محمد أبوقمر

في إحدي قري مقاطعة زنزبار كان أحد الأشخاص الذي يدين بديانة الكونفشيوسية يكره جاره لأنه ليس كونفيشيوسي مثله وإنما يدين بالزرادشتيه ، حاول مرارا أن يقنعه بالكونفيشيوسية لكن جاره كان يقول له دائما : المهم يا صديقي أن يحب كل منّا الآخر ونتواد ونعيش في سلام ويساعد كل منّا الآخر علي قدر استطاعته ، وبالفعل كان يزوره في الأعياد ويشاركه أفراحه ، وحين وقع من فوق سطح منزله كان جاره الزرداشتي أول من أسرع إليه وحمله علي كتفه إلي المستشفي حيث جبروا له ساقه وظل يعتني به إلي أن شفي تماما .

 

في كل مرة كان يعاوده فيها كان يحاول إقناعه بالدخول بالكونفشيوسية ويقول له أنا : مستخسرك في الزرادشتيه لأنك طيب ورحيم وتستحق أن تدخل الجنة معي ، لكن الزرادشتي كان يبتسم ويقول له : اطمئن ياصديقي سندخل الجنة معا مادام كل منّا يحب الآخر ، لكن الكونفشيوسي لم تكن تعجبه ردود جاره الزرادشتي وقال في نفسه : هذا الزرادشتي الغبي لا يفهم أو ربما يمكر ويتخابث ويريد بوده وتعاطفه الزائد هذا أن يجر رجلي في النهاية إلي الزرادشتية . وراح يفكر في طريقة تُجبر جاره علي الامتثال لنصائحه لكي يكسب ثواب ديني من جهة ، ومن جهة أخري يتخلص من ظنونه التي أوحت له بأن جاره هذا يتخابث عليه بالود وكثرة التعاطف وتفانيه في تقديم المروءة له.

 

كان أهالي القرية الزنزبارية كلهم قد شاهدوا مدي إخلاص الزرادشتي في خدمة جاره بعد حادثة سقوطه من فوق السطح ، وأثناء زيارة بعضهم للكونفشيوسي لتهنئته بكمال شفائه فوجئوا بإعلانه لهم عن نيته إجبار جاره علي ترك ديانته بالقوة حتي لو تطلب الأمر إحراق داره إذا ظل يدين بهذه الديانة التي ستودي به إلي الجحيم ، وقال لهم : لا يغرنكم تعاطفه معي وإنقاذه لي فأنا أعرفه أكثر منكم وأعرف أنه يتخابث حتي يضعف إيماننا بالكونفشيوسية ، إنزعج زواره ، وراحوا ينهرونه ،وزعق فيه شيخهم الكبير قائلا له : كن إنسانا مرة واحدة أيها الجاهل ، وقال له : لن نعاقبك إذا آذيته فقط وإنما سنطردك من زنزبار كلها إذا لم ترد له الجميل.

 

فجأة مرض جاره الزرادشتي ، وشاع في القرية أن الرجل موشك علي الموت ، وعرف هو أن أهل زنزبار كلها ينتظرون منه أن يرد لجاره الود بالود ، واحتار هو وراح يفكر هل يرتكب الخطيئة في حق دينه ويزور هذا الجار الزنديق ، أم يتركه يموت ويروح في مصيبة دون أن يزوره ويتحمل اشمئزاز أهل زنزبار منه ، لكنه تذكر أنهم قد يطردونه من البلدة كما هدده بذلك كبير القرية ، أخيرا لمعت في ذهنه فكرة جهنمية ، واتجه من فوره إلي ساحر زنزبار ، وطلب منه أن يحوله إلي حمار لفترة محدودة علي أن يعيده إلي صورته البشرية مرة أخري بعد موت جاره الزرادشتي ، وافق الساحر بعد أن أخذ منه صرة كاملة من الفضة مقابل أداء المهمة علي أكمل وجه .

 

أطلق الساحر البخور وخلط المستكة بالحبهان وحبة البركة وبودرة العفريت وراح يزعق ويبقلل وينفخ وهو يدور حول صاحبنا حتي حوله إلي حمار رائع بذيل جميل ، وقال له : عندما يموت جارك عد إلي هنا حتي أحولك إلي آدمي مرة أخري .

 

ظل صاحبنا واقفا في باحة الدار علي هيئة الحمار فترة طويلة انتظارا لموت جاره ، وبينما هو ينهق عاليا من شدة إحساسه بالجوع والعطش فوجيء بجاره الزرادشتي الذي كان ينتظر موته وهو يدخل عليه وبيده حزمة من البرسيم ، وضعها أمامه وهو يقول له : الحمدلله الذي شفاني كي أنقذك من الجوع ، وقال له : لا تقلق أيها الحمار الجميل سأظل أوافيك بالبرسيم حتي يعود صاحبك من سفره ، كان شفاء جاره مفاجأة جعلته يرفس البرسيم ثم راح يبرطع في شوارع زنزبار بأقصي ما فيه من سرعة باتجاه الساحر .

 

وقف الحمار أمام الساحر وهو ينهق في إلتياع كأنه يقول له : الزنديق لم يمت ، ثم نهق عاليا كي يحوله الساحر إلي صورته الأولي بسرعة ، خلط الساحر المستكة والحبهان وحبة البركة وبودرة العفريت علي عجل كي يحوله بسرعة ويتخلص من نهيقه المزعج ، وبعد كثير من النفخ والبقللة والدوران حول الحمار فوجيء بأن الحمار قد تحول إلي خروف فحل بليّة ضخمة وقرون كبيرة ملولوة ، ولما مأمأ الخروف كأنه يصرخ معترضا علي النتيجة التي وصل إليها قال له الساحر : لن أستطيع فعل شيء لك بعد ذلك لأنه يبدو أن روحك روح حيوان .

 

السنة إللي فاتت كانت سنة عجيبة بالنسبة لأهل زنزبار فقد ظهر في شوارعهم خروف غريب له ليّة ضخمة وقرون كبيرة ملولوة وهو يميء ميء مأمأة غليظة ومزعجة.