الخميس ٥ يوليو ٢٠١٢ -
٢٩:
٠٨ م +02:00 EET
بقلم- ماجدة سيدهم
* ولأنها أم الكون، وستبقي أبدًا، فسقوط التيار الديني في المنطقة حتمًا سيكون من هنا، من "مصر"..!
* أكتب الآن بعد العديد من الرسائل والمظاريف التي تهطل عليك من كل سعيد وتعس في بلادي، أكتب رسالتي المتوجعة، حيث أقطن الرصيف العاري من كل تورية، شأن الملايين غيري من الحالمين، منزوع من شارعنا البهجة، ومثقل حلمنا بوخزات الخيبة والترقب.
نعم.. كم أشفق عليك كثيرًا، ففي زهوة فوزك بدت رغبة إرضاء الجميع، لكن أيضًا لست الرجل المناسب لرئاسة بلادي، فرأيت أنه قد زُج بك زجًا لتكون محض ساتر تمر من خلاله رؤى شديدة الغلظة، وهو ما يعني لنا نحن سكان الرصيف أن الهدف ليس أنت بعينك بقدر الاستماتة النهمة لأي مرشح إخواني بأية حال، فلا عجب من فوز مستقطب حتى بالمخدرات، ولا عجب من الإطاحة بالفكر والمبادئ الراسخة، وصبغ لغة الخطاب بروح أكثر انفتاحًا تخلو من الصبغة الدينية، لا عجب من الزج بالأقباط في كل حوار وحديث ومنتدى لإعلان حسن النوايا، ولا دهشة من هرولة الاحتدام السلفي لاقتناص حصته كاملة (التعليم) وربما الإعلام والثقافة في بلعة واحدة ضمن التقسيم الدموي للذبيحة.
لا عجب من اهتمام نواب الشعب مصاب أغلبهم بالاضطراب النفسي ليتصدر طرحهم توافه الأمور وأكثرها شذوذًا، لا عجب أيضًا من اندفاع فشلة دعاة الثقافة والغيرة الثورية في مغازلة ودعم التيار الديني، هي لتصفية حسابات مع خصوم لهم، ثم نرى شعارات الأقصى والجهاد لتحرير "القدس"، بينما نلعق قوت يومنا من الساقط عن موائد الغرب المتفوق.
المشكلات تتفاقم، والشارع عار من الأمان وكل الضوابط، بينما انشغل قادة التيار الديني في ترسيخ وجودهم والانهماك في توزيع المهام وتقسيم والوعود، غير عابئين بأية شعارات سممت مسامع وموائد البسطاء، وأفسدت حتى مضاجعهم، فبات الطريق رحبًا لانتشار خلايا الفجور السرطاني لجماعات الأمر بالخراب والنهي عن الجمال، تحت تهديد الجهالة وسلطان الهوى.
على رصيفنا المتهدم، سيادة الرئيس، نمارس الغضب بيقظة، ولا نجد لحيرتنا مـُجاوب يحترم عقولنا وهمومنا وحاجاتنا. ورغم تسليم مصرنا على طبق من دماء وتخاذل وصمت، يصبح أمامك التحدي الأكبر بين التصدي لخطر البطش الملتحي الذي يعربد سفكًا بدالة الرئيس المنتخب دينيًا، أو التزام التجاهل التام خشية التصادم المدمر مع تلك القوى السوداء، التي ستجلب على الجميع كل الضرر في حالة التعرض لها أو الاعتراض عليها، وكأنه مشهد متفق عليه مسبقًا، قد نشهد حركة اغتيالات ما، وقد تنال منك سيادة الرئيس كضحية في واجهة المشهد المتقيح ارتباكًا وغدرًا، وقد يتحول المشهد إلى انقلاب عسكري مطيحًا بحلم الجاهلية وعربدة الفتاوى المتقيحة جهلًا وسخفًا، أو قد يتقوض الشارع كله لصالح توجهات دينية في صفعة صائبة، فالرؤية باتت مؤسفة.
ونقول أيضًا هنا، أن المؤسسة المنقسمة على نفسها تسرع صوب حتفها، أبعد ما تكون الثقة بيننا، لذا التحدي حقًا كبير، بل أكبر بكثير، والشعب يترقب أية بارقة أمل، قد يصبر وقتًا، لكن لن يهدأ، ولن يقبل صمتًا أو تهاونًا أو تلاعبًا أو قمعًا جديدًا.. هل من أحد يسمعني؟!..
* ساذج من ظن أن الدعم الأميركي لوهم ديموقراطية الإخوان تأتي على حساب المصالح الخاصة إذا ما تعرضت لأية خروقات. ساذج من توهم أن من زرع الريح لن يحصد غير الزوبعة. ساذج من شك لحظة في فطنة وصلابة شعب "مصر" الرائع، وصدّق وهم ثورة منتهكة ومغتصبة قادت البلاد إلى الانحدار والاستعباد، فالشعب العظيم لم يصنع ثورته الفارقة بعد، ولم يقل كلمته المحيية الساحقة بعد لدرء كارثة الاحتلال الديني الذي استخدم كل التواء لإيهام البسطاء، أنه الحل الأمثل.
* مبتدأ الأوجاع هو حتمًا سيكون معبرًا قاسيًا مرًا، لكنه يحمل كل البشارة المفرحة للآتي فيما بعد، هكذا حرية الشعوب تصلب النبلاء على صدر التاريخ بفخر وشرف وتقود بشموخ إلى رحابة "مصر" الحلم والحضارة والحرية والجمال.
* على رصيف البسطاء مازلنا نبحث عن وطننا، ونصلي من أجله، شعبًا، رئيسًا، زيتًا، قمحًا، وكرومًا.
ولم ينته بعد...!