الأقباط متحدون - ومن سيئ إلى أسـوأ
أخر تحديث ٠١:١٨ | الاربعاء ١١ يوليو ٢٠١٢ | ٤ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨١٨ السنة السابعة
إغلاق تصغير

ومن سيئ إلى أسـوأ

 بقلم:عزمي إبراهيم

ومن سـيئ إلى أسـوأ.. تسـير مصر!!.. وستستمر مصر في انزلاقها على المنحدر المعتم حتى ترسو في قاع كهف الدين، القاع المظلم الكئيب المقيت الذي تفوح منه "دائمـــاً" رائحة الموت وعُفونة الدماء ومعالم الخراب. وليس هذا عن تجني أو افتراء. فما علينا إلا أن نلقي نظرة (مخلصة) إلى حال الصومال وأفغانستان واليمن والسودان وتونس ونيجيريا وغيرهم وحتى في إيران. وليس هذا ناتج عن تشاؤم في نفسي أو توقعاتي. بل حقيقة بدأت ملامحها ومعالمها بَيـّـنة واضحة لا يغفلها أو يتغافلها إلا حالم بسراب. تنزلق مصر بسرعة "فائقـــة" إلى حيث تنهش لحمها براثن ومخالب وأنياب الإسلاميون ويمتص دمائها ودماء أبنائها الشرفاء سماسرة الدين المتلاعبون به ومُدَّعو التدين المنافقون المغرضون الموالون لقوى خارج مصر ذوات أهداف بعيدة عن مصر ولا يهمهم ولا يهمها مصر. حقائق ثوابت لا مبالغة فيها ولا تجني.
 
هناك في القاع الأسوَد العطِن سترسو مصر. وأقول ترسو مجازاً، حيث أنها لن ترسو ولن تستقر ولن تسعد كما لم يرسو ولم يستقر ولم يسعد غيرها ممن انزلقوا على ذات المنحدر وركدوا في ذات القاع. بل ستظل كما ظلوا تغلى وتفور وتعاني وتقاسي بين هرج سياسي وفوضى دينية وكوارث أمنية وقتل وتقاتل إلى أن يصحو شعبها بعد قرون طوال وبعد ان يدفع الثمن باهظاً من حرية وأرواح ودماء واقتصاد وثقافة وأمان.
نشاهد بل نعيش مسرحية حيـَّة مليئة بالأحداث المتتابعة والمفاجآت المتوالية التي تجذب المشاهدين عـادة في عالــم المسرح. ولكن هذه المسرحية هنا ليست مسلية للمُشاهد إطلاقاً، بل هي كئيبة على القلب مقبضة للنفس، ولا تـُنبئ المشاهد "المصري الحـر" بنهاية طيبة. وأقصد بالمشاهد "المصري الحـر" كل مصري مسلم أو مسيحي.. لا "مسلم أخواني" ولا "مسلم سلفي" ولا إسلامي متطرف".
 
هي مسرحية لا أتجنى عندما أقول أن خلفيات وأهداف وملامح وتصرفات ممثليها أو "لاعبيها" و"محركيها" و"مخرجيها" و"منفذيها" و"الكاسبين منها" لا تختلف عن صفات أي غاز مستعمر ظالم مستبد. فقد رفض الأخوان المسلمون الاشتراك في ثورة الشباب المصري يوم 25 يناير 2011م في ميدان التحرير ضد طاغية دكتاتور متغافل عن صالح الوطن والمواطنين. وعندما لاح نجاح الثورة فاضت أمواج الأخوان على الميدان وانقضوا عليها، واقتنصوا منصاتها، واستحوزوا على مبكرفوناتها، وعلت أصواتهم وأصوات قادتهم مُدَّعين ملكيتها. وتضامن السلفيون معهم أو على الأقل خذوا حذوهم. وهاجموا معاً رجال الأمن، وفتحو السجون، وأطلقوا المساجين مجرمين وسياسيين وإرهابيين، وسَـلـَّحوهم، وشاعوا الفوضى والتخريب في أنحاء االبلاد.
 
