الأقباط متحدون - تضييق الحق
أخر تحديث ٠٥:٢٤ | الأحد ١٩ اغسطس ٢٠١٢ | ١٣ مسرى ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٥٧ السنة السابعة
إغلاق تصغير

تضييق الحق

 بقلم- مدحت بشاي

في مقال للقيادي السلفي السكندري البارز "عبد المنعم الشحات" تحت عنوان "الدين والسياسة.. أيهما التابع وأيهما المتبوع؟ بتاريخ 20 أكتوبر 2011، قال: إن الدول الغربية التي خرجت العلمانية مِن عندها لا تستحي أن تصف حربها مع الإسلام بأنها "حرب صليبية جديدة"، وتخالف مقتضيات العلمانية من الحرية الشخصية ونحوها في حربها لمظاهر وجود إسلام في بلادهم: كالمآذن والحجاب. وتفضـَّل "أوباما" علينا بأنه ليس ضد الحجاب، شريطة أن تختاره المرأة بعد أن تنال حظها من العلم! حتى اعتبر البعض هذا التصريح فتحًا- مع أنه من أخبث ما يكون-! فإنه لا يسمح لنا بحجاب نسائنا حتى نُعلمهن، وبالطبع هو لا يعني أن نعلمهن الكتاب والسنة، وأدلة فرضية الحجاب، وإنما يعني أن نعلمهن التعليم المدني الذي يُعلي مبادئ العلمانية!". 
 
لا شك أن أوهام الكاتب وحديثه عن حروب صليبية ليس لها وجود سوى في خياله وخيال أهل التشدد ودعاة الفكر الأحادي المُضيق للرؤية (رؤية الحق الذي دائمًا ما يخطتفه أهل التدين الشكلي من المحسوبين على الأديان السماوية وحتى غير السماوية في كل عصر وأوان للأسف)، فأي حروب تلك التي يحكي عنها، وأعداد المهاجرين من المسلمين إلى عالم الفرنجة تزداد بشكل هائل؟ وتعال مواطننا السلفي كاتب المقال نطالع الخبر التالي المنشور بجريدة "الوفد" يوم الأربعاء الماضي لتعرف معاناة دولة كبرى كـ"بريطانيا" من تزايد حجم البطالة، ولم تُقدم إدارة البلاد على اتخاذ أي إجراء تجاه أي مواطن عربي أو مسلم، أو ممارسة أي تمييز تجاه مواطن غير أصيل هو عضو في النهاية في جالية أجنبية وقد تجنس بجنسية أهل البلاد للإقامة والعمل..
 
يقول متن الخبر "كشفت دراسة جديدة، اليوم الأربعاء، أن الركود الإقتصادي تسبب بإقدام أكثر من 1000 بريطاني على الانتحار خلال الفترة بين 2008 و2010. ووجدت الدراسة، التي نشرتها صحيفة "دايلي ميل"، أن 846 رجلاً و155 إمرأة انتحروا خلال تلك الفترة جراء الصعوبات المالية الناجمة عن الركود. وقالت إن البطالة سببت أكثر حالات الانتحار في انكلترا خلال عامي 2008 و2009 بعد وصول الركود الإقتصادي إلى اتخاذ تدابير تقشف أفقدت الكثير من الناس لوظائفهم وكانت لها كلفة بشرية هائلة. وأضافت الدراسة أن معدلات الانتحار ارتفعت بالمناطق التي تنتشر فيها البطالة وخلّفت مضاعفات كبيرة للأفراد والأسر، وهي مرشحة للإرتفاع بسبب التوقعات أن سوق العمل لن يعود إلى مستويات ما قبل الركود قبل العام 2017. وكانت دراسة سابقة قد ربطت بين البطالة وارتفاع معدلات الانتحار في انكلترا، وأشارت إلى أن حالات الانتحار تميل للزيادة خلال فترات الركود الاقتصادي".. 
 
نعم، أكاد أسمعك عزيزي "الشحات" وأنت تُكفر من انتحروا (وقد يصور لك خيالك أن تعاليم دين أهل الفرنجة تسمح بقتل النفس.. من باب تضييق رؤية الحق)، ولكنك أبدًا لن ترى مسؤولًا إنجليزيًا يتخذ قرارًا لصالح أهل البلد ضد صاحب الديانة الوافدة من قبل إيمانهم الراسخ بضرورة مراعاة أهل التقدم لحقوق الإنسان، حتى لو انتحر الآلاف من فلذات أكبادهم (المجتمع البريطاني متعدد الأديان، يسعى دائمًا لتعزيز مبادئ التسامح والانسجام الديني، حيث تمارس بحرية كاملة شعائر جميع المعتقدات الأخرى، ويبلغ عد سكان بريطانيا حوالي 60 مليون نسمة، منهم حوالي 70% من المسيحيين، والباقي أغلبيته من المسلمين).. و"فرنسا" بها حوالي 7 مليون مسلم.. وترتفع المآذن والقباب ويتم بناء المراكز الثقافية الإسلامية الضخمة. وفي "ألمانيا" عندما قام متطرف ألماني باغتيال الدكتورة "مروة الشربيني" كان القبض على الجاني وتوقيع أقصى عقوبة وفق القانون الألماني وتنفيذ الحكم (وقارن أخي القيادي مع مايعانيه المواطن المسيحي المصري الأصيل على أرضه (وليس فردًا في جالية أجنبية) بشكل شبه يومي عند ممارسة حرية بناء الكنائس وممارسة الشعائر.. تمييز وقهر وإقصاء وأخيرًا تهجير قسري عن موطن أهله وأجداده، فضلًا عن انتهاك حرمات البيوت وسرقات بالإكراه، ولا تقديم لمحاكمات، وقبلها كان تجميد تعيين محافظ لأنه قبطي ولن يشارك أهل البلد صلاتهم في الجامع!!!.
 
أما عن "أوباما" وقوله أنه ليس ضد الحجاب شريطة أن تختاره المرأة بعد أن تنال حظها من العلم، وتفسيرك المُضيق لرؤية الحق، وقولكم أنه لا يسمح بحجاب النساء حتى نعلمهن، وتهكمكم (بالطبع هو لا يعني أن نعلمهن الكتاب والسنة، وأدلة فرضية الحجاب، وإنما يعني أن نعلمهن التعليم المدني الذي يُعلي مبادئ العلمانية)، وهو ما يعني نيتكم في عصر الإخوان الحد من ظاهرة تعليم المرأة.. المرأة التي كان لها الدور الأبرز في ثورة يناير، وكانت السبب الأعظم في نجاحها، وفي أن يجلس أهل الأصولية والتشدد على كراسي الحكم..
 
في مقال قادم نتناول زوايا أهم لتضييق الحق وفق رؤى متراجعة وخارج إطار الزمن، ولكن اليوم دعوني من موقعنا البديع "الأقباط متحدون" أهنئ إخوتنا في الوطن بعيد الفطر المبارك، رضيتم أم لم توافقوا فبيننا مساحات حب وإخاء يصعب على أهل التشدد معرفتها، بينما يردد المواطن المصري البسيط في الشارع "موسى نبي وعيسى نبي وكل من له نبي يصلي عليه"..

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter