بقلم : سري القدوة
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
نبارك للشعب الجزائري العظيم .. شعب الشهداء والبطولة والوفاء .. شعب التضحيات والمناضلين شعب ديدوش مراد والعربي بن مهيدي واحمد بن بلا وهواري بو مدين .. بالانتخابات وبهذا العرس الديمقراطي الذي شهدته ارض الجزائر بدون أي تعقيد وضجيج وبكل ديمقراطية وقف ابناء الجزائر ليختاروا من سيمثلهم وكان مشهد لطالما افتقدناه بالشارع العربي .. في عام 1992 شاهدت اول انتخابات بالجمهورية اليمينية وفي اثناء زيارتي للقاهرة شاهدت انتخابات برلمانية مصرية واليوم اشاهد وأتابع عن قرب انتخابات الجزائر التشريعية 2012 حيث حصلت جبهة التحرير الوطني على "حصة الأسد" من مقاعد البرلمان البالغ عددها 468 مقعدا، متقدمة على التجمع الوطني الديمقراطي الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى وتكتل الجزائر الخضراء الذي يضم أحزابا ذات توجه إسلامي ..
وللحقيقة يمكن أن نستخلص التجربة من هذه الانتخابات الجزائرية والتي جاءت بعد الربيع العربي والذي بات الخوف والقلق واضح علي الجميع من اختطاف الثورة العربية حيث جاءت الانتخابات الجزائرية لتؤكد حقيقة المنهج الواضح للثورة الجزائرية التي قدمت المليون والنصف شهيد وما تصريحات الرئيس الجزائري السيد عبد العزيز بوتفلقة بان عهد الشباب قد بدا سوى تأكيد علي أن الجزائر تشهد تطورا ونموذجا لبناء الدولة الديمقراطية بكل هدوء وواقعية وبعيدا عن الضجيج والصياح الاعلامي ومن اجل مستقبل واعد للجزائر والخير لشعبها الطيب .. وهنا اسمح لنفسي بان اتقدم بالتهاني الحارة والقلبية الي شعب الجزائر علي هذا العرس الديمقراطي الرائع الذي حققته انتخابات الجزائر بكل وضوح وهدوء لتعكس انتخابات الجزائر النموذج الوطني للثورة العربية ولتعود جبهة التحرير الوطني الجزائرية الي قلب الواجهة من جديد ولتؤكد بأنها لقادرة علي حماية انجازات الثورة وقيام الدولة الحديثة والمعاصرة .. فتحية كل التحية لمن صنع هذا النصر وأحرز هذا التقدم الواضح في انتخابات الجزائر .. تحية الي هؤلاء الذين عملوا بصمت لإنجاح التجربة وتعميق مفاهيم العمل الوطني والتي نقدرها عاليا ويجب العمل بها لتكون نموذج للعمل العربي المشترك بدلا من الضجيج والصراخ الذي طالما شاهدناه في العواصم العربية .. اننا نتطلع الي مستقبل افضل والي علاقة راسخة مع الثورة الجزائرية ثورة الدولة والحضارة التي تصنعها الجزائر وهي تتقدم لترسم معالم العمل العربي المشترك بخطوات واثقة ونبض الثورة الهادئ ..
هذا الانعكاس الوطني الذي أردت أن اسجله عبر هذه الرسالة لتكون عنوان العمل الوحدوي ومفهوم التنمية الديمقراطية خاصة علي الصعيد الفلسطيني حيث مازلنا نعاني بالساحة الفلسطينية من تجارب الانفصال والانقسام وما يمكن أن نستفيد منه في التجربة الجزائرية هو ضرورة أن نتوجه الي صناديق الانتخابات ليمارس شعبنا الفلسطيني ويختار من يريد وبكل حرية وديمقراطية .. وان تستمر تجربتنا الديمقراطية الفلسطينية حتى تتكامل وتنضح وان لا تكون الانتخابات عندنا لمرة واحدة كما يريد قادة حركة حماس وجماعة الاخوان المسلمين .. أن شعبنا الفلسطيني يعيش اليوم وضع سياسي صعب حيث يعد كل من المجلس التشريعي والرئيس الفلسطيني فاقدين للشرعية ناهيك علي أن حركة حماس احتلت قطاع غزة وتديره علي طريتها الخاصة .. فهذا المأزق السياسي بات لا بد من ضرورة الخروج منه حرصا علي الوحدة الفلسطينية ومن اجل المستقبل وأننا هنا ندعو كل اطياف العمل السياسي الفلسطيني الي الاستفادة من التجربة الجزائرية والعمل للتوجه فورا الي الانتخابات والعمل علي انهاء حالة الانقسام فورا بدلا من استمرار حركة حماس اختطافها لقطاع غزة وانفرادها في القرار الفلسطيني .. أن الشعب الفلسطيني يبارك للجزائر ولجبهة التحرير الوطني الجزائرية فوزها في الانتخابات الهامة التي شكلت محورا مهما علي صعيد العمل العربي وأعطت درسا لمن لا يتعظ ..
وان التجربة التي مورست في الجزائر هي تجربة مهمة نتمنى أن تعكس بظلالها علي المستقبل وان تكرس منهجا للوحدة والعمل العربي المشترك في ضوء هذا التقدم وهذه النتائج المهمة التي افرزتها انتخابات الجزائر ولتشكل قاعدة اساسية في افراز واقع عربي جديد وخاصة في ظل تلك الدول التي ما زالت تخوض معارك التحرير في كل من افريقا وبعض الدول العربية .. وفي ضوؤ ثورة الربيع العربي ومخاضها السياسي .. فتحية للجزائر ولشعبها هذا الانتصار تحية لقيادة جبهة التحرير والقواعد التي كان لها الفضل بان تحقق هذا العرس الديمقراطي الرائع والهادئ والجميل .. تحية الي الشعب الجزائري الذي صنع الانتصار الديمقراطي .. وانه اليوم الافضل لنا بالجزائر ونحن نتابع هذا الانجاز الوطني الهام والمهم لشعب الجزائر ولقيادة جبهة التحرير ..