وأشاعوا الترهيب والتخويف والترغيب والخداع باسم الدين وعلى حساب الدين ومستغلينه، وخدعو البسطاء بأن "لا" للنار و"نعم" للجنة، وقطعوا الطرق والسكك الحديدية، وعزلوا جنوب الوطن عن شماله، ورفعوا أعلام السعودية على أرض الوطن ونادوا باسمها في أعظم ميادين العاصمة غير خائفين من قانون، وحرقوا منشئات ومؤسسات وطنية، وأقاموا انتخابات البرلمان قبل وضع الدستور، واستغلوا حاجة المحتاجين والفقراء والعاطين بتوزيع زيت وسكر وبطاطس لشراء أصواتهم، وزوَّروا استمارات الانتخابات، وهددوا وأرهبوا وتعَدَّوا على لجان الانتخابات. ثم جلسوا في كراسي البرلمان يناقشون توافه الأمور ومضحكاتها بدلا من حل مشاكل الوطن والمواطنين من حاجة وفقر ومرض وضعف اقتصاد.. إلى آخره. كل ذلك وغير ذلك عديد عديد عديد.
 
سرقوا الثورة، وسرقوا الحرية والأمن، وسرقوا الانتخابات، وسرقوا البرلمان، وسرقوا رئاسة الجمهورية وفي طريقم لسرقة الدستور.. سرقوا مصر غصباً من أبنائها بطرق غير مشروعة وغير نزيهة وغير شريفة، وأقل ما يقال عنها أنها مشكوك فيها. فإن لم تكن هذه معالم استعمار.. فما هو الاستعمار؟؟
العجيب أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الحاكم والمسئول عن مصر وأمنها وتنفيذ القانون بها طوال تلك المدة (18 شهراً) لم يحرك ساكناً.لقمع أو ردع أو محاكمة أو إيقاف أو حتى تخطيء تلك التصرفات الغير قانونية بل الإجرامية، ومنها ما يقع تحت جريمة الخيانة العظمى. بل يمكن أن يقال أنه سمح بها وأيـَّـدها بصورة أو بأخرى. مما يؤكد أن دولارات أمريكا ودينارات وريالات السعودية ودول الخليج التي مَوَّلت الأخوان خاصة والسلفيين والاسلاميين عامة لم تنسى بعض الجنرالات. ومما يؤكد أيضاً أن هناك في قياداتهم ووحداتهم وثكناتهم عناصر وخلايا قوية من الأخوان المسلمين متداخلة في أخذ القرارات.
لم تنتهي المسرحيــــة بعـد!!.  فما وصلت إليه مصر وشعبها وحكومتها مجرد فصل من فصولها. فصل كئيب مرير. والستار الأسود وإن كان تحرك نحو النزول إلا أنه لم يُسدَل بالكامل بعـد!!
 
ستتوالى فصول أكثر كآبة ومرارة. رأيناها ونراها من حولنا في الدول التي تبَنــَّـت حكم الدين. نراها في إيران وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال والسودان. رأيناها تسير من سيء إلى أسوأ في لبنان العظيم، سويسرا الشرق، حيث كان يتلاقى رجال الأعمال والفنانون والعظماء والقادرون من كل صوب يتمتعون برحابه وجباله وشواطئه وحلاوة شعبه، بحرية وشرف وأمن وانسجام. استُبدل كل هذا بالرصاص والدماء والهدم والتخريب والخيانة والمكر والدهاء والجاسوسية والكذب والنفاق وشغل العصابات.. وليس مصيركِ يا مصر من ذلك ببعيد مادمتِ على نفس المسار: من سـيئ إلى أسـوأ.
أسفي عليكِ يا مصر!! وقعتِ فريسة هينة ضعيفة لا حول لك ولا قوة في مخالب الأخوان المسلمين. وستحظين بشرف أن تكوني من السبايا والجواري والزوجات الأكثر من أربعة في رحاب "الخليـــفة" الفحل الذي لن يكون مصرياً بأي حال من الأحوال، ربما سعودياً وربما خليجياً وقطعاً "أسيـــوياً". حتى عاصمتك ستكون "أسيــوية" لن تعد "طيــبة" ولا "ممفيـس" ولا "القاهـــرة". وعليك أن تأتِ يا مصر بـ "الخـراج" سنوياً لـ "بيـت مـال" الخلافــة أو الخليــفة ليثرى وتثرى حاشيته، ويجوع أبنائك: عمالك وفلاحيك فما أنت إلا "دويــلة" أو إمارة تابعة ذليلة لمن كنت لهم سيدة ممولة وأم عائلة وقائدة معينة ومدرسة وطبيبة وممرضة ومهندسة.
 
