الأنبا إرميا
تحدثت المقالة السابقة عن أحدث التطورات الذي يشهدها عصرنا الآن، عندما أعلن Musk اختراع شريحة إلكترونية تركَّب في الدماغ البشرى؛ بهدف التحكم في المخ لرفع كفاءة الإنسان سواء على المستوى الصحى أو في مقابل الذكاء الاصطناعى الذي يراه Musk خطرًا على الإنسان شديدًا. وقد ذكرنا عددًا من إيجابيات هذه الشريحة، إلى جانب أخطارها وأهمها إمكانية حدوث اختراق في الشريحة خارجى للتحكم فيها، أو لسرقة بيانات أصحابها.
كذلك أعلن Musk أبحاثًا مستقبلية عن هذه الشريحة- تُعد لها شركة Neuralink- تهدف إلى دراسة عدد من الاهتمامات بالطبيعة البشرية ومكنوناتها، مثل: الوعى البشرى Human Consciousness وكيفية عمله؛ والأمور التي تميز البشر عن المخلوقات الأخرى، وعن الآلات التي تعمل ربما بكفاءة عالية. أيضًا من خُطة الشركة في تطوير هذه الشريحة ابتكار قدرة التحكم في المشاعر الإنسانية كإلغاء الشعور بالألم والحزن، والتحكم في أحلام الإنسان، وما يحمله من ذكريات وقدرة تخزينها واستعادتها في الوقت الذي يرغبه الشخص، إلى جانب إمكانية حذف ما لا يرغبه من أحلام أو مشاعر مؤلمة!.
أيضًا من التطورات الخاصة بالشريحة، رفع القدرات البشرية مثل تحقيق مدى بصرى أو سمعى بعيدين، إضافة إلى إمكانية التخاطر والتواصل بين البشر، مثلما يحدث بواسطة الهواتف المحمولة، بشرط موافقة الطرف الآخر على التواصل. أمّا عن أخطار الذكاء الاصطناعى، فيُعد أحد المجالات المهمة للدراسة من أجل رفع كفاءة الإنسان والقدرة على التحكم فيه. كانت هذه هي بعض الأهداف الجارى العمل على تنفيذها وفق خُطة وضعتها الشركة مستقبلاً.
وفى مقابل ما قدمه Musk، يُطل علينا الجانب الآخر مشروع شركة «جوجل» الذي يطلَق عليه «دماغ جوجل Google Brain»، وقد بدأ عام 2011م حين طرحته الشركة هادفةً إلى توظيف الذكاء الاصطناعى من أجل خدمة البشر، بتحويل جميع الآلات التي يستخدمها الإنسان إلى آلات ذكية، تحقق له طموحاته في حياة أيسر وأفضل، حسبما أعلنت الشركة. ويجمع المشروع عددًا من العلماء، منهم عالم الحاسوبJeff Dean والعالم Andrew Ng المتخصص بالذكاء الاصطناعى. وقد أُعلن أن الأمر سيوجَّه إلى المجال التعليمى، بحسب ما بثته شركة جوجل: (من المتوقع أن يستحوذ «دماغ جوجل Google Brain» مستقبلاً على العقل البشرى، ويؤدى المهام الموكولة إليه بكل كفاءة، إذ توجه شركة «جوجل» أنظارها نحو إدخال شرائحها في الدماغ البشرى؛ حيث سيعود ذلك بالنفع عليه في رفع قدرته على حفظ المعلومات وتلقيها واستيعابها ونقلها؛ وبهذا تصبح «جوجل» بمنزلة مساعد متضمن في الجمجمة البشرية، توظَّف عند ظهور الحاجة إلى الحفظ والتعليم وغيرهما)؛ وهذا يعنى أن سعيًا ما في المستقبل القريب لإدخال الذكاء الاصطناعى في المجالين العلمى والدراسى، يهدُف إلى رفع كفاءة الطلاب الذين تعترضهم مشكلات التعلم وصعوباته، بتأكيد أن «الذكاء الاصطناعى يعزز كفاءة الطالب في المدرسة، ويأتى له بمزيد من المهارات التعليمية التي لم تكُن لديه مسبقًا». وكما تذكر شركة «جوجل»، فإن فكرة زراعة شرائح من «دماغ جوجل» في الدماغ البشرى قد لاقت اهتمامًا كبيرًا في الصحف العالمية.
إن ما نراه يحدث الآن في العالم هو نوع من الثوْرات الجديدة للبشرية في عالم المعرفة، التي ستغير مقياس تقدم الدُّول؛ ليصبح معيار تقدمها هو مدى تقدم الدولة التقنى؛ ما يجعل العالم في حالة صراع مؤجج بشأن من ستكون له السيطرة على شبكة المعلومات الدُّولية INTRNET، خاصة في ظل شبكتيها الحديثتين «G5» و«G6». إنه صراع لا يمكن التنبؤ بنتائجه: هل يصبح سعيًا نحو الحياة؟ أم انهيارًا يؤدى إلى الهلاك؟!
و... وفى «مِصر الحلوة» الحديث لا ينتهى!
الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى
نقلا عن المصرى اليوم