ضجة كبيرة أحدثتها جمجمة "الإنسان التنين" في الأوساط العلمية العالمية، بعدما نشر عنها مؤخرًا ثلاث أوراق بحثية في مجلة The Innovation، إذ تسهم الجمجمة المكتشفة في الصين قبل ثمانين عامًا في سرد قصة البشرية.
من جانبه يفسر عالم الحفريات المصري، الدكتور هشام سلام، مدير ومؤسس مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية، الاهتمام العالمي اللافت بجمجمة "الإنسان التنين"، قائلًا إن شجرة تطور الإنسان هي شجرة متشابكة الأطراف تمتد جذورها إلى 7 مليون عام من التاريخ الجيولوجي، وأي اكتشاف يساعد في فك هذا التشابك يعد أمر بالغ الأهمية.
ويضيف في حديث خاص لموقع سكاي نيوز عربية أن رغم أهمية الاكتشاف إلا أنه لم يؤتي ثماره بعد، خاصة أن العلماء في المجتمع العلمي يفضلون التريث قبل إصدار أحكام علمية.
ويتابع: "الإنسان التنين (Homo longi) يقع بين النياندرتال والهوموسابيان (الإنسان العاقل)، لأنه يمتلك صفات اشتراكية بعضها يدعم علاقته بالإنسان العاقل، والبعض الآخر يدعم علاقته النياندرتال".
لكن الجديد الذي كشف عنه العلماء في الأوراق البحثية، هو أن الإنسان التنين أقرب للإنسان العاقل، نتيجة وجود بعض الصفات في الجمجمة تختلف عن النياندرتال، وهذه الصفات أقرب للهوموسابيان".
وعن أهمية النتائج الأخيرة يقول سلام إن هذه العينة لها أهمية بالغة في التاريخ التطوري، متوقعًا أن يكثف العلماء جهودهم خلال الفترة القادمة للتوصل إلى نتائج هامة، خاصة أننا أمام جمجمة كاملة جيدة الحفظ، وهو الأمر الذي يدعم الحصول على نتائج أفضل.
أمَّا فيما يتعلق بإشارة بعض العلماء إلى وجود علاقة تشابه بين "الإنسان التنين" وإنسان دينيسوفان، يقول عالم الحفريات المصري إن هذا الافتراض لا يزال على مائدة بحث العلماء، خاصة أن عينات "دينيسوفان" قليلة، وحتى تكون هناك مقارنة موضوعية يجب أن تكون مع نفس الأجزاء من الجمجمة.
ويؤكد أننا لا نستطيع الجزم حاليًا بأن "الإنسان التنين" هو دينيسوفان أو هناك تشابه بينهما، وحتى تحسم هذه الفرضية لابد من الحصول على عينات كافية من دينيسوفان.
ويختم سلام حديثه لموقع سكاي نيوز عربية أن بعد الاكتشافات الأخيرة أصبحت أنظار العالم تتجه صوب مصر، على أمل اكتشاف أي حفريات من أنواع هومو في مصر، لأن شجرة تطور البشرية التي تمتد لـ 7 مليون سنة، جذورها إفريقية بالأساس، وحتى يخرج الإنسان وينتشر في ربوع الأرض، لابد أن يكون خروجه من مواقع قريبة إلى القارات مثل مصر أو باب المندب، لكن الترجيحات الأكبر أن خروجه كان من مصر.
حفظ على الطريقة الصينية
تجدر الإشارة إلى أن جمجمة "الإنسان التنين" حفظت على الطريقة الصينية في حفظ الكنوز، بعدما أُخفيت في قاع بئر لنحو 80 عامًا، بعد اكتشافها عام 1933 شمال شرقي الصين، لتخرج للنور في عام 2018 وتحدث ضجة مدوية في الأوساط العلمية.
ويرجح الباحثون إن عمر "الإنسان التنين" يصل إلى 50 عامًا، متوقعين أن يكون له وجه "واسع للغاية"، وعيون عميقة ذات تجاويف كبيرة للعين، وأسنان كبيرة، ودماغ مشابه في الحجم للإنسان الحديث.
ويتراوح عمر الجمجمة المكتشفة في مدينة هاربين الصينية، ما بين 138000 و309000 عام، وفقًا للتحليل الجيوكيميائي، وتجمع بين السمات البدائية، مثل الأنف العريض والحاجب المنخفض والمخ، مع تلك الأكثر تشابه إلى الإنسان العاقل، بما في ذلك عظام الخد المسطحة والحساسة.