بقلم / رامى حافظ
• مقدمة :
ينتهى عمل مجلس الشعب الغرفة الأساسية فى السلطة التشريعية بثلاث حالات الاولى هى أنقضاء مدته القانونية حسبما يحددها الدستور ويفسره القانون الخاص المنشئ له ، اما الحالة الثانية هى الحل وهو قرار سياسى يمنحه الدستور لشخص أو سلطة هذا الحق ودائماً تأتى فى أطار التوازن الذى يحدثه الدستور بين السلطات ، اما الحالة الثالثة وهو بطلان القانون المنشئ منه بمخالفته مواد الدستور الذى هو فى مرتبة أعلى منه ، ويأتى فى هذا الآطار ان السلطة المختصة بالفصل او بمعنى ادق بعدم الدستورية هى المحكمة الدستورية التى هى أعلى سلطة قضائية فى مصر التى من اختصاصها مراقبة دستورية القوانين من عدمها ، لذا تنشر أحكام المحكمة فى الجريدة الرسمية باعتبارها قوانين موقفه عمله وأثاره المترتبة على وجود القانون المحكوم بعدم دستوريته .
وتجدر الإشارة هنا الى ان قانون مجلس الشعب تم تعديله بمرسوم بقانون من المجلس العسكرى والذى عقد عدة اجتماعات مع الأحزاب السياسية التى هددت بعدم دخولها الانتخابات كان بعضها مع اعضاء من المحكمة الدستورية والذين ذكروا صراحة فى تسريبات صحفية بأن القانون فى صورته النهائية غير دستورى ، وبالرغم من ذلك أصر الأحزاب على الدخول فى الانتخابات وفقاً لهذا القانون تأسيسياً على وجهة نظر معتبرة وهى ان الأحزاب بذلك لن تحصل على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة وبالتالى سيؤثر على الاستقرار السياسى لنظام الحكم بالدولة .
• تفسير الحكم :
يقدم الطعن على القوانين بعدم الدستورية من خلال دعاوى قضائية تنظرها المحاكم ويطلب الطاعن بعدم الدستورية نصوص المواد التى تحكم المنازعة وترى المحكمة جدية الحكم فتحيله الى المحكمة الدستورية ولهذه المحكم نظامها الخاص حتى تفصل فى هذه الدعاوى ، وقد قضت المحكمة بعدم الدستورية نص الفقرة الخاص بالمرشحين الذين نجحوا على النظام الفردى وهم ثلث الأعضاء والمقدرين بـ 166 عضواً من أجمالى 498 عضواً منتخباً ، وقد أكدت المحكمة بذلك على السوابق القضائية التى صدرت منها فى فترات سابقة بأن التمييز لصالح مرشح لانه يتمتع بصفة سياسية أو يتم تقليص الفرص الأنتخابية لأى مرشح لا يتمتع بأى صفة سياسية ، وهو ما يعنى الحفاظ على الفرص المتساوية لكافة المواطنين لتمتع بكافة الحقوق والتى تضمنها الاعلان الدستورى القائم بأعمال الدستور حتى يتم اقرار .
ان تفسير الحكم له رؤيتان الآولى تنقسم الى جانبان الأول ان المحكمة رأت ان القانون منح المرشح الحزبى فرص انتخابية أكبر من المرشح المستقل مما أثر على فرص فوزه فى الانتخابات لذا فالقانون يهدر مبدأ المساواة والفرص المتكافئة لكافة الموطنين ، أما الجانب الثانى ان المحكمة أعتبرت النظام الفردى باطلاً وبالتالى فهناك 166 مقعداً جاءوا بشكل غير دستورى وبالتالى المقاعد الدستورية هى 332 مقعداً ووفقاً لقانون مجلس الشعب من اجل صحة أنعقاد المجلس وأستكمال أعماله يجب أن يكون عدد أعضائه 350 وهنا ايضاً المجلس غير قانونى .
يترتب على ذلك ان يبطل المجلس بالكامل والبدء فى تعديل القانون بما يتوافق مع مبادئ الدستور ووفقاً للسوابق القضائية التى صدرت من المحكمة الدستورية أو ان يتم تعديل الدستور ويحصن الاعلان النظام الانتخابى الذى تقوم على اساسه السلطة التشريعية بغرفيته مجلسى الشعب والشورى ، بالأضافة الى ان بطلان مجلس الشورى تحصيل حاصل ويجب ايضاً بطلانه لتضمنه نفس العيوب الدستورية .
بينما الرؤية الثانية ترى ان القانون أنحاز الى المرشح الحزبى وأعطى له فرصه لم تتوفر الى المرشح المستقل وبالتالى فالقانون كله باطل ، وهو ما يترتب عليه عدم دستورية القانون لعدم تمتعه بالصفات القانونية المستقرة وهى العمومية والتجريد والمساواة بين كافة المواطنين .
ان التفسير القانونى الذى يسعى الى بطلان عدد مقاعد الحزبين فى النظام الفردى وبالتالى فالقانون لازال يتمتع بالصفة الدستورية هو رؤية سياسية تعنى الالتفاف على حكم الدستورية العليا الواضح والمستقر ، قد تعتبره السلطة مخرج دستورى وقانونى ولكنه ليس كذلك فهو مخرج سياسى واضح وصريح والذى سينهى هذا الصراع هو قدرات القوى السياسية المتنافسة على السلطة وأيهما لديه القدرة على أنهاء القضية لصالحه أو من الممكن تمريره بالاتفاق السياسى مثلما حدث مع حكم وقف التأسيسية الاولى كمخرج سياسى من الأزمة التى نشبت بين القوى السياسية المتصارعة .
ويأتى على النقيض تماماً الموقف من تشكيل الجمعية التأسيسية فقد تم تشكيلها على أساس قانونى وبالتالى أمكانية حلها هو الحكم بعدم دستورية قانونها مثلها مثل قانون مجلس الشعب ، وبالتالى الطعن أمام المحكمة الادارية لا طائل منه فهى ليست قرار ادارى وكذلك الظروف السياسية لن تسمح بمرور تلك الرؤية دون أزمات كبرى وخاصة مع القوى الدينية حليفة العسكرى .
• التنظيم البديل :
تأتى أزمة الثورة ورجالها انه لا يوجد كيان قانونى فى صورة حزب يجمعهم للدخول فى الانتخابات سواء كانت الماضية او المتوقع حدوثها فى المستقبل القريب بعد بطلان المجلس ، ان انتخابات مجلس الشعب القادمة والمتوقعة بعد دستور الذى سيقر خلال شهور لم يتحرك ويستعد له قوى الثورة بل زادت أنشقاقاتها وأنغمست فى مذاهبها الفكرية بل وتباعدت وأتهم بعضها البعض .
ان النظام السياسى الذى أسس على شرعية أنقلاب يوليو العسكرى فى 1952 أستطاع مع مرور الزمن ان يكتسب خبرة طويلة فى تفتيت قوى المعارضة وخاصة المدنية والتى تصلح تكون بديلة له ويقبل بها القوى الدولية الغربية والكبرى ، فتبدأ دائماً عملية التفتيت بالجنون الاعلامى مثل حدث مع حزب التجمع ورئيسه رفعت السعيد ثم مع القوى الثورية بعد ثورة يناير مروراً بمرحلة التخوين والاتهامات المتبادلة بين هذه القوى وتنهتى بالتفتت والتباعد فيما بينها حتى يستحيل التعاون فيما بينهم .
أن أمراض النخبة المصرية على مدار الأعوام الاخيرة أنتقلت كلها الى شباب الثورة كلاً حسب قربه من القوى السياسية التى ينتمى إليها ، وأنتهى الجميع به الحال الى تحليل الأوضاع السياسية والصراع الدائر بين العسكرى والأخوان ذلك الصراع التقليدى القائم على قائمة المصالح المادية دون النظر الى مبادئ أو حتى رؤى سياسية مختلفة ، لآزالت مصر تعانى من عدم تكوين رؤى فكرية يخلق منها قوى سياسية حقيقية لها جذور شعبية تسعى الى الوصول الى السلطة بل نعتبر انها فشلت فى ذلك طوال عصر نظام يوليو فى تحقيق ذلك ولكل قوى سياسية هنا تاريخها الطويل والمرير فى ضياع الفرص المختلفة لأمكانية تحقيق حلمها أياً كان ، ان التحليلات السياسية المتعددة والتى كتبت فى الفترات الماضية كانت قاصرة ولم تستخدم المنهج العلمى فى الوصول الى حقيقة الأزمات واسبابها والخروج منها ويرجع ذلك الى الحقيقة المؤلمة لأرتباطها جميعاً بالأجهزة الأمنية العديدة التى صنعها نظام يوليو .
أن الأمل فى أقمة بديل تنظيمى وشعبى وسياسى قوى من اجل منافسة القوى التقليدية العسكرى والدينية يحتاج الى غفران الماضى وتوحيد الرؤية والهدف والعمل المشترك ، فقد كانت هناك أمال عديدة حول حزب العدل والمصرى الديمقراطى الاجتماعى ولكن وللأسف بدأ مشوارهما بأمراض الماضى وتشوهاته وكانت النتيجة الهزيلة فى الانتخابات الماضى .
فهل تستوعب القوى المدنية الدرس ؟