الأقباط متحدون - التيار الديني والتعذيب
أخر تحديث ٢٣:٠٩ | الاربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٢ | ١١ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٢٥ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

التيار الديني والتعذيب

 

بقلم: أسامة عثمان

لا أظن أنه يوجد عاقل يعتقد أن الدين الذي أنزله الله – أي دين – ممكن أن يبيح التعذيب للحيوان فضلا عن أن  يبيحه للإنسان الذي كرمه الله على جميع مخلوقاته .


ولكن هل يعتقد التيار الديني المتأسلم ذلك الاعتقاد ؟


الإجابة المفترضة هي بما أنهم يدعون إلتزامهم بالدين فلابد أنهم سيكونون ضد التعذيب خاصة أنهم تعرضوا له بشدة على يد النظام السابق منذ ثورة يوليو وحتى قيام الثورة ، ولكن الحقيقة غير ذلك فالتيار الديني يرفض التعذيب حينما يقع عليه فقط أما أن يمارسه هو ضد مخالفيه فلا بأس ، فعندما كنت مع التيار الديني كان يدرس علينا الكتاب الأشهر في السيرة النبوية الشريفة ( الرحيق المختوم ) لصفي الرحمن المباركفوري وهو بحث مقدم لإحدى المسابقات في السعودية نال عنها المركز الأول ، هذا الكتاب نال شهرة عظيمة عند الجماعات المتأسلمة بكل فروعها من إخوان إلى قطبيين إلى الجماعة التي كنت أنتمي إليها وهي الجماعة الإسلامية بحيث شكل لنا العقل والوجدان .


هذا الكتاب ذكر فيه المؤلف – حسب اعتقادي زورًا – واقعتين للتعذيب إحداها بإقرار من الرسول والثانية بأمر مباشر منه ، ففي طبعة ( دار الوفاء ) ص 195 في معرض حديثه عن غزوة بدر ذكر تحت عنوان ( الحصول على أهم المعلومات عن الجيش المكي ) قال : (( وفي مساء ذلك اليوم بعث صلى الله عليه وسلم استخباراته من جديد ليبحث عن أخبار العدو ، وقام لهذه العملية ثلاثة من قادة المهاجرين : علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه ، ذهبوا إلى ماء بدر فوجدوا غلامين يستقيان لجيش مكة ، فألقوا عليهما القبض ، وجاءوا بهما إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة ، فاستخبرهما القوم ، فقالا : نحن سقاة قريش ، بعثونا نسقيهم من الماء ، فكره القوم ، ورجوا أن يكونا لأبي سفيان – لا تزال في نفوسهم بقايا أمل في الاستيلاء على القافلة – فضربوهما ضربا موجعا حتى اضطر الغلامان أن يقولا : نحن لأبي سفيان فتركوهما . ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال لهم كالعاتب : ( إذا صدقاكم ضربتموهما ، وإذا كذباكم تركتموهما ، صدقا والله ، إنهما لقريش ) ..


أما الواقعة الثانية فقد ذكرها المؤلف في ص 323 أثناء حديثه عن غزوة خيبر وتحت عنوان ( قتل ابني أبي الحقيق لنقض العهد ) قال : (( وعلى رغم هذه المعاهدة غيب ابنا أبي الحقيق مالا كثيرا ، غيب مسكا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب ، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير . قال ابن اسحاق : وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكنانة بن الربيع ، وكان عنده كنز بن النضير فسأله عنه فجحد أن يكون يعرف مكانه ، فأتى رجل من اليهود فقال : إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة  ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة ( أرأيت إن وجدناه عندك اأقتلك ؟ قال نعم ، فأمر بالخربة ، فحفرت ، فأخرج منها بعض كنزهم ، ثم سأله عما بقي ، فأبى أن يؤديه ، فدفعه إلى الزبير ، وقال : عذبه حتى نستأصل ما عنده ، فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه ، ثم دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة ، فضرب عنقه بمحمود بن مسلمة )) .


هذا غير القصة التي كانت تحكى لنا ونحن في الجماعة الإسلامية والتي يتداولها كثير من الشيوخ على الفضائيات الدينية عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أتي برجل كان يلقي بتساؤلات عن الدين حسبه بها معاصروه أنه يشكك في الدين لعجزهم عن الرد عليه فجاءوا به إلى عمر فلم يكلمه ولم يناقشه أو يستمع إلى تساؤلاته وأمر بتعليقه من رجليه وضربه بالجريد حتى أدمي ، ثم أمر بإنزاله وعلاجه ، ثم أمر بتعليقه مرة أخرى من رجليه وضربه بالجريد حتى أدمي . فعل ذلك ثلاث مرات ثم أمر بإحضاره فسأله ما هي تساؤلاتك فقال لقد ذهبت يا أمير المؤمنين. 


ولقد سمعتها في أحد البرامج الدينية وهم يحكونها بفخر وكأنها أحد مناقب عمر ولا يعلمون لفرط فقدانهم للضمير ولأن فطرتهم قد انتكست فأصبحوا يرون الحق باطلا والباطل حقا أنهم بذلك يسيئون للفاروق عمر ، وكانوا ساعتها يذكرونها بسبب إصدار الأستاذ جمال البنا لكتابه ( تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم ) وأنه لو كان موجودا أيام عمر لكان جزاؤه مثل ما فعل عمر بذلك الرجل .


لذلك فلا نستغرب من مقطع الفيديو الذي ظهر للشاب المحامي "أسامة كمال"  والذي تعرض للتعذيب على يد بعض قيادات الإخوان في ميدان التحرير أثناء الثورة لاشتباههم فيه أنه ضابط أمن دولة ، فسواء أثبتت التحقيقات صحة هذا الفيديو أم لا فهذه الأفعال تتفق تماما مع ما تعلموه في كتاب الرحيق المختوم أو ما يذكره شيوخهم في دروسهم وبرامجهم الدينية .


أسأل الله أن ينجينا من كل الطواغيت المدنيين منهم ومن يلبسون مسوح الدين حتى تتقدم بلادنا .

 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع