بقلم: د. رأفت فهيم جندى
فى معظم تاريخ كندا عندما كان حزب اللبراليين يحكم من العاصمة اوتاوا، كان سكان مقاطعة اونتاريو ـ اكبر مقاطعات كنداـ ينتخبون حزب المحافظين لحكم اونتاريو. وعندما يصل المحافظون للحكم الفيدرالى فى اوتاوا فأن اونتاريو تنتخب اللبراليين، اى ان سكان اونتاريو يحرصون على ان تكون حكومة المقاطعة خلف خلاف للحكومة الفيدرالية، لأن ذكائهم ووعيهم الأنتخابى لا يسمح لهم بترك الحبل على الغارب لهوية أى حزب فى ان يكون مسيطرا على الحكومة الفيدرالية والمحلية فى نفس الوقت لمنع سوء استغلال السلطة.
فى مصر أتت جماعة الأخوان المسلمين لأغلبية مجلس الشعب ومجلس الشورى، كما أن الأخوان متغلغلين فى الشرطة والجيش والقضاء، وكما رأينا مهازل جلسات مجلس الشعب نرى مساخر أحكام بعض القضاة الأخونجية مثل قضية ابو قرقاص والبارومى وغيرهما، ولكن الكارثة الكبرى ستكون لو سمح ذكاء المصريين برئيس اخونجى ايضا للدولة لكى تقع كل عناصر السلطة بين براثن أنيابهم.
بعض المثقفين يخشون من وصول الفريق شفيق للحكم لعدم اعادة نظام مبارك، وهذا الخوف له ما يبرره، ولكن الخوف الأكبر المرعب لمصر كلها أن يتحكم هؤلاء الأخوان فى كل مصر ويصير مرشد الأخوان هو "خومينى او خامينى" مصر مع صبغ كل علماء الازهر كذلك بصبغة الأخوان، وذكاء المصريين فى الأختيار هو الآن محك اختبار.
عصر مبارك انتهى بغير رجعة من ميدان التحرير وبتحديد مدد الرئاسة ولا يستطيع شفيق او غيره ان يعيده، بل سيرث شفيق كتلة مشاكل لن يستطيع اى عبقرى أن يحلها فى مدة الأربع سنوات الآتية، وربما سيحدث بعدها سخط شعبى على شفيق بسبب هذا وربما لن يعاد انتخابه، وسيأتى بعده حمدين صباحى او خالد على او الحريرى اوغيرهم، وربما ادخر الرب احد هؤلاء لمرحلة مقبلة، لأن امام مصر سنوات طويلة للأصلاح الذى لن يأتى مطلقا لو اتى الأخوان للسلطة، لأن جل اهتمامهم هو تحجيم الفن والابداع والعودة لعصر الخيام والمسواك وايضا تقييد الأناث بل وختانهن.
بعض من شباب الثوار المتحمس يظن انه يستطيع أن يصل لأتفاق مع الأخوان بالرغم أن الأخوان لم يحترموا عهدا منذ تاريخهم الدموى الطويل، وايضا بمجرد وصولهم لمجلس الشعب خانوا ثوار التحرير ووصفوهم بتعاطى المخدرات وبرروا سحل وتعرية السيدات فى شارع محمد محمود، والأحدث من هذا أن وجود مرشح رئاسى للأخوان الآن هو نكوص عن تعهدات سابقة لهم، وفى وصف هؤلاء الأسلاميين لا اجد اروع من ابيات الشاعر احمد شوقى:
برز الثــــعلب يوما في ثياب الواعظــــين
يمشى في الأرض يهدى ويسب الماكرين
و يــــــقول الحمـــــد لله إلــــه العالمــــين
يا عبـــــاد الله توبوا فـهو كهف التـــائبين
وازهـــــدوا فإن العيش عيش الزاهـــدين
و اطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصـــبح فينا
فأتى الديك رسولا من إمـــــــام الناسكين
عرض الأمر عليه و هو يرجــوا أن يلينا
فأجاب الديك عذرا يا أضـــل المــــــهتدين
بلغ الثعلب عني عن جدودي الصــــالحين
عن ذوى التيجان ممن دخلوا البطن اللعين
أنهم قالوا و خير القـــول قول العارفيــــن
مخطئ من ظـــن يومـــا أن للثــــعلب دينا