بقلم: عماد حنا
فيلم يروي قصة شاب يعيش حياته بالطول والعرض معتمداً على مصانع والده التي يعمل بها صورياً في مجال الدعاية، تلك المهنة التي اختارها متعمدا لأنه من خلالها يحصل على ما يريد من الفتيات، الأمر الذي جعله يستغنى تماما عن الرغبة في الزواج. ولكن لا تستمر الأمور على ما يشتهي، إذ أن شركة والده تتعثر ماليا فيحتاج الأب إلى مبلغ ضخم من المال، وهنا يظهر في المشهد مدير البنك الصديق القديم للوالد والذي لديه فتاة "على وش زواج" فتبدأ ملامح الصفقة في الظهور.
البنت مقابل القرض الضخم الذي ينقذ الشركة من الإفلاس..
والأن على الابن الوسيم أن يتحمل المسؤولية.. وعلى البنت التي لا تهتم إلا برياضة "كرة القدم النسائية" أن تكون عنصراً من عناصر الصفقة. وقد تم الإتفاق بين الأب وابنه، أن الزواج لن يستمر إلا في الفترة التي يحتاجون فيها للوالد لإتمام الصفقة والحصول على القرض.. بمعنى أن المطلوب منه شهر زواج وينقضي الأمر ويتم الطلاق في هدوء.
بدأت الصفقة.. وقد كانت هذه الفترة ثقيلة جداً على الابن الشاب الذي لم ير أي شيئاً يساعد على استمرار الزواج، فالفتاة مسترجلة ولا تهتم مطلقا بعريسها الذي تزوجته إرضاء لوالدها. ففي يوم الزفاف المنشود لم ترغب العروس بممارسة الجنس مع زوجها الرافضة له من حيث المبدأ.. ولم يهتم الشاب بدوره لهذا الأمر إذ أنه يرى هذه الفتاة (واحد صاحبه)، بينما الأباء ينتظرون الحفيد.. البنت تمتنع ولكنها تكذب وتتهم كذباً أن الشاب لديه مشكلة في قدرته الجنسية، والشاب لم يكن يبالٍ بممارسة الجنس مع زوجته إلى أن طُعن في رجولته، وعرف بإتهام الفتاة له فيثور ثورة عارمة.. تنتهي باكتشاف كذب الفتاة فتتلقى صفعة هائلة من والدها.
وهنا يتغير اتجاه الفيلم تماماً..
لأول مرة الشاب يقول لوالدها وهو يصفعها: هذه زوجتي ويجب أن نحل مشاكلنا معاً
ليبدأ زواج حقيقي في هذا الفيلم الجميل الخالي من أي مشاهد منفرة، ولكنه يشرح لنا أهم أركان الزواج، وأستطيع أن أضعها في نقاط حسب رؤيتي للفيلم.. والذي خلال أحداثه أراد أن يجيب على السؤال:
كيف يتحول الزواج إلى زواج ناجح؟
لقد رأينا هذا يحدث بتلقائية وبدون قرار.. لقد نمت المحبة بينهما، فأعلن أن هذه الفتاة زوجته وأنه سيعالج مشاكلهما بنفسه، وقد بدأ بدون افتعال مسيرة زواج يريد له النجاح، فماذا فعل؟:
- تغيير اتجاه الصفقة: لتصبح صفقة من العطاء المتبادل بدلاً من محاولة السعي للاستفادة من الأخر.. وبرز هذا بوضوح عندما عرفت الفتاة أن والد زوجها يحتاج إلى خاتم الزواج الذي لم يسدد ثمنه، فتنازلت عنه عن طيب خاطر، بينما قرر الشاب – الذي تعود أن يأخذ من المتعة ما يشاء ويشتهي دون أن ينظر إلى الطرف الآخر – أن يستغنى عن يخت كان قد اشتراه لمتعته الشخصية، لكي لا يأخذ خاتم الزواج.. الأثنان أعطيا بدون أسف وبدون انزعاج، وهذه كانت البداية.
- النظر والسعي إلى مايحب الآخر: لم يكن الفتى يحب كرة القدم مطلقاً، ولم تكن الفتاة تحاول أن تبدو جميلة في عينيه التى لا تحب إلا الجمال الخارجي، ولكن عندما تغير اتجاه كل منهما تجاه الآخر، بدأ الشاب يُظهر شغفه بكرة القدم، وهي بدأت تهتم أن تبدو حلوة في عينيه.
- الاهتمام بقضاء وقت معاً: بدأ الشاب يحاول أن يقضي وقتاً مع زوجته ، الأمر الذي لم يكن يحاول أن يفعله مطلقاً، وهي لم تقاوم هذه الفكرة بل بدأت هي أيضا تسعى لهذا الوقت.
- التشجيع: لقد كانت الزوجة لها اهتمامات كروية جعلتها تتنازل عن كل وسائل المتعة في سبيل الوصول لهدف البطولة.. وعندما بدأ يهتم الزوج بها بدأ يشجعها على النجاح بكل ما أوتي من قوة.
- تحمل المسئولية: بدأ الزوج يهتم بمستقبله في الشركة، ويواظب على المشاركة في العمل بجد ودون تراخي لكي ينجح في حياته العملية، مما يؤثر إيجابياً على نجاح زواجهما.
- الالتزام الكامل تجاه الطرف الآخر (عدم الزنى): وذلك حدث عندما ظهرت فتاة من أيام الشقاوة في طريق الزوج، ليظهر تحدي شديد يقيس مدى محبته لزوجته، وبدا الأمر صعبا بالذات وهو يجد الصد المستمر من زوجته، ولكنه رفض تلك العلاقة غير الشرعية، واستجمع قوته ليعلن أنه لن يعود للقائها لأنه ملتزم الآن بزوجته التزام كامل.
- الرغبة في الحصول على الغفران: على الرغم من مبادرته بالالتزام نحو زوجته دون أن يدفعه أحد لذلك، إلا أنه حدث سوء تفاهم وبدا الأمر كما لو كان يخون زوجته. وهنا نجد دليل آخر على المحبة، وهو السعي الدؤوب لا لتبرئة نفسه ولكن لطلب الغفران.. وإعادة التواصل المفقود.. تم هذا الأمر في قالب كوميدي، وكلما نظن أن صديقنا قد يئس نجده يخرج بفكرة جديدة.. ولم ييأس ولا مرة.. وفي النهاية حصل على ما يريد.
- عدم خروج المشاكل خارج اطار الزواج: عندما اعتبر رجلنا أن هذه الفتاة زوجته أوقف فورا الكلام، عندما قال: "أنه ينبغي لنا أن نحل مشاكلنا داخل اطار الزواج"، وهو هنا وضع مبدأ في غاية الأهمية، وداعم كامل للزواج الناجح: أنه لا تدخل لأطراف أخرى في حل النزاع.. ذكراً إيانا بالمبدأ الكتابي (يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته). هذا الترك المعنوي الذي يجعل المشاكل لا تخرج من دائرة البيت، ولا تتوسع لدائرة أكبر منها.. مما يزيد المسألة تعقيداُ
مبادئ جميلة لفيلم جميل.. يذكرنا بما سبق وشرحه الكتاب المقدس، في رسائل أفسس، كولوسي، كورنثوس الأولى. وصايا الكتاب المقدس جميلة.. وضعناها بجوار أفكار الفيلم التي تبنت جزء كبير من هذه الأفكار.. وتحية خاصة لصناع هذا الفيلم الجميل.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع