في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري

عُقيل: هناك بُعد إنساني مُلح في ظل جائحة كورونا لمنع حالات الاختفاء القسري
 
الثلاثون من أغسطس من كل عام يُصادف اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسرى، واستناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 206/665 المؤرخ في 21 ديسمبر 2010، أعربت الجمعية العامة عن قلقها المتصاعد إزاء ازدياد حالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي فى عدة مناطق بالعالم، بما في ذلك الاعتقال والاحتجاز والاختطاف، وذلك عندما تتم فى إطار الاختفاء القسرى أو تعد اختفاء قسرياً فى حد ذاتها، وقد رحبت الجمعية العامة للأمم المتحدة - في القرار نفسه - باعتماد الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري ، كما قررت أن تُعلن 30 أغسطس يوماً دولياً لضحايا الاختفاء القسري يُحتفل به اعتباراً من عام 2011.
 
وتأتى تلك المناسبة العالمية تزامناً مع تلقى مؤسسة ماعت عبر بريدها الإلكترونى رسالة من السيد محمد أحمد أرزيق، تُفيد بأن أخيه، عبد الرزاق أحمد أرزيق مُختفى قسرياً منذ أواخر شهر مايو 2020، فى دولة قطر، وقد أُفيد بأن ثلاثة أشخاص يرتدون الزي المدنى قد أخذوه إلى جهة مجهولة، وقد تم إخباره أنه فى مركز تابع لأمن الدولة القطرى، ولم يتمكن من العثور على أخيه أو التأكد من مكان وجوده إلى الآن، وبالطبع، فالحال لا يختلف كثيراً فى تركيا الدولة الحليفة لقطر فى دعم الإرهاب وإيواء الإرهابيين، حيث أنه تم الإبلاغ عن 25 حالة مختفية قسرياً فى تركيا منذ العام 2016، وقد لوحظ أنها حالات متشابهة من حيث نمط الاختفاء، وإحجام السلطات وتقاعسهم عن التحقيق فيها، وفضلاً عن كون المختفين ينتمون جميعهم لمنظمة فتح الله جولن، والتي تتهم الحكومة التركية بتدبير انقلاب 15 يوليو 2016.
 
تجدر الإشارة إلى أن اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري يُصادف أيضاً الاستمرار التعسفى للنظام الإيرانى لأكثر من ثلاثين عاماً فى التقاعس عن الإعلان عن مصير الآلاف من الأشخاص الإيرانيين الذين قتلوا سراً فى مجازر السجون في العام 1988، والتى لا تزال أسرهم تشعر بالألم العميق والحزن الشديد لجهلهم بمصير المفقودين من ذويهم وأحبائهم، فلم ترجع السلطات الإيرانية إلى العائلات أى من جثث ضحايا عمليات القتل خارج نطاق القانون فى العام 1988، بالإضافة إلى رفضها إبلاغ معظم العائلات بمكان دفن الجثث، وهو ما يعد انتهاكاً للقانون الدولى الإنسانى، ولابد لنا أن ننوه إلى أن كلاً من دولة قطر وتركيا وكذلك جمهورية إيران الإسلامية لم ينضموا بعد إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى؛ وذلك فى محاولة منهم للالتفاف والتهرب من إلزاميات القانون الدولي والمواثيق الإنسانية التي تفرض احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
 
وقد أكد أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت فى هذا الصدد على ضرورة مراعاة البعد الإنسانى المُلح؛ لمنع حالات الإخفاء القسرى، وخاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التي تفرضها جائحة كورونا، وقد طالب عقيل، الحكومات المعنية بتزايد حالات الإخفاء القسري فيها بضرورة التحرك العاجل والبحث عن الضحايا دون تأخير، وكذلك حث كافة الدول للانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسرى، وأيضاً دعا الحكومات المختلفة للتعاون مع اللجنة الدولية المعنية بحالات الاختفاء القسري والاعتراف باختصاصها؛ لتلقى وبحث البلاغات المُقدمة من الأفراد والدول، وذلك بموجب المادتين (31، 32) من الاتفاقية، بهدف تعزيز الحماية من حالات الاختفاء القسرى.
 
وجديراً بالذكر، أن مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، وهي مؤسسة ذات صفة استشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة قد تلقت عبر بريدها الإلكترونى عدة رسائل من أقارب أشخاص تم إخفاؤهم قسرياً فى كلاً من دولة قطر، وتركيا، وفضلاً عن جرائم نظام الملالي الإيراني المتلاحقة فى هذا الأمر، وقد أملى عليها واجبها الإنسانى أن تقوم بتدويل تلك القضايا أمام مجلس حقوق الإنسان، وإرسال الشكاوى إلى خبراء الأمم المتحدة المعنيين، واللجنة الدولية المعنية بحالات الاختفاء القسرى، وتطالب ماعت المجتمع الدولي بضرورة التحرك العاجل من أجل وضع حد للانتهاكات السافرة التي تقوم بها بعض الدول -التى لا تخفى على أحد- تجاه المواطنين والمقيمين على أراضيها، وندعو تلك الحكومات إلى ضرورة التحقيق المُعلن فى تلك القضايا، وتوضيح أماكن وأسباب اختفاء تلك الحالات، ومعاقبة الجناة، وتعويض الضحايا وذويهم عن الأذى الواقع عليهم من جراء هذا الانتهاك المُجحف بحق أبسط حقوق الإنسان في العيش بحرية.