الأقباط متحدون - رسائـل القديـس الأنبا أنطونيـوس
أخر تحديث ٠٠:٣٤ | الأحد ٨ يوليو ٢٠١٢ | ١ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨١٥ السنة السابعة
إغلاق تصغير

رسائـل القديـس الأنبا أنطونيـوس


يعتبر القديس الأنبا أنطونيوس مؤسس الرهبنة الأول فى العالم؛ وهو قديس مصرى صميم أتى من صعيد مصر وتحديدا من بلدة قمن العروس ببنى سويف. وقد ولد الطفل انطونيوس (انطونيوس كلمة لاتينية معناها عوض) عام 251م من أسرة مسيحية تقية؛ وتعود منذ طفولته التردد على الكنيسة للصلاة؛ توفى والده وهو فى سن الثامنة عشرة؛ فتأمل فى الموقف وقال لنفسه «إن كان والدى قد خرج من العالم بغير إرادته؛ فأنا أريد أن أخرج من هذا العالم بإرادتى» وجاءت اللحظة الحاسمة عندما دخل الكنيسة ذات مرة ليصلي؛ فسمع الآية التى وردت فى إنجيل متى والتى تقول: «إذا أردت أن تكون كاملا فاذهب وبع كل أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز فى السماء وتعال اتبعنى» (مت 19: 21) فلم يتردد فى اتخاذ القرار وقام ببيع ثلاثمائة فدان من أجود الأراضى كان قد ورثها عن أبيه؛ وخرج للتعبد أولا فى المنطقة التى يوجد بها دير الميمون حاليا قرب بنى سويف؛ ولما شعر بقربه من أهل القرية؛ اتخذ قراره أن يتوغل فى الصحراء أكثر وأكثر؛ فشد رحاله حتى وصل إلى المنطقة التى يوجد بها حاليا دير الأنبا انطونيوس بالبحر الأحمر؛ وهناك استقر متعبدا للرب فى صلوات وأصوام طويلة؛ وعندما سمع بخبره مجموعة من الشباب اشتاقوا أن يحذوا حذوه فتتلمذوا على يديه فى منطقة البحر الأحمر؛ كما أسس جماعات رهبانية أخرى فى وادى النطرون؛ وفى منطقة القلالى (نواحى البحيرة حاليا) وفى الفيوم؛ وفى مناطق أخرى كثيرة؛ واستمر فى صلواته وأصوامه حتى توفى فى عام 356م؛ وكان عمره وقت وفاته حوالى 105 أعوام تقريبا. وترك لنا الانبا انطونيوس حوالى عشرين رسالة عدا العديد من الحكم والأقوال المتناثرة تعتبر كلها نبع من الحكمة الصافية؛ فمثلا فى إحدى رسائله إلى تلاميذه الرهبان يوصيهم فيها بمحبة الله باستمرار قال لهم: «آمنوا بالرب وأحبوه؛ واعلموا يا أولادى الأحباء أن كل الوصايا ليست ثقيلة ولا متعبة بل نور حقيقى وسرور أبدى. إن الإنسان إذا كان يحب الله بكل القلب وبكل الفكر وبكل النية وبكل القوة فإنه يقتنى خوف الله، والخوف يولد البكاء، والبكاء يولد القوة، وبكمال هذه فى النفس تثمر فى كل الأشياء. فالآن يا أحبائى اقتنوا لكم هذه القوة لكى تخاف منكم الشياطين؛ وتخف عنكم الأتعاب التى تمارسونها؛ وتحلو لكم الإلهيات؛ لأن حلاوة حب الله أحلى من الشهد»، وفى رسالة أخرى وجهها للرهبان طالبهم فيها بمحبة بعضهم بعضا؛ قال لهم: «يا أولادى الأحباء لا تكلوا ولا تملوا من المحبة بعضكم لبعض؛ بل اجعلوا هذا الجسد الذى انتم لابسوه مجمرة ترفعون فيها جميع أفكاركم ومشوراتكم الرديئة وتضعونها أمام الرب ليرفع قلوبكم إليه. فأنا أطلب إليكم أن تجتهدوا وتداوموا على أعمالكم الحسنة؛ ليسر بكم كافة القديسين وروحى أنا المسكين؛ لأننا جميعا مخلوقون من مبدأ واحد وجوهر واحد عقلى غير مرئى».

 ولقد دعا الانبا انطونيوس تلاميذه الرهبان إلى التحلى بفضيلة التمييز؛ ويقصد بها فحص واختبار كل فكر يعرض عليهم حتى يعرفوا هل هو من الله أم من الشيطان أم من شهواتهم وغرائزهم؟ فيقول لهم: «أطلب عنكم يا أولادى بكل قوة وحرارة لكيما يعطيكم الله أن تنظروا وتفرزوا جميع الأشياء حتى تميزا بين الخير والشر. اطلبوا من الله ليلا ونهارا أن يعطيكم هذا النظر والإفراز لكى يكون لكم الخير الدائم من عند الله ويزداد بهاؤكم فى كل شىء حتى يعطيكم الله أشياء أخرى كثيرة ما عرفتموها قط». وفى آخر رسالة كتبها للرهبان قبل وفاته بفترة قصيرة يدعوهم فيها إلى احترام الكل الصغير قبل الكبير؛ وعدم الاستهانة بأى مخلوق مهما كان صغيرا أو ضعيفا قال: «يا أحبائى احترسوا من أن تستهينوا بأحد من الناس؛ لأن أصل هذه الاستهانة هو الكبرياء التى أوجبت على العالم غضب الله؛ فيجب علينا أن نبكى على ذواتنا بحرقة قلب؛ لأنى رأيت رهبانا كثيرين وعذارى قد سقطوا فى هذا الظن؛ إذ قالوا عن أنفسهم: إننا شىء عظيم ولا يوجد أحد يشبهنا؛ وحقا أقول لكم يا أحبائى إنه ليس فيهم سوى الكبرياء والاستهانة بالناس والبغضة والغيرة الرديئة والخصام؛ فيجب علينا نحن أن نبكى على هؤلاء الثابتين فى هذه الشرور المذكورة؛ فتعاليم الله هى: الطهارة؛ السلام الدائم المملوء من الرحمة؛ وبقية الأثمار الحسنة الحقيقية؛ فأحرصوا أنتم يا أحبائى على اقتناء هذا التعاليم التى للروح؛ فإنه بهذه الأعمال يكون شفاء النفس من الأوجاع»، وفى نفس الرسالة يوجه اليهم الدعوة للمحبة والتسامح بعضهم نحو بعض فيقول: «ليغفر كل واحد لرفيقه كى ما يغفر لكم الرب؛ وكل من تعرض للظلم منكم؛ فليقبل ذلك بفرح ويسلم الأمر إلى الرب لأنه هو الحاكم العادل المجازى؛ انزعوا من قلوبكم كل الأفكار الرديئة التى تفكرون بها بعضكم على بعض لكى تنحل العداوة التى أصلها البغضة والحسد؛ لأن هذين الوجعين رديئين جدا ومرذولين عند الله والناس؛ ولا يجب أن يوجد عند أحد من المؤمنين. فيا أحبائى إن كانت هذه الأشياء قد وجدت بينكم فيما مضى؛ فمن الآن احترسوا أن لا توجد عندكم ولا تدعوها تتسلط عليكم».


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.