أ. د. أحمد محمود كريمة
أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة
كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين القاهرة
رئيس ومؤسس " التآلف بين الناس " الخيرية
بالاستقراء فى حياة السيد المسيح – عليه السلام – ووصاياه وما لاقاه من اضطهاد تتضح المثالية الكاملة – عليه السلام - ، فقد عاش – عليه السلام – مدة حياته فى الأرض فى التربية الخلقية ، وتهذيب الروح ، مع البعد التام عن الحكم السياسى وكل ما له صلة وعلاقة به ، عاش متجولاً فى مواطن فلسطين ، موجهاً دعوته للإسرائيليين ، ولم يغادرها إلا حال صباه حين جاء إلى أرض الكنانة مصر فاراً من اضطهاد الرومان آخذاً بالأسباب .
لقد عانى من اضطهاد مزدوج من قوى يهود ورومان معاً ليعطى القدوة أن طريق الدعوة إلى الله – عز وجل – ممتلئ بالمتاعب والمصاعب والنوائب ، والآلام ، وهذا قدر الصالحين المصلحين فى كل زمان ومكان ، وفى كل شريعة ومنهاج .
لقد نسخ ما كان فى شريعة من قبله مسايرة لمستجدات عصره فقد حّرم عين ازهاق الروح ومسبباته فقال : " قد سمعتم أنه قيل للأولين لا تقتل فإن قتل يستحق الدنيوية ، أما أنا فأقول لكم إن كل من غضب على أخيه يستحق الدنيوية " – إنجيل متى ، الإصحاح الخامس
الفقرة 2 .
وحرم الزنا ومقدماته ، فقال : " وقد سمعتم أنه قيل للأولين لا تزن ، أما أنا فأقول لكم : إن كل من نظر إلى امرأة يشتهيها فقد زنى بها فى قلبه " – المرجع السابق فقرة 17 ، ونهى عن الحنث بالأيمان مطلقاً بل نهى عن مجرد الحلف فقال : " قد سمعتم أيضاً أنه قيل للأولين لا تحنث بل أوف بنسكك ، أما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء فإنها عرش الله ، ولا بالأرض فإنها عرش الله ، ولا بالأرض فإنها موطئ قدميه ، ولا بأورشيلم فإنها مدنية الملك الأعظم ، ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر شعرة منه بيضاء أو سوداء ، ولكن ليكن كلامكم : نعم نعم ، ولا لا ، وماذا على ذلك فهو من الشر " – إنجيل متى الإصحاح الثالث والثلاثين الفقرة 37 ، وقال بمحبة الأحياء والأعداء جميعاً فقال : " قد سمعتم أنه قيل : لكم : أحبوا أعدائكم ، وأحسنوا إلى من يبغضكم ، وصلوا لأجل من يعنتكم ويضطهدكم ، ليكونوا بنى أبيكم الذى فى السموات ، لأنه يطلع شمسه على الأشرار والصالحين ، ويمطر على الأبرار والظالمين " – المرجع السابق الإصحاح الخامس الفقرتان 43 وما بعدها .
وحض على العدل الشامل فأفهم الناس أن العدل وحده يجر القلوب إن لم تمازجه دفقة من محبة " – إنجيل لوقا الإصحاح 16 الفقرتان 19 وما بعدها .
سيدى المسيح – عليه السلام - : دعوتك لانسانية الإنسان ، وآدمية الأدمى شمس فى ضحاها ، وقمر إذا تلاها ، والمنسوبون إليك نبرهم ونقسط إليهم ما وسعنا إلى ذلك سبيلا ، ونستميحهم عذرا أن تعامى وتغابى جاهل أو عميل ، فأسأوا إليهم .
توقير وإجلال لمقامكم سيدى ، ومحبة ومودة لمنسوبيك ، وعاشت مصر المباركة بتشريفك للمجئ إليها مع والدتك الطاهرة البتول سيدتنا مريم – عليها السلام - .
وكل عام ومسيحى ومسلمى العالم فى زمالة دينية وإخاء إنسانى .