الخميس ١٧ مايو ٢٠١٢ -
٤٦:
٠٩ ص +03:00 EEST
بقلم: د. رأفت فهيم جندى
من امتع حصاد ثورة 25 يناير هو مناظرة مرشحى الرئاسة المصرية، هذا الحدث الذى نقلته الكثير من وسائل الأعلام المقرؤة والمرئية لجميع انحاء العالم، وكما قالت مذيعة مشهورة مستعيرة من تعبيرات الاناجيل "طوبى لمن جعل هذا اليوم فى مصر" وكانت بالطبع تعنى شهداء وشباب مصر الذين ثاروا على نظام مبارك واصحابه اجمعين، ولأول مرة لا يعلم المصريون من هو الرئيس القادم لمصر.
كانت المناظرة بين "عمرو موسى" المحامى المتمرس فى العمل الدبلوماسى وبين "عبد المنعم ابو الفتوح" المتلون المبادئ فكانت النتيجة هو كشف زيف "ابو الفتوح" وفضح تلونه.
ابرز المحامى العتيق "موسى" للمشاهدين تناقض "ابو الفتوح" فى رأيه فى تحول المسلم إلى المسيحية، حيث أن "ابو الفتوح" تلون من قبل بأنه من مشجعى حرية العقيدة لكى يكسب المسيحيين والمسلمين الليبراليين، ولكن الحال اختلف عندما اعلن السلفيون تأييده فلم يستطع أن يستمر فى ادعائه لأن هذا سيفضهم من حوله، فغير كلامه وحوره وتناقض مع نفسه، وتوجيه هذا السؤال من "موسى" جعل "ابو الفتوح" خاسرا فى كل الاحوال سواء اجاب بـ "نعم" ام بـ "لا" او راوغ او امتنع عن الأجابة، ولكن "ابو الفتوح" اختار الكذب كعادة السلف للرجوع عن ما قاله من قبل، ولتفضح بعدها البرامج التلفزيونية ومواقع النت تناقضه.
كما ان "موسى" اوقع "ابو الفتوح" فى انكار ما كتبه من قبل عندما واجهه بكتابته عن تبنيه افكار العنف والارهاب من قبل، ولقد كان فى مقدور "ابو الفتوح" الادعاء بأن هذا كان فى الماضى، ولكنه اختار أنكار أن هذا كان تفكيره الشخصى ملقيا به على باقى الجماعة، وربما يكون "ابو الفتوح" قد نسى ما كتبه وربما ما فعله من قبل فى افغانستان.
اصوات الأقباط واللبراليين موزعة بين "شفيق" و "موسى" والبعض يفضل "صباحى" واخرون "الحريرى"، وان كان هذا التنوع صحى ولكنه ايضا يحمل خطورة وصول احد هؤلاء الاسلاميين الذين لا يؤمنون بحرية الآخر ويريدون تكبيل وتكميم المجتمع والعودة بمصر إلى العصور البدائية، وها هى مناقشاتهم فى مجلس الشعب تفضحهم بين ختان الأناث ومضاجعة الزوجة المتوفيه، وكأن الأمن قد استتب والعشوائيات قد زالت واطفال الشوارع وجدوا مأوى والعاطلين قد تم توظيفهم وتضاعف الأنتاج والأستثمار وارتفع دخل الفقير.
والفريق "أحمد شفيق" ليس الأمثل فى نظرى ولكنه الأصلح فى هذه المرحلة، فهو الذى سيجعل المجلس العسكرى ينسحب من الحياة السياسية بسلاسة اكثر ويختصر الجهد السياسى للأهم، و"شفيق" مميز عن غيره انه اكثرهم علما بخبايا الأسلاميين المهددين للأمن والأقدر على تحجيمهم، وهو ايضا ذو خبرة ادارية داخلية طيبة ولهذا اختاره "مبارك" فى محاولته الأخيرة للبقاء امام الثورة، ومن السذاجة أن يظن البعض أن كل مااختاره او فعله "مبارك" كان فاسدا، وفى هذا فقط اقول انى من الفلول.
ليرعى الرب مصرنا الحبيبة ويختار لها الأفضل بعلمه هو وليس بمقايسنا البشرية.
رئيس تحرير جريدة الأهرام الجديد الكندية