الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٢ -
٤٥:
١٠ ص +02:00 EET
بقلم: د.وجدي ثابت
ما هو تصور الرئيس القادم
تساؤلات عديدة يجب ان تطرحها وسائل الاعلام المختلفة على المرشحين للمرحلة النهائة للرئاسة قبل الإعادة حتى نساعد المواطنين على الاختيار عن و عى و معرفة. فيجب ان نسال مرشحينا عن تصوراتهم حول المسائل التى تمس سلامة و توازن النظام الدستورى المصرى فى المرحلة القادمة.
و تتلخص هذه الأسئلة فى أمرين يجب ان تطرق إليهما المناظرات السياسية و الدستورية بين المرشحين للإعادة
الموضوع الاول هو التوازن بين السلطات و كيفية تحقيقه : و هو ما يستلزم ان كل سلاح يعطى لسلطة للتأثير او التدخل فى مجال السلطة الاخرى يجب ان يقابل بسلاح اخر مساو فى القوة و مضاد فى الاتجاه يعطى للسلطة الاخرى و بصورة مقابلة. فهذا هو مقتضى الفصل المرن بين السلطات. فإذا
كان البرلمان يملك سحب الثقة فى الحكومة على النحو التقليدى فى النظم البرلمانية فلا يسوغ منطقا و لا يجوز دستوريا ان يقوم هو بتعيين او تشكيل الحكومة لانه ليس من المتصور ان يراقب الحكومة و يسحب الثقة من وزراء اختارهم هو بنفسه لان من غير المعقول ان يطرح الثقة عن محض اختياره و ان يعلن بنفسه فساد هذا الاختيار. و من هنا كان من المتعين دستوريا ان تكون الحكومة مستقله عن البرلمان ولا تعين منه. فهذا شذوذ لا يعرفه النظام البرلماني الحديث . و تبعا فالحكومة تعين بقرار من رئيس الجمهورية و حسب و امنها تظل مسئولة امام البرلمان، و طالما يقوم البرلمان باستجواب و مساءلة الحكومة و رقابتها فهذه السلطة الطبيعية للبرلمان تقابلها سلطة تقليدية لرئيس الجمهورية فى حل البرلمان بشروط و قيود محددة. ان المسالة لا علاقة لها ألبته إذن بالأهواء الشخصية او برغبة آثمة بالاستئثار على جميع السلطات بلا حدود من سلطة مقابلة و انما الامر يتعلق بطبيعة النمو ذج الذى نختاره لنظامنا السياسي. و تبعا فمن العبث ان نأخذ السلطات التى تروق لنا من النظام البرلماني القائم على توازنات دقيقة و نترك ما يروق لنا من العناصر الاخرى التى تصنع توازنه و سلامة سيره و صحة الديمقراطية.
الموضوع الثانى الذى يجب ان يطرح على المرشحين بصراحة كاملة و بلا مواربة هو مدى تعهدهم بالحفاظ على تقوية اختصاص المحكمة الدستورية العليا من اجل الحفاظ على سيادة القانون و على رقابة القضاء على المشروعية.
فمصر من الدول الرائدة فى العالم فى مجال الرقابة القضائية التى يمارسها مجلس الدولة المصرى على اعمال الادارة و المحكمة الدستورية العليا على التشريع الصادر من البرلمان. و تكاد تتوازى مصر مع فرنسا فى التطور القضائي و اشهد كأستاذ قائم بتدريس القانون العام فى فرنسا بان مصر سبقت فرنسا فى بعض اتجاهات الرقابة القضائية على اعمال الادارة و المشرع. و مع ذلك فمن الواجب تطوير نظامنا الرقابى و تعضيده لانه حاليا يعانى من القصور فى مجالات محددة : المجال الاول هو رقابة دستورية التشريع السابقة على صدور القانون التى لايمكن الا تكون ملزمة للبرلمان كاى حكم قضائي
صادر من القضاء الدستورى . وكل محاولة لإضعاف القضاء الدستورى بتجريده من القوة الملزمة لأحكامه لهى محاولة ضد تطور هذا القضاء فى جميع النظم بال التى تتبنى الرقابة على دستورية القوانين و التى و نحت نحو تحول هذه الرقابة من رقابة سياسية الى رقابة قضائية بالمعنى الكامل للكلمة.
و لا شك ان تحولنا اليوم الى مجرد رقابة سياسية غير ملزمة كما رأى البعض لهو فى نظرنا ردة الى الخلف على عكس اتجاه تاريخ التطور القانوني فى العالم. و تبعا فمن الضرورة ان نعرف اتجاه المرشح فى هذا الشان و نسأله سؤال واحد: هل يكفل تدعيم سيادة القانون من خلال الرقابة الدستورية السابقة على صدور التشريع و الملزمة للبرلمان كما هو الحال فى بلاد اخرى ام سوف يؤيد المشروع الذى سحبه النائب الذى اقترحه تحت ضغوط القضاء و أستاذه القانون.
اما المجال الثانى فهو الرقابة القضائية التى يجب ان تتبناها حاليا على موافقة التشريع للمعاهدات الدولية المتعلقة بالحقوق و الحريات العامة. و المثل ألمحت ذى فى هذا الشان هو الرقابة اللاحقة التى يمارسها ألقاضى العادى و الادارى على مشروعية اعمال الادارة و غيرها من السلطات فى مواجهة الاتفاقيات الدولية التى صدقت عليها مصر بالفعل و أدرجتها فى نظامها القانوني با تفعيل . فهدف هذه الرقابة هو تفعيل الضمانات الدولية المانحة لحقوق و حريات للأفراد. فالثورة المصرية تنشد المزيد من الحريات و ليس قمعا و هو ما لا يتأتى الا من خلال حماية الحريات و ذلك اولا من خلال الرقابة القضائية على النحو المذكور سلفا و من ناحية اخرى من خلال التزام رئيس الجمهورية بالحفاظ على سيادة القانون برفض اصدار كل تشريع يقوض الحياة القانونية للحريات الاساسية للمواطن.