الثلاثاء ٢٤ يوليو ٢٠١٢ -
٢٦:
٠١ م +02:00 EET
بقلم : عبدالسيد مليك
لم يكن مصطلح العزل السياسي هو إبتكار مصر في عالم السياسة كما يظن البعض لكنه مصطلح متعارف عليه من قبل السياسيين وقامت بتطبيقه العديد من دول العالم أثناء تحويلها من أنظمتها المختلفة الى الديمقراطية. ففي بولندا وتحويلها من الشيوعية في 4 حزيران 1989 بقيادة ليخ فالينسيا الذي فُصِل من عمله كعامل فني كهرباء في إحدى السفن وذلك لقيامه باضراب النقابات انذاك والذي عاد بعد 4 سنوات ليقود بما يُعرف حركة التضامن والذي قادت حركة التغيير في بولندا وارغم النظام الشيوعي على أول انتخابات التي عرفت بالانتخابات نصف الديمقراطية ليعود ليخ فالينسيا على رأس أول نظام ديمقراطي في بولندا كاول رئيس دوله منتخب في فترة 1993 الى 1995 وقد قامت الحكومة البولندية الجديدة والتي تمثل ارادة الشعب بإقصاء من الحياة السياسية او الترشح للانتخابات كل القياديين في الحزب الشيوعي وكل من شغل منصب قيادي او سياسي لفترة عشرين عاما كعزل عن الحياة السياسية . لقد استطاعت هذه التجربة ان تغير شكل الحياة السياسية في بولندا. لقد شغلتني هذه التجربة كثيراً وكم كنت اتمنى أن يطفو على السطح من ميدان التحرير من يقود المرحلة القادمة كاول رئيس لمصر يُمثل إرادة الشعب الحر وأن يكون من ابناء الطبقة الكادحة او المتوسطة حتى يستطيع ان يشعر بنبض الشارع المصري وهنا يكون تطبيق العزل السياسي بمثابة نبض جديد و شريان حياة لشكل الحياة السياسية في مصر. لقد كنت أول من حلم تحت تأثير التجربة البولندية نحو الديمقراطية بتطبيق قاعدة العزل السياسي لكن سرعان ما تراجعت عن هذه الفكرة لاستحالة تطبيق تجربة كاملة من ثقافتين وزمنين مختلفين وكذلك لاختلاف النتائج بين حركة التضامن في بولندا وثورة 25 كانون الثاني المصرية. فكيف نقوم بتطبيق مثل هذه التجربه و ان المرحلة الانتقالية لحكم البلاد لم يُسلّم الى مجلس قيادة الثورة الذي لم يُشّكل من الاصل .
وعندما قام الاسلاميون بالعمل على تطبيق قانون العزل السياسي لتحقيق مصالح معينة ظهرت في صورة قوانين مهلهلة خرجت عن نطاق الشفافية استخدمت فيها ادوات «الترزية» لانها فصّلت لتشمل شخص معين وبعيدة كل البعد عن المنطق القانون الذي يتساوى امامه الجميع. فان اعتبرنا قانون العزل السياسي ان عمر سليمان هو من ادوات النظام السابق الم يكن بالاحرى ان رئيس الجهاز الذي عمل فيه هذا الرجل ( المخابرات) وهو المشير طنطاوي من رموز النظام السابق.
وهل المجلس العسكري الذي تسلم السلطة بقرار من الرئيس السابق الم يكن جزء من النظام السابق؟ و هل عصام شرف الذي تولى منصب رئيس الوزراء بعد الثورة وما تلاه الدكتور الجنزوري، الم يكونا جزءا من النظام السابق؟ هذه علامات استفهام يستحيل معها في الوقت الراهن تطبيق ما يعرف بالعزل السياسي. لان النظام السابق انقض على الثورة كالخلايا السرطانية سريعة الانتشار لنسدل الستار عن وجه مبارك خلف القضبان لنجد انفسنا امام عشرات الصور لديكتاتورية مبارك.
ولانجاح الثورة تحت شعارها الجديد (الثورة مستمرة).
معالجة اخطاء المرحلة الاولى وذلك عن طريق خلق فكر جديد ومفكرين للثورة.
تشكيل مجلس لقيادة الثورة يكون مستعدا لتولي اي مهام سياسية قد توّكل اليه.
تحديد اهداف واضحة و منظمة .
فعدم نجاح الثورة لن يقود المجتـمع عـن العزل السياسي فحسب بـل سيـقودنا عن الانفصال عن آخر بصيص أمل لمواكبة التقدم وبالتالي عزلنا جغرافيا عن العالم.
عبد السيد مليــك
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع