كتب - سليمان شفيق
في مؤشر على اختلاف نظرتها للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني عن إدارة دونالد ترامب، قالت وزارة الخارجية الأمريكية اول أمس الأربعاء إن إدارة الرئيس جو بايدن تعتبر الضفة الغربية أرضا "محتلة من قبل إسرائيل". ويأتي هذه الموقف بعد امتناع التقرير السنوي حول حقوق الإنسان الذي أصدرته الوزارة الثلاثاء عن اعتبارها أرض محتلة إذ حافظ التقرير على نفس الصياغة الواردة خلال حقبة ترامب.
هكذا أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن إدارة الرئيس جو بايدن تعتبر بالفعل الضفة الغربية أرضا "محتلة" من قبل إسرائيل، في تناقض ملفت للنظر، وذلك غداة تقرير أصدرته الوزارة وامتنعت فيه عن استخدام هذا المصطلح.
وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس للصحافيين "هذه حقيقة تاريخية أن إسرائيل احتلت الضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان بعد حرب 1967".
وفي تقريرها السنوي حول حقوق الإنسان الذي صدر الثلاثاء امتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن وصف الضفة الغربية صراحة بـ"الأرض المحتلة" من قبل إسرائيل، لتحذو بذلك حذو إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب التي تخلت عن هذا التوصيف في تقاريرها السابقة.
لكن برايس أكد الأربعاء أن التقرير "يستخدم بالفعل مصطلح احتلال في سياق الوضع الراهن للضفة الغربية"، مشددا على أن "هذا هو الموقف القديم للحكومات السابقة"، الديمقراطية والجمهورية على حد سواء، "على مدى عدة عقود.
وحتى تسلم ترامب السلطة في 2017، دأبت وزارة الخارجية الأمريكية في التقرير الذي تعده سنويا حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم على تخصيص فصل لـ"إسرائيل والأراضي المحتلة"، لكن هذا العنوان تغير في 2018 إلى "إسرائيل والضفة الغربية وغزة"، وهي نفس العبارة التي وردت في التقرير الصادر الثلاثاء.
وفي 2018 قرأ غالبية المراقبين في التغيير الدلالي مؤشرا على رغبة الإدارة الجمهورية في بالانحياز إلى الدولة العبرية، وهو أمر سرعان ما تأكد باعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة، وكذلك قراره عدم اعتبار المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة مخالفة للقانون الدولي.
من هنا تركزت أنظار المراقبين هذا العام على معرفة ما إذا كان هذا التقرير الأول في عهد بايدن - والذي يغطي العام 2020 - قد عاد إلى الصياغة السابقة أم أبقى على صياغة إدارة ترامب.
اختلاف جزئي:
وفي الواقع، فإن الرئيس الأمريكي الجديد يدافع عن حل الدولتين وقد حاول أن ينأى بنفسه جزئيا عن سياسات سلفه بشأن النزاع في الشرق الأوسط.
لكن وزارة الخارجية الأمريكية حرصت في تقريرها الثلاثاء على تضمينه فقرة تشرح فيها أن الكلمات المستخدمة لتوصيف إسرائيل والأراضي الفلسطينية "لا تعكس موقفا بشأن أي من قضايا الوضع النهائي التي سيتم التفاوض بشأنها من قبل أطراف النزاع، ولا سيما حدود السيادة الإسرائيلية في القدس أو الحدود بين إسرائيل ودولة فلسطينية مستقبلية".
وأضافت أن "هذا الجزء من التقرير يغطي إسرائيل" و"كذلك مرتفعات الجولان وأراضي القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل خلال حرب يونيو 1967
وذكر التقرير بأن "الولايات المتحدة اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل في 2017 وبسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان في2019 ".
والأربعاء شدد برايس على أن هذه الفقرة التوضيحية لا تعكس تغييرا في الموقف من جانب إدارة بايدن التي-وخلافا لسابقتها- تدافع علانية عن حل الدولتين.
وكانت ليزا بيترسون، المسؤولة عن حقوق الإنسان في وزارة الخارجية، قد قالت الثلاثاء للصحافيين ردا على سؤال عن السبب الذي دفع بالوزارة إلى عدم العودة إلى الصيغة التي كانت معتمدة قبل 2018، إن الدبلوماسيين الأمريكيين فضلوا الالتزام بالمحددات الجغرافية فحسب.
وقالت بيترسون إن "هذا الأمر يتماشى مع ممارساتنا العامة. ونعتقد أيضا أنه أوضح وأكثر فائدة للقراء الذين يسعون للحصول على معلومات عن حقوق الإنسان في هذه المناطق".
كل ذلك دفع مراسلة فرانس24 في القدس ليلى عودة أمس الخميس أن تقول إن "هناك نية من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإعادة ترميم العلاقات الأمريكية الفلسطينية وتحسينها، لكن هذا لن يرضي كثيرا بنيامين نتانياهو إذ سيعود به إلى مربع الضغط وإلى طاولة التفاوض التي تهرب منها طيلة فترة حكم دونالد ترامب". وأضافت ليلى عودة أن "هناك حاليا تأن من قبل واشنطن لمعرفة ما ستفرزه الانتخابات التشريعية الإسرائيلية".