اوساط مصرفية تخشى من تعديلات قانونية على أسس دينية وسياسية تضر بشفافية واستقلالية النظام المصرفي المصري.
القاهرة - تباينت ردود فعل المصرفيين المصريين بشأن التعديلات المقترحة على قانون البنك المركزي، الخاصة بالسماح بمنح تراخيص جديدة للبنوك، التي تعمل وفق ضوابط الشريعة الإسلامية.
واعتبر محللون أن عدد البنوك الحالي البالغ 39 مصرفا يفي بحاجة السوق المصرية، وأن البنك المركزي يمكن أن يمنح البنوك، التي ترغب بتقديم خدمات الصيرفة الإسلامية، رخصا لمزاولة هذا النشاط دون زيادة عدد البنوك القائمة.
وتصف الاوساط المصرفية سعي جماعة الإخوان المسلمين (حزب الحرية والعدالة) لتعديل قانون البنك المركزي المصري، بأنه تدخل فني أكثر من كونه تنظيما لعمل البنوك.
في حين يقول حزب الحرية والعدالة إن المشرع يسعى لتعزيز استقلالية البنك المركزي وتحصين المحافظ ونائبيه من الإقالة والعزل واستبعاد العاملين في القطاع من عضوية البنك المركزي.
وتسعى التعديلات المقترحة لتحديد الحد الأدنى لرأسمال البنك المركزي بـ 662 مليون دولار أميركي، بدلا من 166 مليون دولار، والبنوك بـ 331 مليون دولار، بدلا من 82 مليون دولار، أي أربعة أضعاف الحدود الحالية.
أما فروع البنوك الأجنبية، فتسعى التعديلات لرفع الحد الأدنى لرأسمالها من 50 إلى 300 مليون دولار أميركي.
وتشمل المقترحات تعديلات جوهرية فى 31 مادة من قانون 88 لعام 2003، وتضم بابا كاملا ينظم عمل البنوك الاسلامية والصيرفة المتوافقة مع الشريعة، يحتوي على 15 مادة.
وقالت بسنت فهمي، مستشار بنك البركة المصرفي السابق، إن الجهاز المصرفي يحتاج فعلا إلى تعديل، ولكن تلك التعديلات تحتاج إلى استشارة رؤساء البنوك العاملة في مصر، فهم الأكثر فهما لآليات السوق، إذ لا يمكن مثلا أن يضع تلك التعديلات أشخاص لا يعرفون شيئا عن أعمال البنوك وإدارتها.
وقال المصرفي طارق عامر، إن حزب الحرية والعدالة لم يناقش اتحاد البنوك في التعديلات المقترحة على قانون البنك المركزي، مشيرا إلى أن الهدف من التعديل غير مفهوم ولن يتوافق معه عدد واسع من بنوك قطاع البنوك.
وأضاف عامر إن إسناد مهمة ترشيح محافظ البنك المركزي ونائبيه إلى رئيس الوزراء، حسب التعديلات المقترحة، يقيد استقلالية البنك المركزي، وأنه ينبغي أن يحق لمحافظ البنك فقط اختيار نوابه من الكفاءات، التي يستطيع العمل معها، وليس من خلال فرضها من السلطة التنفيذية، ممثلة برئيس الوزراء، متسائلا "كيف يعمل المحافظ مع فريق لا يعرفه"؟
وحث عامر حزب الحرية والعدالة على إعادة النظر في تعديلات قانون البنك المركزي والتشاور مع اتحاد البنوك، مؤكدا أن على الحزب التركيز على حقوق المساهمين فى البنوك عند إدخال تعديلات على القانون الحالي.
واعتبر محمد منتصر مدير إدارة التخطيط ببنك القاهرة سابقا أن هذه التعديلات تحتاج لأكثر من ثلاثة أعوام للتطبيق في السوق المصرية، مشيرا إلى أن الأجدى في الوقت الراهن التركيز على القضايا التي تنهض بالاقتصاد وتحقق النمو والتنمية.
وأضاف منتصر إن السوق المصرية تفتقر للكفاءات البنكية التي تتمتع بخبرة ودراية كافية بمعايير تطبيق الصيرفة الإسلامية، لافتا إلى ضعف الرقابة على النشاط البنكي المتوافق مع الشريعة الإسلامية.
وشدد محمد السيد مرسي عضو مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية على أهمية التأكد من سلامة السياسات التي يتم تطبيقها، مؤكدا ضرورة وجود معايير لقياس الربح والخسارة لحماية صغار المستثمرين.
وأضاف أن البنوك المتوافقة مع الشريعة كافية لتغطية احتياجات العملاء في السوق، حيث لا تزيد نسبة الصيرفة الإسلامية على 4% من حجم الجهاز المصرفي. وشدد على أن الفارق الجوهري يتضح جليا عند مستوى تقديم الخدمة، وأن البنوك تنقسم بين جيدة وأخرى سيئة، وليس في كونها إسلامية أو تقليدية.
ويشدد أنصار التعديلات على ضرورة وجود هيئة شرعية للرقابة على البنوك الإسلامية بالبنك المركزي، الى جانب الوحدات الشرعية التابعة للبنوك المتوافقة مع الشريعة. بل ويذهبون الى ضرورة الفصل بين النشاط البنكي التقليدي والنشاط البنكي الاسلامي، داعين الى السماح بالتحول الكامل لتقديم خدمات الصيرفة الإسلامية في عموم البلاد، إذا تعذرت عملية الفصل بين النشاطين.
ويرى معارضو التعديلات أن زيادة نسبة النشاط البنكي الاسلامي يمكن أن تضر بمتانة النظام البنكي، بسبب ضعف الرقابة على النشاط البنكي الاسلامي.
ويؤكد البعض أن النشاط البنكي الاسلامي ليس محكما مثل نظيره التقليدي، وأن فيه كثيرا من الثغرات التي لا تتوافق مع الانظمة البنكية العالمية. ويضيف هؤلاء بأن التوافق مع الشريعة يفتح بابا واسعا للاجتهادات الفقهية، ويكون أحيانا، مجرد غطاء يسمح للبنوك الاسلامية بتحقيق ارباح أكبر من تلك التي تحققها البنوك التقليدية.