محمد أبوقمر
وحياتك زي ما بؤلك كده لما كانوا بيقولونا وإحنا صغيرين عبارة ( فتح مصر ) كنت بفكر إن مصر كانت مقفولة بقفل كبير ومفتاحها ضاع وبعدين جه عمرو بن العاص الله يكرمه ومعاه ناس كتير كسروا القفل وفتحوها ،
رجعوا تاني قالوا لنا : ( الفتح العثماني لمصر ) ، ولأني كنت طفل صغير اعتقدت إن مصر اتقفلت تاني وجه العثمانيون كسروا القفل وفتحوها ، قلت لنفسي يادي النيلة هي مصر كل شويه تتقفل ليه ، فكرت بيني وبين نفسي آخد شوية عيال من زملاتي ونروح عند الباب إللي كل شوية يتقفل ونسنده بكام قالب طوب علشان مش كل شوية يتقفل ويجوا ناس أغراب يكسروا القفل أو يفتحوه بطفاشه ويدخلوا كلهم ياكلوا كل الأكل ويضربوا أهالينا وياخدوا فلوسهم بحجة إنهم هما إللي قدروا يفتحوا الباب .
لما بقيت في سنة سته عرفت إن مكنش في باب ولا قفل ولا نيله ، وإن عمر بلدنا ما كان لها باب مقفول ، كانت مفتوحه علي طول ، وكان إللي تعبان بيدخل يرتاح ، وإللي تايه يجي يتعشي وينام ، وإللي معاه بضاعة عايز يبيعها يجي يبيعها ويرجع ، وإللي جعان يجي ياكل ، وإللي عايز يشتري حاجه كويسه لعياله يجي يشتري براحته.
لما بقيت في إعدادي قالولي إن عمرو بن العاص كان جاي ومعاه جيش علشان يدخل الاسلام في بلدنا ، أنا ساعتها حزنت وقلت في نفسي : طيب هو الاسلام علشان يدخل مصر كان محتاج جيش معاه سيوف وبلط وسكاكين ، الدين يدخل سهل خالص مع التجار ، مع الرحاله ، وإحنا ناس كويسين خالص إللي معاه حاجه حلوه عمرنا ما نقوله لأ ، وعمرنا ما نرجعه مجبور الخاطر ، مهو مصر دخلها أديان قبل كده ، وياما اتغيرت الديانات في مصر . وربنا رب قلوب ، بس إللي كان شاغلني أكتر مين إللي سمي الحكاية دي حكاية ( فتح ) ما دام مكنتش في حاجه مقفوله .
إللي قهرني أكتر إن الامبراطور العثماني إللي قالولي في كتب المدرسة إنه فتح مصر قال : إذا دخلت مصر أحرق بيوتها قاطبة وألعب فى أهلها بالسيف ، وفعلا لما دخل العثمانيون مصر قتلوا 10 آلاف من عوام المصريين فى يوم واحد وعرّوا الناس فى الشوارع.. أطعموا الغلال لخيولهم وسرقوا الدجاج والأغنام من الفلاحين وفرضوا الإتاوات فجاع أهل بلدي واتبهدلوا واتشردوا وشافوا الويل .
لما بقيت في ثانوي وبدأت أقرا واشوف مين إللي خدعني ونصب عليا وحشا مخي ومخ زملاتي المساكين بمعلومات مزيفة لقيت المؤرخ المصري ابن إياس بيقول في كتابه ( بدائع الزهور في وقائع الدهور ) إنه لم يقاسي أهل مصر شدة مثل الشدة التي قاسوها علي يد العثمانين لما دخلوا مصر وإن إللي حصل من العثمانين في مصر كان أبشع وأفظع من إللي حصل للعراقيين علي يد هولاكو وجيشه ، ويقول ابن إياس في وصفه لما فعله من يقال عنهم إنهم فتحوا مصر " فالعثمانية طفشت فى العوام والغلمان والزعر ولعبوا فيهم بالسيف وراح الصالح بالطالح، وربما عوقب من لا جنى، فصارت جثثهم مرمية على الطرقات من باب زويلة.. ولولا لطف الله لكان لعب السيف فى أهل مصر قاطبة".
لما عديت من الثانوي ورحت الجامعة عرفت إن العذاب ده كله له إسم تاني وعرفت مين إللي مش عايزني أعرف الاسم التاني ده ولا حتي أنطق بيه وإذا نطقت به يكفرني ويمكن يقتلني كمان وإللي عرفته أكتر إن كل الارهاب والقتل والتفجير والدبح والتخريب إللي بيحصل علشان يفتحوا مصر من تاني ونشرب الخازوق المغري إللي إسمه الخلافه.