سمير فرج
أصدرت منظمة جلوبال فاير باور (Global Fire Power) تقريرها السنوى لعام 2021، الذى رتبت فيه القوى العسكرية فى العالم هذا العام لعدد 129 دولة، حيث تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية لتكون القوة العسكرية الأولى فى العالم، بعدها جاءت روسيا فى المركز الثانى، ثم الصين فى المركز الثالث، وبعدها الهند فى المركز الرابع، ثم اليابان فى المركز الخامس، ومن بعدها كوريا الشمالية وفرنسا والبرازيل وباكستان، وجاء ترتيب مصر فى المركز الثالث عشر قبل إيران وألمانيا، وجاءت السعودية فى المركز السابع عشر، أما إسرائيل فلقد جاء جيش الدفاع الإسرائيلى فى المركز العشرين.
وقبل أن نسترسل فى أسلوب تقييم وترتيب هذه القوى العسكرية فى العالم، نود أن نلقى الضوء على اليابان التى وصلت حاليًا لتكون القوة العسكرية الخامسة فى العالم، حيث بدأت القصة مع نهاية الحرب العالمية الثانية وانتهت بهزيمة دول المحور (ألمانيا النازية وإيطاليا واليابان)، وخرجت اليابان من هذه الحرب مدمرة تمامًا، خاصة أنها الدولة الوحيدة التى تلقت الضربة النووية الأولى فى العالم من الولايات المتحدة عندما هاجمت هيروشيما وناجازاكى، وظلت اليابان تعانى فترة طويلة من آثار هذه الحرب المدمرة وآثار الإشعاع النووى.. لذلك فور انتهاء الحرب، قرر البرلمان اليابانى حل الجيش واقتصاره على قوات لحماية الحدود والاعتماد على الولايات المتحدة لحمايتها لأن اليابان لن تدخل أى حروب بعد ذلك، وأعطت الولايات المتحدة قاعدة إيكاناوا، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية فى العالم لأنها تواجه الاتحاد السوفيتى آنذاك والصين، وظنت اليابان أنها مؤمنة تحت الحماية الأمريكية ضد أى تهديد لأمنها القومى.. وفجأة، قامت روسيا باحتلال جزر الكوريل من شمال اليابان، وهنا طلبت اليابان من أمريكا أن تتدخل، وبالطبع فإن أمريكا لن تدخل فى حرب مع روسيا من أجل عيون اليابان، وبدأت تأخذ طريق الحلول الدبلوماسية وتتجول فى طرقات الأمم المتحدة تطلب من روسيا الانسحاب من الجزر، وبالطبع لم يحدث، وبعدها جاءت الضربة الثانية لليابان من الصين التى منعتها من الصيد والإبحار فى بحر الصين، ومرة ثانية لجأت اليابان للولايات المتحدة لحمايتها وفرض إرادتها على الصين، وبالطبع لم يحدث.
هنا قرر البرلمان اليابانى أن تعود اليابان لبناء جيش قوى، مستغلة التقدم التكنولوجى الصناعى لتكوين جيش يابانى قوى يؤمّن البلاد ضد أى تهديدات خارجية. وبالفعل، بعد سنوات قليلة نجحت اليابان فى بناء هذا الجيش الذى وصل الآن ليصبح القوة الخامسة عسكريًا على مستوى العالم، وبذلك أصبحت اليابان قادرة على حماية أمنها القومى واستثماراتها الصناعية.. ومن هنا جاء الدرس اليابانى لكل الدول «إن من يمتلك القوة العسكرية يستطيع أن يحمى بلده ويؤمنها ويحمى استثماراته». ولقد كان الرئيس عبدالفتاح السيسى حكيمًا عندما قرر بعد 30 يونيو تدعيم وتقوية الجيش المصرى، بل حقق حلم كل العسكريين المصريين منذ مدة، وهو تنويع مصادر السلاح بعد أن كان 75% من أسلحة ومعدات الجيش المصرى من الولايات المتحدة، ونحن لا ننكر قوة وإمكانية وتفوق السلاح الأمريكى، لكن لا يجب لأى دولة أن يكون مصير جيشها فى أى عمليات عسكرية مقبلة تحت رحمة دولة أخرى، كذلك نجح الرئيس السيسى فى تطوير المصانع الحربية التى أنشأها الرئيس الراحل عبدالناصر فى الخمسينيات، ومنذ ذلك التوقيت لم تحظ بالتطوير اللازم ليتماشى مع تكنولوجيا العصر الحديث، لذلك تم فى الفترة الماضية تطوير هذه المصانع من خلال التعاون مع روسيا، كذلك مصانع الهيئة العربية للتصنيع هى الأخرى أصبحت تنتج أحدث الأسلحة والمعدات.
وبالتالى كان تطوير الصناعات الحربية المصرية أحد عوامل حصول القوات المسلحة المصرية على المركز الثالث عشر من ضمن القوى العسكرية فى العالم. ولا شك أن تقييم منظمة جلوبال فاير باور يرتكز على عدة عوامل، منها أعداد الأسلحة والمعدات، بل نوعيتها، سواء فى القوات البرية أو البحرية أو الجوية والدفاع الجوى، كذلك الخبرة القتالية السابقة للجيش المصرى الذى يتفوق على باقى الجيوش فى خبرته العملية فى حرب 73 فى القتال مع أقوى الجيوش، وهو جيش الدفاع الإسرائيلى.. وتأتى بعد ذلك القوة البشرية للجيش المصرى الذى أصبح يعتمد الآن على خريجى الجامعات فى قيادة المعدات.. ويكفى أن نقول إن طاقم الدبابة العربة M1A1 أمريكية الصنع وهى أقوى دبابة قتال فى العالم حاليًا يكون طاقمها 4 جنود كلهم مجندون حاصلون على بكالوريوس هندسة، وهذا يحقق أكبر استفادة من الإمكانيات المتطورة لهذه الدبابة أثناء القتال، وكان ذلك إحدى نقاط تقييم مؤسسة جلوبال فاير باور.. ويأتى بعد ذلك مستوى التدريب لوحدات الجيش المصرى، وتنفيذ مناورات بالذخيرة الحية التى تعتبر أرقى مستويات التدريب للجيوش فى العالم.
وهناك عامل مهم جدًا فى عملية التقييم وهو التدريبات المشتركة مع الجيوش الأجنبية، وأعتقد أن الجيش المصرى حاليًا من أكثر الدول التى تنفذ تدريبات مشتركة مع جيوش أجنبية، ولقد كان أشهرها تدريبات النجم الساطع مع الولايات المتحدة الأمريكية على الأراضى المصرية.. ويأتى أيضًا فى مجال التقييم الروح المعنوية لقوات الجيوش، وأعتقد أن المقاتل المصرى أثبت دائمًا فى كل معاركه تمتعه بروح معنوية عالية وله كلمته المشهورة «الأرض هى العِرض» عكس دول أخرى يكون تكوين جيوشها من جنسيات أخرى تم تجنيسها لزيادة تعداد جيوشهم، وهناك عناصر كثيرة أخرى من الصعب حصرها تصل إلى 72 عنصرًا لترتيب هذه القوى العسكرية فى العالم.. على أى حال، يجب أن يفخر الشعب المصرى بهذا الجيش العظيم الذى أصبح قادرًا على تأمين حدوده البرية والبحرية والجوية، كذلك استثماراته سواء آبار غاز طبيعى فى البحر المتوسط أو قناة السويس شريان الملاحة العالمى فى البحر الأحمر، لتكون إدارة ردع لمن تسول له نفسه تهديد الأمن القومى المصرى.
نقلا عن المصرى اليوم