الأقباط متحدون - المتحوّلون
أخر تحديث ٠١:٠٠ | الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٢ | ١٢ أبيب ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٢٦ السنة السابعة
إغلاق تصغير

المتحوّلون

 بداية أوجه التهنئة إلى كل أبناء الشعب المصرى بحلول شهر رمضان المبارك، أعاده الله علينا جميعاً بالخير واليمن والبركات. أكتب هذا المقال إيماناً منى بالحوار وأهميته كضرورة قصوى فى حياة الأمم وكآلية رئيسية لتحقيق التقدم والسلام الاجتماعى فى أى مجتمع حديث وحر. فقد طالعت مؤخراً للكاتب الدكتور علاء الأسوانى مقالة له بجريدة «المصرى اليوم» الغراء بعنوان «درس وثلاثة تمارين»، وأيضاً قرأت له مجموعة من التدوينات تخص شخصى المتواضع، حيث لم يتوان الروائى العالمى فى تلك الكتابات عن إلقاء مجموعة من التهم ضدى أثارت تعجبى، ليس فقط لأنها عبارة عن مجموعة من الأكاذيب والادعاءات، ولكن أيضاً لأنها صدرت بلغة من كاتب وروائى المفترض فيه احترام حرية الرأى والتعبير والارتقاء بالحديث والحوار إلى درجة تتفق مع الديمقراطية التى يراها الكاتب دائماً، وعن حق، هى الحل عندما يهاجم الآخرين ويتناساها عندما يكون الهجوم موجهاً لشخصه.

 
ولكنى لن أشارك الدكتور الأسوانى أسلوب نقده، بل نقضه، وسأقوم بمبارزته حوارياً محاولاً الانتصار لكلمة أراها هى الحق، ولا أدعى معها امتلاكى الحق المطلق. فالكاتب والروائى اتهمنى بأنى كنت من الداعمين للفريق أحمد شفيق فى جولة الإعادة فى الانتخابات الماضية، وحقيقة الأمر لا أعلم من أين جاء «الأسوانى» بهذه المعلومة، فأنا شخصياً لم أعلن فى أى حوار أو تصريح دعمى للفريق، حيث إننى لو كنت أريد دعم شفيق لأعلنت ذلك بوضوح كما أعلن البعض، أو كما فعلت بنفسى مع السيد عمرو موسى، الذى أعلنت دعمى له فى الانتخابات الرئاسية دون مواربة، وبالمناسبة خيارى هذا هو نفس خيار الصديق الناشر لكتب الروائى العالمى نفسه. وعلى ذلك لا أعلم من أين جاء «الأسوانى» بتلك المعلومة، التى تكشف إما أن الكاتب يعرف أنها غير صحيحة وقام بنشرها، مما يمكن تسميته بـ«الادعاء والتضليل»، أو أنه لا يعرف الحقيقة، وتحدث عن عدم معرفة واستسهال فى عدم البحث عن صحة المعلومة من عدمها، وهو الأمر الذى لا يمكن قبوله من كاتب يروم الديمقراطية والحقيقة سبيلاً.
 
وعلى نفس الخط والمنوال للخط الخيالى للروائى الكبير فإنه ادعى دعم قنوات «أون تى فى» للفريق شفيق خلال جولة الإعادة دون أن يحدد ما هى أشكال هذا الدعم «ملاحظة: الدكتور مرسى حلَّ ضيفاً على (أون تى فى) مع يسرى فودة، فى حين أن (شفيق) لم يظهر مطلقاً»، فهل نحن سخَّرنا قنواتنا لأنصاره ومريديه، فمعلوماتى المتواضعة من خلال متابعتى للقناة وخطها إبان جولة الإعادة أن أنصار الدكتور مرسى كانوا دائماً قاسماً مشتركاً فى أغلب الحوارات واللقاءات التى تمت، ورغم ذلك أيضاً فالسيد «الأسوانى» عليه أن يدرك أننى كمالك لقنوات «أون تى فى» لا أتدخل فى العمل التحريرى أو الإدارى للقناة، وإلا فعلى الدكتور «الأسوانى» أن يعترف بأنى كنت أحد أهم داعمى الثورة، حيث كانت قناة «أون تى فى» هى قناة الثورة الأولى بامتياز بشهادة الجميع، وأظن أن الروائى يذكر أنه نفسه ظهر على القناة فى مواجهة الفريق شفيق يوماً واحداً قبل استقالته فى حلقة شهيرة لا أظن أياً من قنوات حلفاء الدكتور الأسوانى كان يستطيع إخراج مثل تلك المناظرة إلى النور، فيا سيد علاء لستُ من هؤلاء الذين يضيقون ذرعاً بحرية الرأى والتعبير. وأيضاً لو كان عندك من فيض النصائح لأحد حول احترام حرية الرأى والتعبير أو حتى حول المهنية الإعلامية، فأدعوك لتوفير هذا إلى حلفائك الأقربين، الذين يتحفوننا بدروس فى كيفية التشويه وعدم الموضوعية الإعلامية، وهى أمور يدركها المواطن المصرى البسيط من خلال متابعة قنوات لا تقدم إلا الرأى الواحد وتعمل على توجيه المشاهد لوجهة واحدة.
 
واستكمالاً لجملة الاتهامات التى وجهها لى الروائى الكبير بأننى أحرص أولاً على مصالحى مع «مبارك» و«شفيق» والمجلس العسكرى، وهذا اتهام مثير للشفقة على صاحبه قبل أن يثير السخرية، فأنا أحد رجال الأعمال القلائل الذين لم يكونوا جزءاً من حاشية الرئيس السابق وابنه أو عضواً بالحزب الوطنى، والذى مواقفى منه لا تحتمل أى التباس، وأنا هنا لا أدعى الثورية أو بطولات زائفة لكنى على الأقل لم أكن من جوقة الساعين إلى رضاء العائلة الرئاسية فى أى يوم من الأيام، ناهيك عن موقفى الذى أعلنته مع اندلاع شرارة الثورة، بالإضافة إلى انحياز قناة أملكها للثورة والثوار منذ اليوم الأول فى يوم كان الآخرون يضللون فيه الشعب ويكذبون عليه، وكل هذا موثق مادياً وتاريخياً. أما بخصوص الاتهامات التى ساقها لى حول الأراضى وثمنها البخس وخلافه، فإنى أتمنى من الكاتب الكبير أن يتوجه بما لديه من دلائل ومستندات إلى جهات التحقيق المعنية بدلاً من إطلاق الاتهامات.
 
أما بخصوص المجلس العسكرى، فالكاتب والروائى العالمى يعرف من هؤلاء الذين عقدوا اتفاقات مع المجلس، نتج عنها المسار العبثى لمرحلة التحول الديمقراطى التى أدخلنا فيها، وهؤلاء الذين يعرفهم الكاتب الكبير لا يجد غضاضة فى التحالف معهم والتقاط الصور الشرفية بجوارهم.
 
نأتى لنقطة مهمة، وهى ما طرحه الكاتب فى مقاله الأخير حول أن الأقباط هم جزء من مخطط إجهاض الثورة، أو بالأحرى أن مخاوفهم تدفعهم للتضحية بالثورة ذاتها، وهو الأمر المستغرب، لأن مثل تلك الكلمات تدخل فى نطاق الكتابات العنصرية.. واعتقد الروائى، الذى درس بفرنسا، أن مثل هذه الأفكار هى أفكار تنافس كتابات ليفى كوهين وجولكسمان وفنكلكروت فى المحتوى العنصرى ضد الآخر، وهو الأمر المستغرب من كاتب طالما ادعى رفضه للطائفية والتقسيم الطائفى، فكاتبنا العزيز بدلاً من أن يسأل نفسه لماذا ذهب جزء ليس بالقليل من الأقباط للتصويت لـ«شفيق» فى المرحلة الثانية لم يقدر الهواجس المشروعة لدى جزء كبير من أقباط مصر من تيار لم يقر فعلياً ولا نظرياً بحقوق أقباط مصر كاملة كمواطنين كاملين «الأمر الذى اعترف به الكاتب فى كتابات له سابقاً»، فإذا به يتعامل معهم بازدراء شديد لا يكشف عن شىء إلا عن أحادية فى المنظور لدى كاتبنا الكبير.
 
وقد اتهمنى «الأسوانى» بأنى طالبت الدول الغربية ببسط حمايتها على مصر لحماية الأقباط، وهو ما لم يحدث بالمرة، وما هو إلا تحريف مقصود لما صرحت به لوسائل الإعلام الكندية من ضرورة تدخل الغرب لمنع دولة خليجية بعينها داعمة لتيار الإخوان المسلمين من إرسال الأموال إلى مصر والتدخل فى شؤونها. وهى تصريحات مسجلة ويمكن الرجوع إليها بدلا من ترديد تحويرات وأكاذيب. إن مخاوف الأقباط من تولى رئيس من التيار الإسلامى حكم مصر هى مخاوف غالبية المصريين المسلمين أيضاً الذين لم يعطوه صوتهم وهم يشعرون بأن الثورة قد سُرقت منهم، وأصبح ميدان التحرير ميدان الإخوان المسلمين بدلاً من ميدان الثورة ورمزها.
 
كان من الممكن أن أرد على هذه الأباطيل بالأسلوب نفسه، وهو ترديد الاتهامات التى بلا سند، كأن أردد مثلاً ما يقوله الكثير من الكُتاب والمثقفين من أن «الأسوانى» ليس الكاتب الفعلى والحقيقى لكتابه الأشهر «عمارة يعقوبيان» وهذا مثال لمدى تجاوز الاتهامات، التى بلا سند، لكل حدود الأخلاق والشرف، وأنا أنأى بنفسى عن اتباع مثل تلك الأساليب.
 
وفى النهاية أود أن أقول إنى من أشد المعجبين بروايات الروائى الكبير إلا أنى ألاحظ أنه فى الفترة الأخيرة أصبحت العصبية والانفعال السمة الأساسية فى كتابات وحوارات كاتبنا الكبير، التى جعلته يتماهى مع الثورة، فتحولت الثورة هى علاء الأسوانى وعلاء الأسوانى هو الثورة، وهذا التماهى يكشف عن أحادية فكرية يعانى منها الكاتب الكبير، لابد أن يواجه نفسه بها ويحاول علاجها. وعلى كل الأحوال أقول للدكتور الأسوانى: من حقك أن تؤمن بما تريد وترى أنه فى صالح الثورة، ولكن عليك أن تعرف أنك لست حامل أختام وصكوك الثورة، فالثورة أكبر من أن يحتكرها أو يتحدث باسمها أى إنسان. وختاماً دعنى أهمس همسة صدق: إن اتهاماتك لا تجدى ولا تنفع، وإن احترام الرأى المخالف لهو قمة الإيمان بفكرتك وقبلها بحرية الفكر، ورحم الله الإمام الشافعى عندما قال: «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب». التاريخ سيذكر من الذى ثبت على موقفه ومن الذى تحول فى لحظة فارقة فى تاريخ الأمة.
نقلاً عن المصري اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع