الأقباط متحدون - مرة اخرى عن اختيار البابا ال118
أخر تحديث ٠٢:١٤ | الاثنين ١٤ مايو ٢٠١٢ | ٦ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٦٠ السنة السابعة
إغلاق تصغير

مرة اخرى عن اختيار البابا ال118


بقلم : د.صبرى فوزى جوهره
 
يعرف عن المصريين اعتيادهم المزمن على التحايل على القواعد و القوانين و القيام باعمال مخلة بالنظام العام المتفق عليه فى البلاد المتحضرة.

يكون ذلك احيانا طمعا فى مكسب كثيرا ما يكون ضئيلا بل ربما يصبح ضارا بصاحبه على المدى المتوسط او الطويل.و احيانا اخرى يفعلون ذلك لمجرد اثبات "الجدعنة" و انهم فوق القانون و ان القاون ده عملوه علشان نكسره. نحن, بلا فخر, اساتذة "الفهلوة"وخرم التعريفه ودهان المانكير على اظافر ارجل الناموسة السته. و يتبع هذا السلوك المعيب خطأ آخر لا يقل ضررا عن السابق هو اقناع الذات و الاخرين ان هذا الانحراف انما هو النسق "المعقول" الذى "يتناسب مع الظروف" و"تمشية الامور", فيصبح الاسلوب الخاطىء هو القاعدة الجديدة وتضيف الى اسباب المعاناة و التأخر التى تلاحق اقدم شعوب العالم. و كأن الحضارة التى نتشدق بها و نحن غارقون فى الوحل (كلمات مستعارة من استاذى العظيم الراحل الدكتور انور المفتى)هى فى التمادى فى ايذاء الذات و الغير. 
 
تتجلى هذه الصفات غير الحميدة فى الكثير مما نقوم به من اعمال شخصية او جمعية حتى لو لم يكن لها "لازمة" فتصبح الفهلوة و ما يتبعها من تخريب و فوضى مجالا للحديث و التندر و موضوعا للتفاخر فى حد ذاته و نتشدق علنا بما ابلينا فى تحطيم الاصول و ضرب عرض الحائط بالقواعد التى وضعت لتنظيم الحياة و جعلها اكثر سلاسة و اقل عناء للجمبع. فالاذان تحت قبة البرلمان و الاخذ و الرد فيمن تتوافر فيه شروط رئاسة مصر و اذا كانت والدته امريكانيه بحقيقى ام لزوم مؤامره على اسم الله عليه المحروس ابنها او الاصرار على اختلاق تبريرات لختان صغار الاناث الائى لا حول لهن و لا قوة بالرغم مما يعرفه الواقع و العلم و العالم باسره من وحشية و جرم هذا الفعل, و الاصرار على زيارة المدافن فى ايام الاعياد انما كلها بعض من مظاهر ما اقتنعت به منذ حداثتى بانك لو اردت ان "تدهول" شيىء و تقلبه رأسا على عقب اعطه لمصرى, ذلك بالرغم من اصرارى المطلق على التمسك بكل ما ارى انه جميل و مشرف فى اصولى و هويتى المصرية الصعيدية التى اعتز بتوارثها عن اربعة اجداد و من سبقهم من الاسلاف الى اجيال امتدت فى الماضى الى زمن سحيق.
 
اتطرق الان الى السبب المباشر الذى"صحانى فجأة" و دفعنى الى عرض ما كتبت عاليه "اليومين دول"رغم قناعتى القديمة والمزمنه به.

السبب فى هذه "الانتفاضة" الشخصية الفردية يرجع الى ما يتجمع فى الافق فى مجال اختيار البابا المصرى ال 118. باختصار شديد اعلن عدم ارتياحى لتجاهل القاعدة التى ارساها التقليد الكنسى بمنع اختيار الاساقفة لهذا المنصب الرفيع. و قد اضاف الى قلقى هذا ما عاصرته خلال سنوات صباى الاولى فى خمسينات القرن الماضى عندما كنت اقبع جالسا (مع الكبار) لاستمع الى الاحاديث و الاراء المتداولة عن متاعب الكنيسة فى زمن البطريرك يوساب الثانى و بعض من سبقوه حديثا من بطاركه وعن ضرورة و سبل الاصلاح. كان النقاش يجري بين والدى و بعض اراخنة الكنيسة المؤثرين العظام اثناء اجتماعات "جمعية الحياة القبطية الارثوذكسية" التى كان يترأسها الطبيب المحبوب و عضو مجلس النواب المصرى دكتور رمزى جرجس.

كانت اجتماعات الجمعية تعقد اسبوعيا فى منزل والدى نظرا لظروفه الصحية و رغبة من الاعضاء الاخرين الا يتغيب عنهم. اسسوا "جمعية الحياة" فى اواخر ثلاثينيات القرن الماضى لرغبة و اراده قوية منهم فى مشاركة العلمانيين فى الاصلاح و النهضة التى اجتاحت الكنيسة القبطية حينئذ. كان الهدف هوايضاح الاخطاء و العمل على تصحيحها و الدفع بالاصلاح الى الامام.

كانت للجمعية مجلتها الخاصة "رسالة الحياة" التى سجلت و نشرت هذه الاراء. عاصرت الحديث عن الصراع بين البطاركه و المجلس الملى, اما اكثر ما ترك انطباعا فى ذاكرتى هو الفساد المتشعب فى الدار البطريركية اثناء رئاسة البطريرك يوساب الثانى و خادمه (و ليس تلميذه) الشهير "ملك". يقال ان انبا يوساب كان مطرانا ناجحا لجرجا, و لم يكن احد يشك فى علمه فقد درس اللاهوت فى اثينا باليونان. اتذكر مدى التردى فى هيبتة و نفوذه حتى ان احد المطارنة (قتل بعد ذلك فى حادث انقلاب قطار) وصفه فى وعظه بالكنيسة بانه "ام القيح" التى يجب استئصالها حتى تستقيم امورالكنيسة. سمعت ذلك باذنى .

اعقب وفاة انبا يوساب فترة طويلة نسبيا خلى فيها الكرسى تعرضت فيها الكنيسة لمناورات العسكر بتوع 23يوليو الذين يعلم الجميع ان احدا منهم لم يضمر سوى النوايا السيئة لاقباط مصر و كنيستهم. وهنا ربما يجدر بى ان اشارككم ملاحظتى ان احدا من الاساقفة الذين رسموا بعد وفاة البطريرك يوساب الثانى لم يرغب فى ان يسمى بنفس الاسم! فهل هذا من قبيل الصدفه؟
 
اختيار رهبان مشهود لهم من رؤسائهم بالتمسك بتعاليم الكتاب المقدس (من غير فلسفه) و التقوى و طهارة النفس و الجسد و الروحانية و العلم و الطباع الشخصية الحميده التى لا رياء فيها و المحبوبة عند الجميع و الذين لم يكونوا موضع انتقاد لتاريخ قديم محمل بالعداء او الاخطاء او ما يشبه الاخطاء نحو الاخرين, هم فى رأيى المتواضع من يجب على لجنة اختيار البابا الحالية وضعهم حصرا على قائمة الانتخاب ثم القرعة الهيكلية. بذلك نكون قد ابتعدنا عن العادات المصرية المشار اليها اعلاه من الالتفاف حول التقليد الكنسى السابق الذى وضع عبر القرون لاسباب و رؤيا نافذة مخلصة لا تتوخى سوى صالح الكنيسة. و بذلك ايضا نبعد و نبتعد عن الباحثين بنهم عن الكرسى البطريركى المتطلعين اليه بشبق و هم ملطخون بعلاقات مشبوهه مع الحكام الفاسدين الضامرين كل الشر للكنسية و شعبها او مع غيرهم من خلق الله, سواء كان الامر حقيقة ام مجرد اقاويل.

يعنى باختصار:
هم الاقباط عدموا سبعة او خمسة رهبان كويسين علشان نطلع من جعبتنا من يحوم حولهم القيل و القال الا لو كان الموضوع هو اثبات لما ذكرت اعلى هذه السطور من ان المصريين سيد من يلتف حول القواعد و القوانين الراسخة لسبب شخصى غير قانونى او احيانا لمجرد اثبات"الجدعنه"؟ و مع ايمانى الثابت بعمل الروح القدس فى الكنيسة دائما,فاننى اتسائل: هل قمنا نحن بنصيبنا من العمل بما يرضى الروح القدس لنتوقع و نستجلب معونته و الهامه؟ اولى بنا ان نكون جديرين بهذه النعمة قبل ان نفترض انها ستمنح لنا تلقائيا بالرغم من نقائصنا التى مارسناها عن عمد. اعتقادى المتواضع جدا ان معونة الروح القدس لا تقدم لنا بدون استحقاق. الحكاية مش "توموتيكى"!
 
اما بعد ان يجلس على الكرسى البطريركى راع صالح محب للمسيح و لكنيسته و لشعبه, فعندئذ يجب ان نبدأ سريعا بادخال بعض التعديلات على لائحة انتخاب البطريرك الحالية بما تقتضيه متطلبات التغيير فى المجتمع والتى لا تمس التقليد الكنسى المسلم الينا مثل ضرورة التوسع فى اتاحة الفرصة لعلمانيين من فئات اخرى تضاف الى الصحفيين ( و بالمناسبة حكاية الصحفيين بس دى لها كلام تانى ربما تطرقت اليه مستقبلا ان لم يصلنى خبر حرمانى من الكنيسه نظرا لما كتبت اعلاه من هرطقات ضد آلهة دون الله), او ان يكون مرتب الناخب السنوى يزيد عن400 جنيه مصرى فى زمن اقل شحات واقف على باب اى زاوية بيطلع 400 جنيه فى الساعه!الى اخر هذه المعطيات الشاذه المقدورعليها.
 
قد يبدو من مقالى هذا انى قليل الادب و تعديت الحدود فى حديثى عن بعض رجال الاكليروس. حقيقة الامر هى اننى اكن كل الاحترام و التقدير و الشكر لكل الصالحين منهم بكافة رتبهم المبجلة, لهؤلاء العاملين منهم بكل تضحية بالذات على رعاية و خدمة قطيع المسيح, و لنا منهم فى كنيستنا الكثيرين. كل ما فى الامر اننى لا اعتقد فى الضحك على الناس و بالطبع على نفسى اولا. و شفيعى فيما اقول و اكتب هو حرصى الذى لا يتزعزع على سلامة الكنيسة و الحفاظ على هيبتها و رسالتها السامية الملقاة علي عاتقها من السماء.
 
لنكن مثالا لكافة المصريين فى التمسك بالقواعد المرساه و احترامها و ننفض عنا شبهات اللف و الدوران و الفهلوة و"الحداقة" لتحقيق اهداف شخصية مؤقتة كثيرا ما تجلب الدمار و الخراب.فاكرين حسنى مبارك خرب بلد بحالها علشان ايه: علشان يقعد الننوس بتاعه على الكرسى بعد ان لفق و غير و فصل القوانين لهذا الغرض فقط و فقط لا غير. حقيقة ان الاقباط مصريون للنخاع و لكننا ايضا ملح الارض.
 
انى اتوسم الشجاعة و القداسة و الحكمة و الغيرة و الصراحة فى شخص حضرة صاحب النيافة انبا باخوميوس القائم مقام البطريركى, و ارجو ان يوفقه الرب فى ان يسلم مقاليد الكنيسة الى افضل الرجال قاطبة.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع