محمد أبوقمر
كان زمان في مراكز للتلمذة الصناعية تقوم بتدريب ( الحاصلين علي شهادة الإعدادية بمجاميع صغيرة جدا أقرب إلي الرسوب لا تمكنهم من مواصلة الدراسة ) علي مختلف الصناعات الحديثة ، وفي ذات الوقت تقوم بإعطائهم دروس مبسطة عن هذه الصناعات إلي جانب بعض المعلومات العامة ليكونوا عند تخرجهم مؤهلين كصناع مهرة للعمل في المؤسسات الصناعية المتطورة.
المراكز دي أُنشئت في عهد عبد الناصر ، وكانت موجودة في مختلف محافظات مصر علي حد علمي حتي منتصف السبعينيات ، وكان المتدربون فيها يقومون بإنتاج بعض الأدوات الصناعية ذات الجودة العالية ، أنا معرفش المراكز دي راحت فين دلوقتي ، خصوصا وإن الطالب إللي فقد إمكانية مواصلة الدراسة بعد رسوبه في الإعدادية أو حصوله علي مجموع لا يؤهله لمواصلة الدراسة داير الآن في الشوراع ، صايع ، أو بيبيع ليمون علي قارعة أي طريق ، أو داير علي القهاوي يبيع مناديل ورق ، أو بيشتغل في أعمال حقيرة لا تمنحه في النهاية أكثر من ثمن علبة سجاير وسندوتشين فول وطعمية .
المشروعات الصغيرة أو متناهية الصغر هي دي إللي كان ممكن ينشئها خريج مراكز التدريب دي ، والخريج ده هو الوحيد إللي كان من حقه ياخد القروض من البنوك علشان ينشئ مشروعه ، وهو ده الشخص الوحيد إللي ممكن تتطور أعماله وتكبر ويكبر الوطن معاه.
إحنا زي ما يكون إتعمينا ، أو إمخاخنا ساحت ، أو زي ما يكون حد شال عقلنا وشخ مكانه شخه تقيله خلتنا مش فالحين بس إلا في التهجيص ، بنعمل حاجات عجيبة وكأننا بنضرب نفسنا علي قفانا بإيدينا ، أنا عايز حد يقولي أبني معهد ديني ولا أشيد مركز تدريب صناعي يخرج عمال مهرة وصناع مدربين ومؤهلين ، حد يقولي خريج المعهد الديني يقدر يعمل إيه لنفسه ولمجتمعه غير شوية ثرثرة لا بتودي ولا بتجيب ، شوف البلد بقي فيها كام معهد ديني ، وبتخرج كام واحد ، والكام واحد دول هايشاركوا في العملية الانتاجية ولا هايعيشوا عالة علي المجتمع يأكلهم ويشربهم مقابل ثرثراتهم إللي خلاص حفظناها ، والله حفظناها وممكن أي عيل في الشارع يطلع يقولها أحسن من أي واحد فيهم.
ياسيدنا الأزهر ويا ستنا الأوقاف ويامولانا رئيس الحكومة الأموال إللي بتتصرف علي المعاهد الدينية مضيعة للعيال ومضيعة للوطن ، يا أسيادنا المؤمن القوي أفضل من المؤمن الضعيف ، والمؤمن القوي هو الذي يملك جيدا وسيلة تتيح له إمكانية أن يرقي ويتقدم وينتج ويتطور وتتطور معه الحياة.
أجيبهلكم علي بلاطة؟؟ ، إقامة مشروعات صناعية مهما كان حجمها ومهما كانت قوتها ومهما كان حجم الاستثمارات فيها مع إقامة معاهد دينية بعد كام سنة ستصبح هذه المشروعات بلا أي قيمة وستنهار لأنها لن تجد الماهر الحرفي المدرب الذي يمنحها قوة الاستمرار.
ياعم إنت وهو وهو وهو ، إذا كنت عايز ترفع من شأن الدين إرفع من شأن البني آدم ، علمه صنعه إلهي يعمر بيتك إنت وهو بدل ما تحشر عقله بمحفوظات تشل إمكاناته .