لن تكوني يا مصر في حكم الدين وفي حضن الأخوان عظيمة كريمة كما كنتِ في عناية محمد على "التــركي" الذي جعل منك دولة مدنية راقية. ولن تكوني رائعة مكرمة كما كنتِ في رعاية سعد زغلول "زعيــم الأمــة" وأصحابه الذين حرروكي من كابوس المستعمر وعلوا بك في سماء النهضة الثقافية والأدبية والفنية والتعليمية والاقتصادية والسياسية والوطنية والأخلاقية والدينيــــة. بل بكل صراحة لن تكوني أفضل مما كنتِ وأنتِ تحت كابوس المستعمر!!! فاستعمار الأخوان، لو حكموا مصر، استعمار ديـني عسكري سلطوي أنـاني قمعي تخلفي رجعي يذيب اسم "مصر" الجميل إلى "لا شيء" إلى "لا مصـر" شئــنا أم لم نشــاء.
 
كما ذكرت أنا لست متشائم... بل ألمس الواقع وأقرأ ملامح الحاضر فتعطيني رؤى المستقبل، ولكن...سأرغم نفسي على أن أتفائل!!.
سأتفاءل.. سأضع منظار الأمل على أفكاري، وعسى ألا يكون خدوعاً.
سأضع أملي لا في شباب مصر.. ولا في مثقفي مصر.. ولا في متحضري ومتحرري مصر.. ولا في عسكر مصر.. ولا في قضاة مصر.. ولا في الأزهر الشريف. سأضع أملي في د. محمد مرسي العياط، رئيس جمهورية مصر. الرجل الذي عاش وعمل ورَبّى أولاده وذاق طعـم الحيـاة الكريمة الحـرة هو وأسرته في أمريكا منبع الحرية وحصن الديموقراطية والإنسانية ومعقل احترام القانون.
وأسأله سيادة الرئيس: كيف تسمح لنفسك أن تتحدى القانون والقضاء والدستور والجيش بوطنك؟ كيف لا تكون قدوة لنا نحن مواطنيك لنحترم تلك المقدسات!؟  وكيف تخنث في قسَم الولاء لوطنك وشعبك!؟  لقد أخذت قسَم ولاء رئيس الجمهورية ورددته بصوتك ثلاثة مرات في ثلاثة ساحات على مسمع من الملايين بمصر والملايين بأنحاء العالم، حيث رددت فيه:
 
"أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعايةً كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه."
أتمنى يا سيادة الرئيس أن تحنث في قسَم والولاء والطاعة الذي أقسمته للأخوان ولمرشدها. وأن تعود مصرياً، ومصرياً فقط، تعشق مصر وسلامتها وتُعليها وتُعلي شأنها وشعبها فوق أي شيء في حياتك. أتمنى أن تكون رجلا.. مصرياً.. حراً.. إنسانياً.. ومحل ثقة أبناء وطنك لا أبناء جماعتك. وأن تنقذ مصر قبل أن تنزلق في ذاك المنحدر المعتم وقبل أن تصل إلى القاع المظلم الكئيب المقيت الذي تفوح منه "دائمـــاً" رائحة الموت وعفونة الدماء ومعالم الخراب.
وإن فعلـت.. فلك كل ولائي.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter