الأقباط متحدون - مذبحة القضاء ومذبحة العدالة
أخر تحديث ١٣:١٩ | الخميس ٧ يونيو ٢٠١٢ | ٣٠ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٨٤ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

مذبحة القضاء ومذبحة العدالة

بقلم: حنا حنا المحامي

 فى أول سبتمبر سنة 1969 صدر قانون اسمه "إعادة تعيين السلطه القضائيه".  وطبقا للقانون المذكور تم استبعاد"أى عدم تعيين" القضاه أو رجال النيابه الذين كانوا ينتقدون النظام وعلى الاخص وأد الحريات.  والتاريخ يذكر هذه الواقعه ب"مذبحة القضاء".  وكأن ذلك القانون كان يخرج لسانه لهؤلاء الذين تجرأوا على نقد النظام ويقول لهم "هل تعتقدون أن من حقكم نقد الالهه لأن لكم حصانه؟"  ومنذ ذلك التاريخ أدرك القضاه أن بينهم من ينتمى للنظام السرى الذى يشى بكل نقد أو رأى لرجال القضاء مخالف لرأى الالهه.  وكانت هذه الحقيقه بداية اللأخلاقيات التى تفشت فى قضائنا الذى كان شامخا..

 
سبق تلك المذبحه واقعة المستشار لطف الله.  طلب منه رجال الثوره بكل تبجح أن يصدر حكما يخالف حكم القانون فرفض المستشار الشريف أن ينصاع لهذا الامر مهما كلفه من أمروأصر عليه.  كانت النتيجه أن هجم عليه رجال النظام فى بيته وحملوه ألى سطح العماره وألقوا به فى عرض الطريق ليصطدم بالارض فاقد الحياه.  ثم أعلنوا بالبنط العريض فى الجرائد أن المستشار لطف الله قد انتحر أى "انتحروه".  وهكذا صرعت العداله ووجد الظلم والجهل من النفوس الضعيفه من يتبنى هذه المبادئ الهدامه بل والوضيعه.  وتم تعيين المستشار الذى سمح لضميره أن ينطق بالحكم المطلوب.
 
فى إبان الثوره المباركه طلب رجال الثوره الغير أجلاء من الدكتور السنهورى أمرا معينا ليقننه رغم أنه يجافى كل القواعد القانونيه.  هذا الفقيه العظيم الذى لا زالت مراجعه تتصدر المراجع القانونيه بل والذى كانت تشيد به فرنسا, رفض أن ينصاع لاوامر رجال الثوره غير الاجلاء.  فما كان منهم إلا أن ضربوه بالحذاء, نعم بالحذاء, مشددين على أن القانون هو الذى يتفوه به الرئيس "المفدى من فضلك".  ولم يكن استعمال الحذاء إلا تعبيرا عن المستوى الفكرى والاخلاقى الذى يتمتع به الساده الثوار.  وغنى عن البيان أن تلك العقليه هى التى أودت بمصر إلى الخراب والدمار والهزيمه.
 
فى عهد السادات
 
فى عهد السادات وعقب النصر الذى حققه ضد اسرائيل استغل فرصة أن العالم كله كان يشيد به ويلقبه برجل الحرب والسلام بعد أن توجه ألى إسرائيل وطلب منها الصلح.  استغل السادات ذلك الاعجاب العالمى وانفرد بكل أخلاق بالمسيحيين فأطلق المتطرفين لقتل أصحاب محلات المجوهرات المسيحيين ليحصلوا على التمويل الكافى لارتكاب جرائمهم. ويتعين أن نذكر أن تجار المجوهرات الضحايا لم يكن لديهم سلاح أو وسائل الدفاع عن النفس كما أنهم لم يكونوا متطرفين يثيرون الجناه.  وهكذا كانت ترتكب أخس أنواع الجرائم:  مسلحون يقتلون أصحاب محلات, ينهبون كل ما تحويه محلاتهم من ثروات سواء كانت مجوهرات أو أموال نقديه وفى حماية النظام والقانون والحاكم.   ومما يذكر أن ذلك لم يكن إلا لأسباب دينيه ودوافع دينيه ومبررات دينيه أيضا.  ولما كانت الجريمه لا تثمر ألا جريمه فقد نجح هؤلاء الجناه فى قتل السادات نفسه.
 
فى عهد مبارك والعادلى
 
فى مطلع الالفيه الثالثه –فى عهد طيبى الذكر العادلى ومبارك- حدث نزاع طفيف بين مسيحيين ومسلم فى قرية الكشح بصعيد مصر, ولكن كان هذا المسلم صاحب نفوذ فقرر أن ينتقم من كل المسيحيين بالقريه.  وفعلا أغلقت القريه بحيث يستحيل الهرب منها وشرع الجناه فى قتل المسيحيين فقتلوا واحد وعشرين مسيحيا منهم نساء وأطفال.  أحيل الامر ألى القضاء بطبيعة الحال وقبض على بعض الاشخاص الذين وصفوا بأنهم جناه "كده وكده".  وأحيل الجناه المصطنعين ألى المحكمه فحصل كل الجناه على البراءه فيما عدا واحد فقط لأنه كان يحمل سلاحا غير مرخص. فحصل على حكم بسبب حمل السلاح غير المرخص وليس بسبب القتل والدمار والخراب.  والبادى أن الواحد والعشرين هم الذين قتلوا أنفسهم بما فى ذلك الاطفال.
 
فى أحدى قرى الصعيد شاب ماجن مسيحى شهر بصورة فتاه ماجنه مسلمه.  ثار المسلمون وأرادوا أن ينتقموا لشرف المسلمه.  توجهوا لقتل الشاب فلم يجدوه.  وإذ وجدوا الاب قتلوه وقطعوه إربا.  إحيل الجناه الاربعه إلى المحاكمه.  صدر للاربعه حكم بالبراءه.  بفرض أن القضاه طبقوا الماده الثانيه المشئومه من الدستور, فإن الشريعه الاسلاميه تقول "لا تزروا وازرة وزر أخرى".  فمن ثم لا يجوز طبقا للدين الاسلامى قتل الاب البرئ, كما أن قتله يعتبر جريمه بكل المقاييس حتى طبقا للدين الاسلامى لان الجناه لم ينتقموا من الجانى بل من شخص آخر حتى لو كان والده.  وهكذا صدر الحكم مخالفا للشريعه الاسلاميه والماده الثانيه ولكن يناسب روح التعصب والكراهيه التى تفشب فى القضاء.
 
فى ليلة ميلاد 2010 أى فى فجر عيد الميلاد المجيد هجم ثلاثة على الشباب أثناء خروجهم من قداس عيد الميلاد وقتل "الثلاثه" سبعة من خيرة شباب مصر وهم خارجين من الكنيسه.  لم يكن لدى هؤلاء الشباب سلاح, ولم يكن بينهم وبين الجناه أى صله.  قبض على الثلاثه لانه حسب القانون كانوا مشتركين فى ارتكاب الجريمه.  وقد كان رئيس الثلاثه وهو معروف بأنه خارج عن القانون واسمه الكمونى.  قضى على الكمونى بالاعدام أغلب الظن لأنه كان خطرا على رجال الامن ورجل مجلس الشعب.  حكم عليه بالاعدام أما الشركاء الآخرين فقد حكم لهم بالبراءه.  من المعروف قانونا "لا مؤاخذه" أن الشريك فى الجريمه يكون بالتحريض أو المساعده أو الموافقه.  على أبسط الفروض كان الاثنان اللذان فى صحبة الكمونى شركاء بالموافقه  ولكن هذا لا يهم ويكفى واحد يعدم مقابل سبعه من "الكفار"
 
فى ليلة رأس سنة 2011 حدثت أبشع جريمه عرفتها مصر وهى تفجير سياره بها متفجرات أثناء خروح المصلين من كنيسة القديسن بالاسكندريه.  وقتل فى هذا الحادث الاليم العشرات من المسيحيين كما أصيب ما يقرب من المائه من المسيحيين أيضا.  العداله العظيمه لم تتعرض لهذه الجريمه حتى كتابة هذه السطور.
 
هذه مقتطفات بسيطه من الجرائم البشعه والاحكام التى صدرت ضد الجناه فى الجرائم التى كان ضحاياها مسيحيين.  
 
ما أشبه اليوم بالبارحه
 
فى قرية أبو قرقاص حدث نزاع بين مسيحيين ومسلمين تم على أثره أن خرب المسلمون بيوت العديد من المسيحيين وحرقوها.  فى القريه محام كان فى القاهره أثناء النزاع.   فى خضم المعركه قتل إثنان من المسلمين.  بعد محاكمه صوريه صدر حكم يقضى بالمؤبد ضد كل المسيحيين وعددهم 12وبراءة كل المسلمين.  نعم ........... "كــــــــــــــــــل".  بما فى ذلك المحامى الذى كان فى القاهره وقت النزاع.
 
وهنا لنا وقفه:  إذا كان هذا الحكم يطبق الماده الثانيه المشئومه طبقا لمبدأ "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" فقد نسى الحكم أن رسول الله (ص) سئل : كيف أنصر أخى ظالما؟  فقال رسول الله (ص) "بأن ترده عن ظلمه".  أى أن الظلم مرفوض فى كل الاديان وفى كل الحالات. 
 
وبعد ...... هل قدر لمصر أن تعيش فى ظلام الظلم وإظلامه أم أنه قدر للعداله أن تصرع؟  ولا يسعنى إلا أن أقول: "ويل لامة ضاع العدل فيها".

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter