الأقباط متحدون - ومن الجافى خرجت حلاوة
أخر تحديث ٠١:١٧ | الخميس ٢١ يونيو ٢٠١٢ | ١٤ بؤونة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٩٨ السنة السابعة
إغلاق تصغير

ومن الجافى خرجت حلاوة


بقلم نسيم عبيد عوض
لقد تحيرت كثيرا فى الأيام الماضية ‘وتاه الفكر وعجز  القلم فيما يكتبه ‘وكل مابدأت فى الكتابه يتوقف القلم ‘ فبماذا أكتب والصورة مظلمة تماما ‘ إن مايحدث فى بلدى مصر الآن يشل التفكير ويشتت العقل ‘ شيئ غريب ينخر فى جسم الوطن لم نرى له مثيل فى تاريخنا القديم والحديث . والحقيقة أن مايحدث فى مصر منذ بداية عام 2011 محير للعقل ‘ قامت ثورة  25 يناير وقف لها العالم كله مفتخرا ومراقبا ‘ وفى خلال أيام قليلة سقط حكم الرئيس وتنحى عن الحكم وسلمه لمجلسه العسكرى ‘ وإنصرف الثوريين لبيوتهم ظانين أنهم صنعوا ثورة وأتمموها ‘ والذى حدث أنها لم تكن ثورة ولكنها كانت فوره صراخية كلامية أنتجت تنحى الحاكم ‘ولكنها ليست ثورة على الأقل لو قارناها بما يحدث فى سوريا ‘ الشعب فى ثورة مستمرة يسقط منه القتلى يوميا ولم تتوقف ثورتهم حتى يغيروا الحكم والنظام الفاسد كله ‘وهذا هو مفهوم الثورة الحقيقية  ‘ إحداث تغيير جذرى فى النظام الحاكم ‘ وإقامة نظام جديد  للمجتمع ‘ ونحن المصريين لنا مثل يحتذى فى الثورة  الحقيقية  ‘ وقد حدث هذا عام 1805 م عندما ثار شعب مصر بقيادة عمرو مكرم وبطريرك الأقباط وكبار الشعب وولوا هم بأنفسهم محمد على وأجلسوه على كرسى حكم مصر ‘ حاربوا خورشيد باشا الوالى وجنوده حتى تنازل وغادر البلاد ‘ وصدر الفرمان العثمانى بتولى محمد على حكم مصر ‘ وهكذا بدأت البلاد تعيش فى نهضة عصرية حقيقية لم يحدث أن شاهدتها بلادنا حتى اليوم . وكانت هناك ثورات فعلية أيضا فى تاريخ مصر الحديث مثل التى  قادها عرابى وسعد زغلول ‘ولأنها حقيقية شارك فيها كل الشعب بجميع فئاته وطوائفة ليس حصرا على فئة دون أخرى.

والذى حدث منذ 25 يناير 2011 وحتى اليوم شيئ لا مثيل له فى عالم الثورات ‘ ليست ثورة بالمقارنة بباقى الثورات ‘بل هو تقطيع فى أطراف مصر الحية ‘حتى يسلبوا منها الحركة ويردوها عاجزة تماما . بدأت الأمور تنسحب من تحت أقدام المصريين وتعيدهم حثيثا الى النظام السابق ‘ وأصبح الشعب كعرائس المسرح يتحركون من خلال أصابع كثيرة ومتعددة تتنازع وتتقاتل بكل الطرق للفوز بحكم مصر ‘ وخلال فترة قصيرة صرخنا خلالها لإعطاء فرصة زمنية لشعب مصر حتى يلتقط أنفاسه ‘ ويتم تثقيفة وتوعيته ‘ ويفرز له أحزاب نوعية تتغلغل فى أوصال الشعب لتعلمه كيف يمارس الحرية وكيف يطعم بالديمقراطية‘ يشارك فى حكم بلده بكل حرية وإستقلال ‘ دخلنا فى مرحلة إختيار السلطة التشريعية ‘وكان بالطبع أمام شعب فقير جاهل مريض وفتحت له أبواب الحرية على عجل ‘ أن إختار التيارات الإسلامية لتمسك بكتاب التشريع لمصر ‘ والتى سقطت فى حفرة عنكبوت الخلافة الإسلامية ‘يعطى فيها الأوامر مرشد الإخوان  القابع فى مكتبه يأتيه الناس أفواجا ليقبلوا رأسه ويديه ‘ وشعب مصر يقف متفرجا ‘ والإعلام يهلل بدون وعى ولا مسؤلية ‘ والمجلس العسكرى يحرك خيوك عرائس المسرح منتظرا لحظة السقوط الكبرى ‘عندما يتفجر الموقف ويصبح الأمر محتاجا الى فرض سيطرة عسكرية كاملة على حكم مصر لحمايتها من حرب أهلية ‘ومن وقف مجازر الدماء التى ستسيل على تراب مصر.

التطور السريع فى حركة الأوضاع فى مصر ‘ بدأت بإصدار حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم شرعية قانون إنتخاب مجلس الشعب ‘وهذا كان معروفا منذ وضع البشرى وصالح تلك القوانين المبتورة فى ماسمى الإعلان الدستورى ‘ وكأن المجلس العسكرى وواضعوها كانوا يعرفون الأمر أو كان هذا تخطيطهم لمستقبل الأحداث ‘ وصدر حكم المحكمة العليا والذى ينبغى تنفيذه بحذافيرة بدون مناقشة أو مباحثة ‘ثم نفاجئئ بأن الإخوان المسلمين يرفضون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا فى البلاد‘ ويقودون كل الأخوان المسلمين بأشكالهم المختلفة فى الشوارع يعارضون ويرفضون تنفيذ القانون  ‘ وبهذا دخلنا فى هزلية درامية لا مثيل لها فى العالم وتاريخه ‘ بل دخلنا فى دائرة العار ‘ شعب مصر الوارث للحضارة والتشريع القانونى  والدستورى كمثال بين دول العالم أصبح فى دوائر السخرية والتعجب من شعوب الأرض .

وفى غيبة من الزمان والشعب لا يدرى شيئا يصدر المجلس العسكرى تعديلات دستورية على الإعلان الدستورى والتى بموجبها يضع كل سلطات رئيس الجمهورية بين أصابعة ‘ يلغى حرية الحركة وينصب نفسه رئيسا فعليا للدولة فوق كل رآسه  ‘على إعتبار تخوفه من حاكم من ألإخوان المسلمين ‘ ولا أعلم لماذا تذكرت الخديوى توفيق الذى فى حضور عرابى الثائر قال لشعب مصر "إخبطوا دماغتكم فى الحيط " ومن بعدها إحتلت مصر لمدة سبعين سنة ‘كما سيى البابليون شعب إسرائيل 70 عاما. هل نحن شعب يعشق الفكاهة ولا يتعلم من دروس التاريخ ‘أم أننا فى صفوف المتفرجين نشاهد درامية أو كوميدية عبثية يلعبها أناس ليسوا منا ‘ أحيانا نشجعهم وتارة نتركهم يفعلون مايشاؤون ‘ الآلاف المتراسة فى ميادين التحرير تشارك فى خراب مصر وهى لا تدرى ‘ لأنه لو لديها اليسير من الوطنية لما فعلوا هذا.

المهزلة العبثية الأخيرة والتى كتمت على أنفاسنا وحطمت معنوياتنا ‘وأدخلتنا فى أنفاق اليأس والإحباط ‘هو مايجرى ألآن بعد قفل باب إنتخاب المرشح لرئاسة الجمهورية ‘ففوجئنا وجميع شعب مصر بخروج مرشح الإخوان بعد ساعات قليلة من إغلاق صناديق الإنتخابات يحتفل بفوزه بالرئاسه ومازال‘ وبغض النظر عن حقبقة ذلك ‘إلا أنها درامية أخرى..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع