د. رأفت فهيم جندى
فى نوفمبر الماضى ـ وبعد مذبحة ماسبيروـ ذهبت مع الأستاذ حنا حنا والاستاذ مدحت عويضة لمقابلة "جيليان كيتلى" كبيرة مستشارى مكتب مكافحة التطهير العرقى التابعة للأمين العام للأمم المتحدة فى مدينة نيويورك بناء على موعد سابق، وكان معها اثناء اللقاء مساعدتها "فاليرى روتشر"، وبعد انتهاء اللقاء الذى استمر لمدة ساعة ونصف سلمناهما ملف كامل اعده المحامى المصرى الأمريكى الأستاذ حنا حنا عن ما فعلته الحكومات المصرية من مذابح وترويع للاقباط منذ عهد السادات حتى احداث مذبحة ماسبيرو.
فى عام 1954 تعهد السادات فى المؤتمر الأسلامى ـ وكان وقتها رئيس مجلس الأمة ـ أن مصر عام 2000 ستكون خالية من المسيحيين قائلا عبارته الشهيرة "لن يكون فيكى يا مصر غير مسيحيي الأحذية"، ولكن السادات لم يُعمر حتى سنة 2000 لأن الذين استخدمهم لتصفية الأقباط قتلوه، وكلنا نعرف ماحدث للأقباط ايضا بعدها فى ايام مبارك وبعده المجلس العسكرى.
وها هى بوادر رئاسة مرسى تبدأ بتهجير اقباط دهشور، واحداث دهشور ليست هى نهاية الأمور بل ستتبعها احداث آخرى لأن مصر ملتزمة بتكملة ما وعد به السادات الدول الإسلامية، وربما أنها طلبت مهلة حتى سنة 2050، وربما أن الدول الإسلامية تلوم مصر الآن وتريد تطبيق شرط جزائى عليها بعدم التزامهم بميعاد سنة 2000 فى إخلاء المسيحيين منها.
عندما احرق الأمبراطور نيرون بيوت الفقراء فى روما ليقيم مكانها حدائق اتهم فيها مسيحيى روما، وسيق المسيحيين وقتها للحرق وللرمى للوحوش واستشهد القديسان بولس وبطرس وانتهت دولة نيرون ولكن المسيحية بقيت.
وفى عهد الامبراطور دقلديانوس اقتيد المسيحيين والأقباط على الأخص للتعذيب والقتل، واثمرت هذه الموجة من الدماء شهداءنا العظام مثل مارجرجس ومارمينا والقديسة دميانة وغيرهم الكثير، وانتهت هذه الفترة ايضا وازدهرت المسيحية.
وبعد الغزو العربى لمصر فرضت الجزية على المسيحيين واصبحت الإهانة والتحقير والقتل هو خبز الأقباط اليومى وبالشروط العُمرية المجحفة التى وضعها الخليفة عمر بن الخطاب الذى يلقبونه بالعادل، وانتهى حكم الخلفاء والدول الأموية والعباسية والطولونية والأخشيدية والفاطمية و... وبقيت المسيحية بل واضافت اسماء مثل فيرونيا وسيدهم بشاى وسمعان الخراز والأنبا رويس وغيرهم الكثير ما بين شهداء وقديسين.
وانتهى ايضا عصر السادات ومبارك وسينتهى عهد الأخوان وستبقى المسيحية فى مصر، وستفرض الدول الإسلامية على مصر غرامات مضاعفة كشروط جزائية لعدم إخلاء مصر من المسيحيين كوعد السادات لهم منذ عام 1954، عكس ما يرددونه عن سماحة متعقداتهم!
هل نتحرك فى المهجر ونخاطب الرأى العام العالمى ومنهم سكرتير الأمم المتحدة؟ أم نترك 120 اسرة من اقباط دهشور مشردين من بيوتهم ونظل نحن امنين فى بيوتنا فى المهجر متواكلين أن الصلوات فقط هى المخرج؟! واكرر لكل المهتمين والمهمومين بالقضية القبطية أن دهشور ليست نهاية الأمور.