الأقباط متحدون - بقيادة الاسلام السياسي.. مصر تتجه نحو المجهول
أخر تحديث ٠٨:٥٠ | السبت ١٤ يوليو ٢٠١٢ | ٧ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٢١ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

بقيادة الاسلام السياسي.. مصر تتجه نحو المجهول


 يدرك المراقب للشأن المصري وبخاصة منذ الإعلان عن فوز الرئيس السابق لحزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية، أن هوَّة آخذة بالإتساع بين تيارين رئيسيين بالمجتمع هما بحسب ما صارا يعرفا، تيار الدولة المدنية وتيار الإسلام السياسي.

ويرى مراقبون أن قرار الرئيس مرسي "بعودة مجلس الشعب "البرلمان" المنتخب إلى الانعقاد وممارسة صلاحياته" برغم قرار مخالف سابق أصدرته المحكمة الدستورية العُليا "أعلى هيئة قضائية في البلاد"، يعد أحد تجليات صراع التيار المدني وتيار الإسلام السياسي على فرض رؤيته لمستقبل مصر.

ويُحذِّر خبراء من خطورة حدوث قلاقل واضطرابات في البلاد في حال استمرار ذلك الصراع، بما ينعكس على مستقبل مصر سلباً من مختلف الجوانب.

وقال كبير الباحثين في "مركز الشرق للدراسات الإقليمية والاستراتيجية" الدكتور فؤاد السعيد أن ملامح الأزمة بدأت في التجلي عقب الإعلان عن فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة البلاد.

وأوضح السعيد أن الأزمة مكوَّنة من شقّين، الأول من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي تأخَّر في إصدار "إعلان دستوري مُكمِّل"، "عقب حُكم أصدرته المحكمة الدستورية العُليا ببطلان قانون انتخابات مجلس الشعب "البرلمان" ما يعتبر معه المجلس غير قائم بقوة القانون"، وهو ما اعتبره التيار الديني وبخاصة جماعة الإخوان المسلمين مؤامرة على البرلمان الذي يمثل نواب التيار الإسلامي نحو 67 بالمئة من أعضائه وانتقاصاً من صلاحيات رئيس ذو خلفية إسلامية، ورأى أن ذلك الإعلان ما كان ليصدر لو فاز رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق أحد أبرز أعضاء النظام السابق وصاحب الخلفية العسكرية العميقة.

وأضاف أن الشق الثاني من الأزمة فتمثَّل في كيفية أداء الرئيس المنتخب اليمين الدستورية، فالمنتمين للإخوان المسلمين على مستوى القواعد باقي مؤيدي الإخوان تشبعوا بأقوال قيادات الإخوان التي تركزت على أن الرئيس لن يؤدي اليمين الدستورية سوى أمام البرلمان المنتخب أو أمام الشعب في الميادين إذا لم يعود البرلمان للانعقاد، فيما الجميع يعرف أنه لا بديل عن أداء اليمين أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية.

كما كشف السعيد عن أن نقاشاً دار بين قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة حول سُبل التعاطي مع مرسي في حال انتُخب رئيساً للجمهورية، لافتاً إلى أن مجموعة من القادة أكدوا أنه لا ضرورة للقلق من فوز مرسي وأنه من الضروري احترام النتيجة التي ستُسفر عنها نتيجة الانتخابات الرئاسية أيَّاً ما كانت.

وأكد عدد من الخبراء أن ما قام به الرئيس مرسي من خطوات منذ الإعلان عن فوزه بالرئاسة كان يُخاطب بها جماعة الإخوان المسلمين على مستوى القواعد وقواعد باقي جماعات الإسلام السياسي.

وأوضح أولئك الخبراء ذوي الخلفيات العسكرية والأمنية أن دعوة نواب البرلمان المنحل لحضور حفل تنصيب الرئيس بجامعة القاهرة لم يكن سوى لتثبيت مكانة نواب حزب "الحرية والعدالة" الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الذي كان يترأَّسه مرسي وباقي نواب تيار الإسلام السياسي، في دوائرهم الانتخابية استعداداً للانتخابات النيابية المقبلة.

وأضافوا أن القرار الجمهوري بعودة البرلمان كان يصب في ذات الإطار الذي يخاطب تيار الإسلام السياسي والتأكيد لمؤيديه أن قادة ذلك التيار يمتلكون القدرة على الوقوف في وجه المجلس العسكري والمحكمة الدستورية العُليا التي وصفوها بأنها واحدة من ملامح النظام السابق.

غير أن عدداً آخر من الخبراء اعتبر أن الأزمة الراهنة في حقيقتها ليست صراعاً بين تيار الإسلام السياسي وبين المجتمع المدني فحسب، بل هو بين الإسلام السياسي وبين باقي مؤسسات الدولة التي باتت متخبِّطة بين تعهدات رئيس الدولة بأن يكون حكماً بين السلطات وهو تعهُّد مستمد من دستور 1971 الذي سقط باندلاع ثورة 25 يناير، وبين قرارات الرئيس بعد توليه سدة الحكم.

واتخذ ذلك الصراع بعد فترة من بدايته شكلاً جديداً، فقد لجأ أنصار الإسلام السياسي إلى الميادين للتظاهر في محاولة لانتزاع سلطة التشريع من المجلس الأعلى للقوات المسلحة والذي استردها بعد بطلان البرلمان، فيما نأت الغالبية العظمى من التيارات الليبرالية واليسارية بنفسها عن المشاركة في ذلك الصراع بعد أن ادركت أن الهدف هو إضافة سُلطة التشريع إلى صلاحيات رئيس الدولة وهو ما يخالف المنطق باعتبار أن الرئيس هو رأس السلطة التنفيذية.

وقال الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلون، إن البيان الأخير الذي أصدره الرئيس مرسي حول احترامه للقضاء وأحكامه يعتبر "وقفة تعبوية" لصراع بين فكر الدولة الدينية ممثلاً بجماعة الإخوان المسلمين وبين التيار المدني الذي يحترم السلطة القضائية.

وتوقَّع عودة أن تعقب تلك الوقفة التعبوية معركة ستكون أقوى بين الطرفين، معرباً عن اعتقاده بأن الإخوان المسلمين يعتمدون منهجاً إقصائياً يرغبون من خلاله في السيطرة على سلطات الدولة، على عكس تيارات فكرية عديدة أهمها التيار الليبرالي فضلاً عن أن المنهج الإخواني يصطدم بالضرورة مع الرؤية التي طرحها المجلس الأعلى للقوات المسلحة والتي عبَّر عنها من خلال بياناته وتصريحات قادته من الرغبة بوجود تناغم بين مختلف القوى السياسية والتوحد حول هدف واحد هو خدمة البلاد.

ومن جانبه رأى وكيل مؤسسي حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" عبد الغفار شُكر أن الأزمة الراهنة تجاوزت السجال بين أنصار الدولة الدينية والدولة المدنية إلى تحدي السلطة القضائية ذاتها وبات الأمر يُقاس بمن يحترم القضاء وأحكامه وبين من لا يحترمه.

وعبَّر عن حزنه لاستغلال القانون كأداة من أدوات الصراع السياسي، مشيراً إلى أن أحداً من حُكام مصر السابقين لم يجرؤ على تحدي السلطة القضائية حتى أن عبد الناصر اضطر إلى استصدار قانون جديد للسلطة القضائية ليتم تغيير قضاة بصفاتهم ولكن لم يتمكن من أن يلغي أو يُغيِّر حكماً قضائياً.

وحذَّر شُكر من أن عدم احترام السلطة التنفيذية وبخاصة رئيس الدولة للأحكام القضائية يؤشِّر إلى مقدمة لاندلاع فوضى عارمة، ربما تستدعي تدخل الجيش لفرض سلطة القانون وهيبته.

وفي محاولة لترميم الواقع السياسي المصري، طرح سياسيون مصريون أفكاراً ورؤى ومبادرات لاحتواء الأزمة بين مؤسستي الرئاسة والقضاء، كان أبرزها مبادرة للمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي لبدء حوار وطني بمشاركة رئيس الجمهورية والقوى المدنية والمجلس العسكري والسلطة القضائية لتحقيق توافق حول إعلان دستوري مُكمِّل جديد.

وتقترح مبادرة البرادعي أن يتضمَّن "الإعلان الجديد" تشكيل جمعية تأسيسية متوازنة لإعداد دستور ديمقراطي يضمن الحقوق والحريات، ويمهِّد لنقل السلطة التشريعية إلى الجمعية التأسيسية، والاتفاق على تشكيل مجلس الدفاع الوطني برئاسة رئيس الجمهورية، فيما تواصل القوات المسلحة دورها في حماية البلاد وحفظ أمنها بقرار من مجلس الدفاع الوطني.

وفيما لم تجد مبادرة البرادعي آذاناً صاغية من أية قوة سياسية، فإن اقتراح جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي "حزب الحرية والعدالة" بإجراء استفتاء شعبي على "الحُكم القضائي بحل البرلمان" هي أيضاً اصطدمت بحقيقة ألا سبيل سوى الانصياع لأحكام القضاء.

وتنذر حالة الاستقطاب والتراشق بين تيار الدولة المدنية بعناصره الرئيسية وهي القضاء والجيش والقوى الليبرالية واليسارية وبين تيار الإسلام السياسي، بخطورة حقيقية على مستقبل مصر التي دائماً تراهن على خطوات شعبية غير متوقعة لانقاذها.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.