كتب- أبو العز توفيق
احتفل آلاف الأقباط، أمس الجمعة، بليلة عيد الأنبا "شنودة" رئيس المتوحدين، وذلك بديره الأثري بالجبل الغربي بـ"سوهاج".
بدأ الاحتفال بصلاة رفع بخور عشية، تلاها دورة بأيقونة القديس داخل الكنيسة، ثم تسبحة نصف الليل والقداس الإلهي، وقد ترأس الاحتفال الأنبا "يؤانس" الأسقف العام والمشرف على الدير.
نبذة عن القديس
وُلد القديس الأنبا "شنودة" رئيس المتوحدين ببلدة "شندويل" من أعمال "أخميم"عام 333م، وكان أبوه مزارعًا ويملك أغنامًا كثيرة، ولما كبر "شنودة" تسلم رعاية الغنم، فكان يرعاها ويعطي غذاءه للرعاة ويظل هو صائمًا طوال اليوم.
أخذه أبوه إلى خاله الأنبا "بيجول" ليباركه، فوضع يد الصبي على رأسه وقال: "بارك عليّ أنت لأنك ستصير أبًا لجماعة كثيرة"، وتركه أبوه عنده ومضى. وفي ذات يوم سمع صوت من السماء قائلًا: "قد صار شنودة رئيسًا للمتوحدين"، ومن ذلك الحين صار يجهد نفسه بالنسك الزائد والعبادة الكثيرة.
ولما تنيح الأنبا "بيجول" حل "شنودة" محله، فإتبع نظام الشركة الرهبانية الذي وضعه القديس "باخوميوس"، وأضاف عليه تعهدًا يوقعه الراهب قبل دخوله الدير.
بلغ عدد الرهبان في أيامه 1800 راهب، ولا يزال هذا الدير قائمًا حتى الآن غرب "سوهاج" يضم كنيسة ويعرف بدير الأنبا "بيشوي"، وبنى الأنبا "شنودة" ديرًا آخر بلغ عدد رهبانه 2200 راهب، وما زال حتى الآن يضم كنيسة ويعرف بدير الأنبا "شنودة".
صار الأنبا "شنودة" ضياءًا لكل المسكونة بعظاته ومقالاته والقوانين التي وضعها لمنفعة الرهبان والرؤساء والعلمانيين رجالًا ونساءًا، وقد حضر مجمع أفسس مع البابا "كيرلس الرابع والعشرين" ودافع عن الإيمان القويم. وعند نياحته طلب من تلاميذه أن يسندوه حتى يسجد لخالقه، فسجد ثم أوصاهم أن يترسموا خطاه، وقال لهم: "أستودعكم الله".
تاريخ ووصف الدير
يرجع تاريخ الدير إلى النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي بعد عام 383 م، حيث أن الأنبا "شنودة" ترهب بالدير الأحمر مع خاله الأنبا "بيجول"، وبقي معه حتى بلغ خمسين عامًا، أي حتى 383 م، وقيل أنه شُيد في عهد الملكة "هيلانة".
وتعتبر كنيسة الدير من أكبر الكنائس في "مصر"، ولها سور عال حوالي 20 مترًا، يعلوه أفريز رخامي به صفان من النوافذ السفلي قريب من منتصف السور، وله 27 نافذة بكل من الضلع البحري والقبلي, و9 نوافذ بكل من الضلع الغربي والشرقي، وطول المبنى 75 مترًا وعرضه 37 مترًا، ومبنى الكنيسة يمثل عظمة فن المعمار القبطي من حيث المساحة العظيمة التي تبلغ نحو 2775 مترًا مربعًا، والكنيسة لها ستة أبواب من كل جهة بابان ما عدا الشرقي حيث يوجد المذبح، والباب البحري والقبلي من الجرانيت الأحمر.
ويقع بجوار الكنيسة من جهة الغرب محجر به كهف عظيم عميق في قلب الجبل أُخذت منه بعض الأحجار التي بُني بها الدير، واعتاد المؤمنون زيارة هذا المكان، كما تقع في حضن الجبل مغارة، وهي عبارة عن حجرة كبيرة حوالي 10 متر في 10 متر، وغالبًا كانت هي مغارة القديس، وتوجد أيضًا مغارات كثيرة بجوار مغارة القديس كان يسكنها المتوحدون في عصره، أي في القرن الرابع الميلادي والقرن الخامس الميلادي.