كتب- نبيل المقدس
القضاء على ظاهرة انتشار الزبالة في الشوارع والحواري هو أحد مشاريع النهضـــة، التي أخذها على عاتقه الرئيس "المنتخب". ويبدو أن هذا الرئيس يهوى أن يُطلق عليه لقب "المنتخب" لكي يكون مختلفًا عن مَنْ سبقوه في قمة الرئاسة.. فهو لم يكن الملك المطرود خارج البلاد مثل "فاروق", وليس بالرئيس المعزول مثل "محمد نجيب"، ولا بالمذبوح بالسكتة مثل "عبد الناصر", ولا المقتول بغدر الجماعة مثل "السادات", ولا المخلوع أونطة مثل "حسني مبارك".
انتشرت ظاهرة الزبالة فَورْ جرة قلم من الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، التي تنص على إعدام كل ما هو خنزير, وتم التنفيذ بطريقة مبهرة أبهرت العالم في سرعة تنفيذ القرارات، حتى وصل صيت سرعة التنفيذ إلى أن تنضم إلى موسوعة جينس للغرائب والطرائف.
اعتقد الكثيرون منا أن هذا القرار هو خوف الرئيس على شعبه من الموت بعد ما انتشرت "إشاعة" أن الخنازير هي السبب في انتشار مرض الإنفلونزا القاتلة في هذا الوقت.. بل هو اتخذ هذا القرار أصلًا إرضاءًا للقوة الإسلامية التي بدأت تظهر قوتها في أواخر العقد الأول من سنة 2000 ميلادية.
بدأ سريان تنفيذ إعدام الخنازير في أوائل مايو 2009، وانتهت مهمة المجزرة بأبشع الطرق والسبل غير البشرية في غضون شهر تقريبًا، حيث كان عدد الخنازير يفوق الـ 100 ألف، بالإضافة إلى أن هذا القرار شرد الكثيرين من أهالي وأبناء أصحاب هذه الحرفة، وأوقفت الكثير من مصانع منتجات لحوم الخنزير، كما أضافت خسارة كبيرة في إدخال العملة الصعبة نتيجة وقف تصدير الجزء الذي يحوي مادة البنسلين في حيوان الخنزير، إضافةً إلى جلدها الذي يُصنع من شعره خيوط الجراحات الطبية..!
خسائر حلت على المسيحيين، وكم كانت فرحة هؤلاء المتشددين لهذا القرار لاعتبار هذا الحيوان محرم كتابيًا.. ولم يراعوا نتائج هذه المجزرة على إخوتهم المسيحيين، بل رأينا الشماتة بجميع أشكالها ترتسم على وجوههم، واعتبروه نصرًا إسلاميًا على يد قائدهم المعظم "مبارك بن المخلوع"..
فور الانتهاء من توديع هذه المجازر، بدأت تظهر على السطح مشكلة الزبالة التي بدأت تنزرع في أعظم شوارع القاهرة والإسكندرية وباقي المحافظات، حتى أنها أصبحت خلال أسبوع واحد من القتل والجزر أولي المشاكل التي واجهتها حكومة "مبارك بن المخلوع"، ولم تستطيع أن تصل إلى حل قاطع.
السيد الرئيس "بن المنتخب"، الحل الوحيد هو الاعتراف أولًا بخطأ سياسة إعدام الخنازير التي كانت تلتهم هذه الأطنان من الزبالة يوميًا.. ثانيًا قرار جريء أو جرة قلم تعيد تربية الخنازير على أسس علمية وعالمية، وخصوصًا أنه ليس لها صلة في نقل هذه الإنفلونزا القاتلة، كما أنها سوف تعيد الكثير من أبناء هذه المهنة الهامة من تربية وتجميع القمامة إلى أصولها، وفتح مصانع ومحلات تجارية لمنتجات لحوم الخنازير. المشكلة الآن هي مدى جرأتك في أخذ مثل هذا القرار، وخصوصًا أنك تنتمي إلى حزب إسلامي من فصيل معين, ويلتف حولك باقي أطياف التوجهات الإسلامية الأخرى المتشددة..!
في خطابك الأول، ذكرت الحكمة التي تركها لنا "أردوغـان" عندما زار "مصـــر" منذ سنة، وهي التي تقول "أنني أقف على مسافة واحدة من جميع أطياف الشعب"، حتى أصبحت هذه الحكمة المنقولة "لبانة " لكل فرد يحب أن يظهر ويتمسك بسياسته.. كفى أن يقول هذه الحكمة كدليل على صدق نواياه, وكأنها قسم مدموغ من الله سبحانه وتعالى علينا أن نستسلم له ونصدقه!.
كما أظهرت سيادتك في إحدى الخطب أنك تتقبل جميع الشكاوى, وعلى كل فرد يشعر بظلم عليه أن يفصح عنه فورًا... ها نحن المسيحيون نرفع أمامكم ظلمًا عظيمًا وقع علينا منذ مايو 2009 بحرماننا من تربية وأكل منتجات الخنازير، حيث أنها ليست إثمًا بالنسبة لنا من منطلق قول مسيحنا "اسْمَعُوا وَافْهَمُوا: لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هذَا يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ" (متى 15 : 11).
هذا أول امتحان لك يا رئيسنا "بن المنتخب".. هل تقدر على هذه المسئولية الكبيرة والخطيرة؟.. من قبلك لم يقدر "بن المخلوع" أن يصحح ما أخطأ فيه، وهو الرجل الظالم, المتكبر, الدكتاتور, أما أنت فتدعي بأنك رافع الظلم ومُعطي الحلول.. وها نحن منتظرون قراركم ورفع حظر تربية الخنازير.
لكن أرجع وأقول.. إن كنت أنت لم تتخذ أي إجراء إيجابي ضد هؤلاء الذين يدعون أنهم "مصريون" عندما امتنعوا عن احترام السلام الجمهوري لبلدنا "مصـــر"، وهم في العرين المقدس الذي فيه يتم صناعة أعظم أساس للدولة المصرية، وهو دستور مصـــر، فكم بالأحرى موقفك من المسيحيين الذين يطلبون حقهم؟...!!!
لكِ السلامة يا مصـــــــر...!