بقلم: حمدى رزق | الاربعاء ٢٥ يوليو ٢٠١٢ -
٢٠:
٠٩ ص +02:00 EET
وتمطى الأخ صبحى صالح، وفى حضرة الإعلامى تامر أمين، وعلى قناة «المحور» روى ما تيسر من سيرته النضالية، قال لا فض فوه: «يوم ٦ أكتوبر الظهر، الساعة اتنين وخمسة، كنت باتغدى أنا وصاحبى، وقبل أول لقمة، سمعنا البيان، عبرت قواتنا المسلحة القنال، مصدقتش حتى سمعت الخبر فى مونت كارلو...»، لا نحتاج البتة إلى أن نكمل القصة التى تشيع على «يوتيوب»، ويتندر بها «الفيسبوكيون»، وسمع بها الجيران، أقصد السلفيين، باعتبارهم جيران الإخوان، الحيط فى الحيط.
نسى مولانا، كرم الله وجهه، وحشره فى زمرة الفلاليط «جمع فلوطة» أن يوم ٦ أكتوبر الساعة اتنين الظهر كان يوافق العاشر من رمضان الساعة اتنين الظهر، ومفروض أن الأستاذ صبحى كان «صايم» مثل بقية المسلمين، أو على الأقل، زى الإخوان المسلمين، وكان قد جاوز الحلم وبلغ مبلغ الرجال ويجب عليه الصيام، كان فى عام ١٩٧٣ فى أولى جامعة، التى دخلها عام ١٩٧٤!! ما علينا، المهم أن هذا الشهر الفضيل صيام صيام، وقيام قيام، يعنى لا فطار ولا غدا، ولا صاحبى ولا صاحبك، صاحبى وصاحبك على القهوة مش على شط القنال.
وسمعت البيان وأنا بتغدى، سمعته وانت فاطر، يا فاطر رمضان وخاسر دينك، ووفقا للفلكلور المصرى، ولا مؤاخذة، «كلبة مسعود هتقطع مصارينك»، ويمكن يرموك فى «بير مسعود»، باعتبارك إسكندرانياً، يا أخ صبحى صلى على النبى، وإذا أردت أن تكون كذوبا فكن ذكورا، تذكر المواقيت الرسمية للكذب الفضائى، نفسك تتكلم عن حرب أكتوبر، وماله يا خويا، كله بيتكلم، عاوز دور فى الحرب، وماله يا خويا، ما إنت صول بحرية قد الدنيا، وصولاتك فى حرب الاستنزاف تدرسها الأكاديميات البحرية، يقال إن الصول صبحى صالح قصف ميناء إيلات بطوربيد واحد فدمره تدميرا، والصول صبحى كان قائد اللنش الذى أغرق المدمرة إيلات، كله جايز ويجوز فى زمن العجائز، ولكن كنت بتتغدى فى نهار رمضان حرام يا خويا، تستاهل تطبيق الحد بأثر رجعى، والسلفيون عارفين الحدود الرجعية كويس، وطبقت بحذافيرها وأصولها على الأخ ونيس، كرم الله وجهه، والأخ البلكيمى، بيض الله وجهه.
شوف يا أخ صبحى، ويعلم الله أننى أحبك لأسباب ليست لها علاقة بغرامى بفيلم «إسماعيل ياسين فى الأسطول»، فقط لأنك مثل المصريين العاديين بتكدب وبتصدق نفسك، وبتحكى حكايات لطيفة ومسلية، وتمد شبابنا على الفيس بما يسليهم فى الشهر الكريم، يعنى إنت راجل فلوطة، فهلوى، ولكن لم تجد سوى حرب أكتوبر تفتى فيها، فتيت فى تعديلات الدستور، وماله يا خويا، فقيه وعالم، والإعلان الدستورى، نبيه والنبى حارسه، وخربت الثورة، نعمل غيرها، حبكت تفتى فى حرب أكتوبر، حبكت يعنى كنت بتتغدى، صدقنى لو تكلمت عن دورك فى ثغرة الدفرسوار البحرية تمشى، لكن بتتغدى فى نهار رمضان يوم العبور، والله إنها لكبيرة على الإخوان المسلمين.
يا صبحى إنت مالك بحرب أكتوبر، لازم تحرج نفسك، خلاص عبرنا وانتصرنا وربك نصرنا، أما حكاية كنت باتغدى أنا وصاحبى صعبة شوية، أعتقد أن لديك مشكلة حقيقية فى التوفيق بين التواريخ الميلادية والهجرية، يسمونها فى علم الكلام عدم التطابق، تبقى بتفكر فى شبرا وإنت راكب مترو حلوان، أو تستحم فى البحر فى نهار رمضان دون الاعتبار لحرمة الشهر الكريم.
فاتت على تامر أمين وكان مصغياً حسن الإصغاء، ولكن السؤال كيف ضبط صبحى صالح موعد غدائه على توقيت الضربة الجوية، وهنا الخبراء الاستراتيجيون يحارون بين تفسيرين: الأول، أن غداء صبحى صالح وصديقه الساعة اتنين وخمسة كان جزءا من خطة الخداع الاستراتيجى، وأن الرئيس السادات، الله يرحمه، قال لهم خلوا صبحى يتغدى هوه وصاحبه الساعة اتنين وخمسة، فلما جواسيس العدو الإسرائيلى تبص من خرم الباب تلاقى الصول صبحى بيتغدى، يعنى مرحرح، يعنى مفيش حرب، وكان صبحى يستحق نوط الشجاعة أن مكث فى البيت وقت القتال، واتغدى هو وصاحبه.
التفسير الثانى أن فطار الأخ صبحى كان اتباعاً لفتوى الشيخ الجليل عبدالحليم محمود، الذى أباح الإفطار فى نهار العاشر من رمضان ليقوى الرجال على الحرب، رمال وصحراء ونيران ودبابات وطيارات وكابوريا وجمبرى، كلها مشقات تبيح الإفطار، الإفطار فى نهار رمضان لحماية الوطن من المثوبات الإخوانية.
الخلاصة أن غداء صبحى صالح فى الساعة اتنين وخمسة ظهر العاشر من رمضان بيفكرنى بتذكرة السينما التى قطعها السادات ليلة الثورة، كنت فى السيما يا بيه، حتى اسأل تامر أمين.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع