من أجل النجاة من الهلاك؟ لقد فطن القديس أغسطينوس لهذه الحقيقة العظمى فقال : " حب وأفعل ما شئت " . 
 
سألني صديق عزيز بعد أن إختارته النعمة الإلهية للكهنوت : أخاف أن يطلب مني دم كل إنسان في الكنيسة . أخاف من عِظم المسئولية الملقاه على عاتقي . ماذا أفعل؟ قلت له : " حب أد ما تقدر و إتضع أد ما تقدر.. ساعتها متخفش لا من خلاص الناس ولا من خدمتهم هو هايكمل ".
     أما أنا وأنت عزيزي فالمشكلة تكمن في أننا ندخل الى الكنيسة لنأخذ الحب بينما دورنا هناك أن نعطي و نقدم الحب للآخرين ، هكذا يكون دور المسيحي الحقيقي مهما كان موقعه في المجتمع سواء قائد أو مدير أو راعي أو خادم أو شعب . فقبل الصليب كان الشعب يريد أن يُحَب أما بعد الصليب فدور الشعب أن يُحِب و  هنا نكتشف سر الحب العجيب الذي أحبه الله لأعدائه و طالبنا أن نقدمه لأعدائنا أيضا .
 
 عندما يدَّعي شخص انه دخل الى كنيسة ما فلم يجد الحب أو يقول ان المجتمع المصري او القبطي لا يوجد فيه الحب ، أقول له أنه دورك الآن لتسرق الملكوت وتحب من لا يحبك أو أن تحب بلا مقابل فتصبح وصية المسيح إن أحببتم الذين يحبونكم فأي فضل لكم .
 
  يقول الكتاب لنا أن " المحبة تستر كثرة من الخطايا" ( 1 بط 4 : 8 ).. فمن يستر على الناس خطاياهم يستر الله خطاياه . كتب شخص لقداسة البابا شنودة منتقداً بعض الناس و قال متفاخرا بنفسه أنه معروف عنه بأنه يقول للأعمى أنت اعمى في وجهه. فكان رد البابا القديس عجيبا فقد قال له يا أبني داري على عماه حتي يداري الله على عماك فكم هو مطوب القديس مقاريوس الذي دارى على راهب زاني حتى يعطيه فرصة التوبة دون أن يفضحه أمام اخوته و في ذات الوقت حتى لا يقع اخوته في قضية الإدانه.
 
  ما أحلاها المحبة التي تمحو الخطية .. ما أحلاها المحبة التي : "تطرح الخوف خارجا" ( 1 يو 4 : 18 ) مفتاح الملكوت موجود فيها فإذا كنت تخاف من الموت وتشعر أنك غير مستعد هاهي الفرصه هنا في يدك ابحث عن شخص تمسح دموعه و تسدد احتياجه جرب أن تحب شخص يكرهك جدا و أن تغفر لشخص اساء اليك اساءة بالغة و قل ان ضمان الأبدية موجود في حب الشخص . جرب أن لا تنام و انت تعرف ان هناك شخص تعرف انه جعان او في اختياج شديد 
 
 لقد ذهب بولس الرسول لأبعد من هذا فقد قال : إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة و ليس لي محبة فقد صرت نحاساً يرن أو صنجاً يرن وإن كانت لي نبوة و أعلم جميع الأسرار و كل علم و إن كان لي كل الإيمان حتى أنقل الجبال و لكن ليس لي محبة فلستُ شيئاً و إن أطعمت الفقراء وإن سلمت جسدي حتى أحترق و ليس لي محبة فلا أنتفع شيئاً.
 
 لمن يجري وراء المعجزات و المظاهر ، اجري وراء المحبة التي تخلصك و بيتك و كما يقول أبينا القس داود لمعي : اِعرف انه لن يخلص انسان لا يحب الآخرين .. عندما سئل السيد المسيح عن أعظم وصية قال هي " المحبة" وعن آباء الكنيسة الأولين قيل : " لو رآك الله كسلان في العبادة ولكنك درَّبت نفسك على أن تحب الآخرين وتخدمهم فسيحرك الله قلبك و يزيل عنك ضعفاتك " .
 
     أحبائي الحديث عن المحبة يحتاج الكثير من الوقت والصفحات ولكن الخبر المفرح الذي أردت أن أزفه اليك هو ان مفتاح الملكوت في جيبك  وسأترك عزيزي القاريء مع هذا التدريب اليومي وهو أن تفتح كل يوم أصحاح المحبة وهو كورينثوس الأولي 13 و من فضلك كلما رأيت كلمة المحبة ضع اسمك بدلا منها و اقرأ الآية ثم كن أمينا مع نفسك ولتكن هذه الكمات هي ثيرموميتر حياتك : 
"الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، 5 وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤَ، 6 وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، 7 وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ"
 
أجمل ما سمعته عن المحبة التي ستدخلنا الملكوت هي التي لا تمشي فيها وراء قلبك بل تجعل قلبك يمشي وراءك  و معناها انك لا تحب الناس كما يقول قلبك وإلا لن تحب اعداءك و مبغضيك مهما حاولت بل عليك ان تجعل الحب يقود القلب وليس العكس ،  فالحب هو المفتاح الذي اعطاه المسيح لبطرس و سأله ثلاث مرات أتحبني .. الحب هو مفتاح البيت المُسجل بإسمك في السماء الذي أعطاه الله لكل من يُحب في وقت الكُره ، من يغفر في وقت البُغضة ، من يشكر في وقت التذمر .. هذا هو البيت الذي دُفع فيه ثمن زكي ، إله إرتضى أن يُذل بإرادته لينتصر لنا على الموت والشيطان والخوف . عزيزي إذا لم نستطع أن نقدم لله الكثير من العبادات والأموال فلنقدم له حب يساع كل نفس و يقبل كل شخص مهما بدا للناس أنه وضيع ، فقير ، متسخ ، جاهل يقبل كل شخص حتى ولو لا يتفق معاه في الفكر أو الإيمان فسيزن الله قلوبنا وحسب الوزن سيكون المجد.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter