الأقباط متحدون - الإسكندراني: تناقضات المتدينين في مصر تعكس رغبة حقيقية في التدين الشامل
أخر تحديث ١٨:٢٩ | الاثنين ٩ يوليو ٢٠١٢ | ٢ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨١٦ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

"الإسكندراني": تناقضات المتدينين في "مصر" تعكس رغبة حقيقية في التدين الشامل


 

كتب- عماد توماس
صدر عن وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة "الإسكندرية"، العدد الثامن من سلسلة "مراصد"، والتي تضم دراسة للباحث "إسماعيل الإسكندراني" بعنوان "الثورة المصرية كحركة بعد إسلاموية: دراسة مفاهيمية تفسيرية للحالة العربية الراهنة". 
 
وتبين الدراسة أنه بالتوازي مع الثورة السياسية التي اندلعت شرارتها ظهيرة الثلاثاء 25 يناير 2011 في عدة مدن مصرية، قلبت الأحداث المتلاحقة موازين النظريات السياسية والاجتماعية التي انطلق منها الأكاديميون على مدار السنوات الطوال محاولين تحليل وتفسير الحراك الاجتماعي في "مصر".
 
وقال الباحث، إنه في الوقت الذي تعالت الأصوات الأكاديمية الأوفر حظًا من الانتشار الإعلامي بالتحذير من غياب البديل السياسي المناسب والتشاؤم من الاستقطاب الحاد بين نظام "مبارك" وبين جماعة الإخوان المسلمين، كانت هناك أنظار أخرى غير تقليدية تجاوزت دراسة البنى التنظيمية، وانطلقت صوب دراسة الحراك الشعبي السائل/ المنساب. وعلى صعيد آخر، لم يتحرر كثير من الأكاديميين والسياسيين من الاستقطاب العلماني – الإسلاموي وجدلياته ومناظراته، وعدم الاعتراف الضمني بأن أغلبية الشعب المصري بعيد عن الترف الفكري الذي يجعله يناقش اتجاهين ليس لهما علاقة بمواقفه الشخصية وممارساته اليومية وتطلعاته الاجتماعية والسياسية، فضلاً عن فشل أي منهما في تقديم تصورات واضحة لحقوقه واحتياجاته الاقتصادية.
 
وعرض الباحث تزاوجًا مميزًا بين حالتين كان قد رصدهما من قبل، إحداهما حركية وتنظيمية، والثانية سلوكية وفكرية، الأولى هي إصرار قطاع كبير من النشطاء الشباب على العمل خارج المؤسسات المسجلة رسميًّا، مكونين "المبادرات الشبابية" المستقلة، والثانية هي السلوكية والفكرية، فكانت مواقف أغلبية هؤلاء النشطاء من التدين. 
 
وبيّن "الإسكندراني" أنه يحاول في هذه الدراسة الربط بين الحالتين، سعيًا لتقديم نموذج تفسيري وتحليلي جديد، يمكن من خلاله فهم الكثير من التحولات الاجتماعية والجيلية في المجتمع المصري.
 
وفرّق الباحث بين مفهوم "إسلاموي" و"إسلامي"، فالإسلامي نسبة إلى ما هو عقائدي وتعبدي (إيمان وشعائر) وإلى القطعيات المعلومات من الدين بالضرورة، أما "الإسلاموي" فهو تعبير عما هو فكري وأيديولوجي، أي أنه "فهم الأشخاص والجماعات" لمنهج الإسلام في الحياة.
 
وعرض الباحث عددًا من الأسباب الداخلية لفشل المشروع الإسلاموي- في المنطقة العربية على الأقل- على مدار أربعة عقود، في تحقيق النجاح السياسي أو التغيير الاجتماعي للأفضل، بعيدًا عن العوامل الخارجة عنه كالقمع والتضييق وما شابه؛ ومنها: الخطاب التصادمي، والبحث الدائم عن "ماذا" و"لماذا"، مع التجاهل العجيب لـ "كيف"، والمراهقة الاجتماعية، والتفرد الانعزالي.
 
وتطرق "الإسكندراني" إلى ما بعد الإسلاموية Post-Islamism، موضحًا أنه لا يوجد مدلول أكاديمي واحد لمصطلح "ما بعد الإسلاموية"، لكن بشكل عام يشير المفهوم إلى مساحة معينة تتخذ فيها بعض المواقف المتعلقة بالتدين والديمقراطية والحكم المدني وحقوق الإنسان والخطاب السياسي. ورغم ندرة الكتابات الأكاديمية عن ما بعد الإسلاموية، فإننا يمكن أن نميز بين مدخلين لدراستها؛ الأول مدخل اقتصادي - سياسي غربي، والآخر مدخل اجتماعي - سياسي شرقي. 
 
وأشار إلى أن المصطلح نشأ في أوائل التسعينيات من القرن العشرين في الأوساط الأكاديمية الأوروبية (الفرنسية تحديدًا)، في حين أن الباحث الإيراني "آصف بيات" استخدمه بدءًا من عام 1996 بمدلول مغاير عما شاع به المصطلح في أوروبا من منحى اقتصادي – سياسي، وهو ما قد يثير اللبس في إدراك المفهوم. وبعيدًا عمن اختزل مفهوم ما بعد الإسلاموية في "مغادرة الإسلامويين لكل من التوجهين الجهادي والسلفي"، هناك مدخل مثير للاهتمام اعتنى به "أوليفييه روا" يتعلق بدور الدولة في الأسلمة في مقابل خصخصة الأسلمة، ثم أثر هذا التفاعل على ظهور ما بعد الإسلاموية.
 
وتطرقت الدراسة إلى ما بعد الإسلاموية السائلة في مصر، ورأى الباحث أن الإسلاموية في "مصر" كانت حالة مجتمعية، بخلاف إسلاموية الدولة الإيرانية. فالمجتمع بشكل عام، وبما تعجز المؤسسات عن الإحاطة به، كان في حالة إسلاموية أو انعكاس للإسلاموية، بمعنى أن الفكرة الإسلاموية لم تمس فقط من كان يعرضها من إسلامويين ومن كان يعاديها من علمانيين، بل كان تعطشًا شعبيًّا واسعًا لما يصلح القطيعة بينه وبين أحد أهم مكوناته الإدراكية والوجدانية. 
 
وقال الباحث: "إن أزمة التدين المظهري وتناقضات المتدينين في مصر ليس منشؤها النفاق أو حتى المسايرة الاجتماعية بالمقام الأول، بل تعكس رغبة حقيقية جمعية في التدين الشامل الذي يحقق الوصفة المثالية التي روّج لها الإسلاميون والإسلامويون كلاهما، "صلاح الدنيا وفلاح الآخرة". لكن المجتمع المصري وجد نفسه في مأزق حينما أراد أن يترجم بسهولة اعتقاده بأن الإسلام به كل الأجوبة الشافية الكافية الصالحة لكل زمان ومكان، ولا يتحدث الباحث هنا عن صحة هذا المعتقد من عدمه، بل عن تجريبه واقعيًّا.
 
 
ومن ناحية اجتماعية - اقتصادية، رأى الباحث أنه من المفيد لما بعد الإسلاموية في "مصر" أن تتأخر مؤسستها، وذلك كي لا تتأثر بالنموذج التركي الذي اختار سياسة اقتصادية ليبرالية اجتماعية للخروج من المآزق المعضلة للاقتصاد التركي. وفي خضم هذه الإشكاليات والتحديات يكمن أمل كبير في أن يُنتج النموذج المصري من ما بعد الإسلاموية السائلة أطروحات معرفية أعمق أصالةً تنسف ثنائية الحداثي - ما بعد الحداثي التي لم يعشها يومًا واقع المجتمعات العربية. وهنا تتعاظم قيمة تحرر ما بعد الإسلاموية من الليبرالية الاقتصادية، حتى لو كانت ليبرالية جديدة أو اجتماعية، وسيكون من مصادر ثرائها أن تتضمن بعض الجوانب الاشتراكية الأهلية (بعيدًا عن ارتباطها بالدول

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter