بقلم- دكتور وجدي ثابت غبريال
من الجهل يا "قامات" القانون في "مصر" أن تقولوا – مرارًا وتكرارًا حتى مللنا سماع هذا الكم من الأخطاء- إن حجية الحكم تنصرف للمنطوق وحسب. ألا تعلمون أن حجية الشئ المقضي تنسحب أيضًا إلى أسباب الحكم، لأن حجية الشئ المفسر تتناول حيثيات الحكم؟ أهو جهل أم غرض؟ ألا ترتبط حجية الشئ المقضي بحجية الشئ المفسر؟ رحم الله أستاذنا الدكتور "أحمد أبو الوفا" الذي علمنا مبادئ علم قانون المرافعات، ولو كان حيًا اليوم للقنكم درسًا من دروس القانون بدقة المعلم وقدرة العالم.
من الجهل يا "قامات" القانون في "مصر" التأكيد المتكرر على أن نطاق تطبيق حكم الدستورية ينصرف إلى ثلث أعضاء مجلس الشعب فحسب، وليس إلى المجلس الفاسد التكوين برمته، لأن تقسيمكم الإقصائي قائم على الاستحواذ على الثلثين، وحتى فتات الثلث تزاحمون فيه المرشحين المستقلين، ألا ترون في ذلك إهدار متعمد لمبدأ المساواة بالكامل، وهو الواجب تطبيقه في صحيح إطلاقه؟ أهو نسيان أم تنطع أم بلطجة قانونية؟.
من الجهل يا "قامات" القانون في "مصر" أن تتصوروا أن رئيس الجمهورية لم يمس حكم المحكمة الدستورية العليا، لأن سحب القرار التنفيذي رقم ٣٥٠ لسنة ٢٠١٢ وإصدار القرار رقم ١١ لسنة ٢٠١٢ بإعادة المجلس للانعقاد هو في حد ذاته امتناع آثم عن تنفيذ الحكم على النحو الذي حددته أسباب الحكم ذاتها. ومن الغفلة ألا تروا في عدم تنفيذ الحكم عملًا مجرمًا جنائيًا وفقًا لنص المادة ١٢٣ عقوبات، والبله غير المغتفر التحريض على اقتراف جنحة.
من السذاجة يا "قامات" القانون في "مصر" أن تتصوروا أن تنفيذ حكم قضائي يعتمد على رضاكم أو رفضكم أو اتفاقكم أو اختلافكم مع الحكم. فلا هذا ولا ذاك له وزن لا من الناحية القانونية الموضوعية ولا حتى من وجهة النظر الشخصية لكاتب هذه السطور، وقناعتكم الخاصة لا قيمة لها البتة من وجهة نظر المحكمة الدستورية العليا.
أي نظرة عابرة وأي فكر سطحي أوحى "لقامات" القانون بأنهم كسبوا حربًا فهو انتصار ملطخ بالعار. فأي فضل في مواجهاتكم المستمرة مع قضاء سيد لا يعرف طرائق الالتواء والغرض؟ إنه ذات القضاء الذي حطم الكيان الفاسد ووليد السفاح الذي أنشاه مجلس الشعب وتم حله في أبريل الماضي، وهو أيضًا القضاء الذي سوف يلغي كل ما امتدت إليه أيديكم من أعمال قانونية باطلة ومنعدمة حتى الآن: قرار رئيس الجمهورية بإعادة مجلس الشعب، وقرار تكوين التأسيسية الثانية، وبمشيئة الله مجلس الشورى أيضًا، وهذه هي نتيجة النهم والتعطش للسلطة بلا حدود. أي خزي؟ أين صفرتك يا موت؟.
من الجهل يا "قامات" القانون في "مصر" تصور أن رئيس الجمهورية يمكنه التحلل من احترام سيادة القانون والدستور، لأن هذا الالتزام ينبع من واجباته المنبثقة من الدستور مباشرة، وليس فقط من حلف يمين تستخفون به بقولكم إنه إجراء شكلي.
من العار يا "قامات" القانون إسداء النصح بأن سيادة القانون تعني خرقه، وأن احترام الدستور يعني تجاهله، وأن تمتع الرئيس بسلطة سحب القرار التنفيذي تعني العودة بمجلس الشعب إلى ممارسة وظائفه، وهو ما يتناقض حرفًا وروحًا وكلية وتفصيلًا مع حكم المحكمة الدستورية.
أي كسب في إحياء مجلس باطل؟ وأي فضل في بعث كيان منعدم؟
أي فضيلة في الدفاع عن قانون فاسد؟ وأي عبقرية في الالتفاف على أحكام القضاء؟
أي شجاعة في التهرب من المسؤولية أو التنصل من الالتزام؟
وإذا كان هذا هو حال "قامات" القانون، فما هو حال أقزامه؟
وإذا كان النور الذي في "مصر" ظلامًا، فظلامكم كم يكون؟!.