بقلم- مينا ثابت
لقد قامت ثورة 25 يناير العظيمه من اجل ارثاء مبادئ العدالة و المساواة بين الجميع , وقف كل اطياف المجتمع فى وجه الطاغية , الغنى و الفقير القوى و الضعيف كلاً منا نادى بالحرية و المساواة و العدالة الاجتماعية و من اجل بناء دولة متقدمة تحترم حقوق الانسان و تساوى بين الجميع دون تمييز على اساس العرق او الجنس او الدين او الرأى ....الخ .
عزيزى القارئ هل تعلم ان اول خطوة فى بناء هذه الدولة التى استشهد من اجلها شباب مصر فى ميادين الحرية المختلفه , هو وضع دستور يساوى بين الجميع و يحفظ حقوق الافراد و الجماعات و ينظم العلاقة بين الحاكم و المواطن البسيط , و هذا يضعنا امام تساؤلات عديده عن اهمية الدستور و كيف يتم وضعه و اى معايير يستند لها و هذا ما نستعرضه لاحقاً.
اولاً : ما معنى كلمة " الدستور " و ما هى اهميته ؟؟
الدستور كلمة فارسيه معناها القاعدة او الاساس و هو مجموعة من القواعد التي تحدد شكل الدولة بسيطة أم مركبة، ونظام الحكم فيها ( ملكي أم جمهوري) ، وشكل الحكومة ( رئاسية أم برلمانية أم شبة رئاسية) ، وتبين السلطات العامة التي تباشر بها الدولة وظائفها، واختصاص كل منها وعلاقتها ببعضها وعلاوة على ذلك فإن الوثيقة الدستورية تبين حقوق الأفراد وحرياتهم وتصونها وتحميها من الجور والاعتداء أيا كان مصدره.
اهميته : الدستور هو المرجعية العليا لكل القوانين و يجب ان توضع القوانين طبقاً لمواده. فإذا تعارضت القوانين مع الدستور وجب التزام أحكام الدستور و تكون القوانين واللوائح غير شرعية إذا خالفت أية قاعدة من قواعده أو حكم من أحكامه.
طريقة وضع الدستور ؟؟
هنالك اربعة أساليب لوضع الدساتير ، فإما أن يتنازل الحاكم عن حكمه المطلق فيتكرم على شعبه بإصدار دستور، أو باتفاق إرادة الحاكم مع الشعب مباشرة، أو من خلال جمعية تأسيسية، أو استفتاء على نص الدستور المراد إصداره، ويتقرر الأسلوب الذي يتم وضع الدستور به عادة وفق ظروف المجتمع السياسية وتفاعلها مع التأثيرات الخارجية ومدى تطور الوعي السياسي والمطالبة الشعبية بالحقوق الدستورية.و فى مصر اتبعنا طريقة الجمعية التأسيسيه حيث أبدع الفكر البشري باختيار الشعب ممثلين له لتولي مهمة إعداد الدستور باسم الشعب ونيابة عنه وتسمى عادة بالجمعية التأسيسية.
معايير اختيار الجمعية التأسيسيه
يجب ان يتم ضمان تمثيل كافة اطياف المجتمع فى هذه اللجمعية بشكل متزن و متساوى على ان يكون هنالك تمثيل قوى للفقهاء الدستوريين و القانونيين المتخصصين فى مجال صياغة الدساتير , و الا يكون هنالك غلبه لتيار او فصيل بعينه على الجمعية و الا سيتم اخراج دستور فى صالح تيار بعينه فارضاً وصايته على المجتمع بأثره فى حين ان المجتمع المصرى قائم على التعددية و التنوع و الثقافة المصرية هى مذيج من الثقافات و الحضارات العديدة التى احتوتها جنبات هذا الوطن فلا يجوز اغلاق الافق على تفكير اوحد او توجه وحيد و اقصاء غيره.
و للاسف سعى تيار الاسلام السياسى للهيمنه على وضع الدستور و نتج عنه حتى الان الصياغات المعيبه التى يتم تداولها على السنة اعضاء الجمعية فى الوسائل الاعلامية المختلفة و منها مثلاً :
نص المادة الاولى كالآتي "جمهورية مصر العربية دولة ديمقراطية شورية دستورية حديثة تقوم على الفصل بين السلطات و مبدأ المواطنة و هي جزء من الأمة العربية و الإسلامية و ترتبط بالقارة الإفريقية"
خطورة كلمة شورية : هذا التعبير من شأنه هدم مفهوم الدولة و المؤسسات حيث تضعنا امام تساؤل واضح , ما معنى الشورى ؟؟ و ما هى حدود القرارات التى تنبغى فيها الشورى ؟؟ و من هم المعنيين بالشورى ؟؟ و ايضاً سعيهم لوضع جمل و عبارات غير مألوفه لدى جموع الفقهاء الدستوريين مثال :
نص المادة الثالثه بان " السيادة لله " بدلاً من نص " السيادة للشعب و هو مصدر السلطات " و هذا النص الذى اعطانا الشرعية الثورية التى اطاحت برأس النظام السابق , الشعب خرج عن بكرة ابيه ليشارك فى ثورتنا العظيمه و يرفض الظلم و الاستبداد هو وحده الذى له السيادة و هو الذى سحب الشرعية من براثن مبارك , كل هذا بخلاف الازمة التى افتعلوها فى موضوع المادة الثانية و التى تنص على ان " الاسلام دين الدولة و مبادئ الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع " و محاولاتهم التلاعب بالحزف او التغيير منما اثار مشاكل عديده و اضاع وقت ثمين نحن فى اشد الحاجه اليه لبناء وطننا .
و ايضاً المادة التى تحظر المساس بالذات الإلهية، وذوات الأنبياء والرسل وأمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين, من يحدد التجاوز ؟؟ و ما هو المساس بالذات الاليهة ؟؟ صياغات غريبه و تدعوا للشك و التخوف على مستقبل مصر.
و المشكله الاكبر التى تواجه اللجنه الحاليه ان معظم اعضائها يفتقر المقومات التى تؤهله لوضع دستور احد اعرق الحضارات الانسانية فى ظل ان هنالك جهابزة و علماء و اساتذة القانون و الفقهاء الدستوريين لم يتم تمثيلهم بداخل اللجنة , و نجد ايضاً ان منهم من له توجهات ضد فصيل معين او يسعى فقط لخدمة فصيل اوحد على حساب الباقى من افراد الشعب.
الحل ؟
يكمن الحل فى اعادة تشكيل اللجنة التأسيسيه لوضع الدستور بمعايير احترافية يكون فيها التمثيل بشكل متوازن لكافة اطياف المجتمع و يراعى فيها تمثيل الفقهاء و اساتذه القانون و الدستور و المتخصصين حتى لا نقع فى احدى الازمات..