تميزت الحضارة المصرية القديمة عن باقى حضارات العالم بتنوع مظاهرها العلمية والفنية والأدبية والاجتماعية والسياسية، وفى هذا التميز والتنوع حظيت المرأة فى مصر القديمة على مكانة متميزة لم تحظ بها امرأة أخرى فى شتى المجتمعات والحضارات الإنسانية، وتشهد آثار الحضارة المصرية بذلك،
وسنعرض لكم في هذه الحلقة اول الملكات في تاريخ مصر وبحسب معظم الدراسات انها ايضا كانت اول سيدة تحكم في التاريخ في جميع الحضارات القديمة
وهي "الملكة مريت ـ نيت"، والتي حكمت مصر حوالى 10 سنوات "2939 ـ 2929 ق.م".
الملكة مريت ـ نيت، ويعنى اسمها "محبوبة الاله نيت" كانت بنت الملك "جر" وزوجة الملك "واجيت" وأم الملك "دن" وكانت من افراد الاسرة الفرعونية الاولى ،
وهى امرأة من طراز فريد فما زلنا فى مهد الحضارة وأوائل التاريخ، وتمكنت من حكم مصر بعد وفاة زوجها، ثم شاركت ابنها الملك "دن" فى الحكم الذى ورث الحكم وهو طفلاً صغيرًا يجب أن يكون تحت الوصاية، ولهذا تولت والدته الحكم حتى يكبر ابنها وبذلك تعد أول سيدة حكمت مصر واول حاكمة في تاريخ البشرية.
وكانت الملكة مريت ـ نيت، امرأة ذات طموح للسلطة فلم تمكن أحد من شئون الحكم وقامت هى بالوصاية على العرش بالرغم من التقاليد الدينية التي كانت تمنع ذلك،
وظلت في الحكم مدة 10 سنوات
الى أن كبر ابنها ومكنته "مريت ـ نيت" من الحكم حتى انسحبت من المشهد السياسى كملكة مشاركة فى الحكم وصاحبة القرار الاول في الدولة، إلى دور الملكة الأم التى تساعد ابنها في الحكم وتقف خلفه بالمشورة والنصيحة وبالمشاركة فى الرأى ، وبذلك اصبح ابنها "دن" أحد أهم ملوك العصر العتيق
واهتم بتوسيع الحدود المصرية، وحافظ عليها وكانت مصر فى عهده تتمتع برخاء اقتصادى واستقرار سياسى واجتماعى، كما أنه وضع أسس الحكم الملكى المقدس الذى اتبعه ملوك مصر حتى نهاية العصر الفرعونى.
وجدير بالذكر أنه لم يذكر ابدا أى زوجة ملك أو أم ملك أخرى فى هذه الفترة مثلما ذكرت "مريت ـ نيت" ، وهو ما يوضح مكانتها كملكة حاكمة وليست مجرد زوجة ملك أو أم ملك، لذا حظيت بمقبرتين ملكيتين بنفس اسلوب عمارة المقابر الملكية، فى كل من أبيدوس وفى سقارة.
ودفنت في مقبرة ابيدوس بالقرب من ابنها وزوجها
كما يوجد لوح رخامي كبير في المتحف المصري مكتوب عليه قصتها ويؤرخ حياتها
ومن الاحداث الطريفة في هذه القصة انه تم اكتشاف مقبرة الملكة مريت نت في عام 1900 عن طريق عالم اثار بريطاني يدعى بيتري والذي اعتقد انه اكتشف مقبرة لملك فرعوني وليس ملكة وظل هذا هو اعتقاد العلماء والدارسين للاثار حتى عام 1980 عندما تاكد العلماء ان هذه المقبرة تعود لملكة وليست ملك