الأحد ٢٦ اغسطس ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم مدحت بشاي
medhatbe@gmail.com
عانى كل من تابع أحداث 24 أغسطس على معظم شاشات الفضائيات ، و الكثير من المواقع الاليكترونية للجرائد والمجلات السيارة والحكومية بشكل خاص ، تزييف وكذب وتزوير للصورة والصوت والتعليق والحوارات المُعقبة على الحدث بفجاجة وقبح وذهاب للإدانة والتسفيه وصولاً لوصف ماحدث بأنه مراهقة سياسية ، فضلاً عن اتهام كل من شارك بالتواطؤ والعمالة والخيانة والقول كذباً أن المظاهرات لإسقاط الرئيس لصرف النظر عن الهدف الرئيسي للمظاهرات ، وهو ضرورة التوقف عن أخونة الدولة عبر المطالبة بتوقيف نشاط جماعة الإخوان المسلمين التي لازالت محظورة بحكم القانون ، ولأنها غير تابعة لأي مؤسسة شرعية في تحد لهيبة الدولة ونظمها ..
ولولا وجود قنوات فضائية حيادية مثل قناة أون تي في على سبيل المثال ومواقع الكترونية عتيدة صادقة مثل " الأقباط متحدون " دون مجاملة ، لكانت المعاناة أشد وطأة على المتابع للحدث إعلامياً ..
وعلى جانب أخر نطالع تصريحات مثل " قال الأنبا مرقس، رئيس اللجنة الإعلامية بالكنيسة الأرثوذكسية، أن الكنيسة لم توافق على مظاهرات اليوم، مؤكدا : هذا كان رأي الأنبا باخوميوس، ولكننا لا نتدخل في فرض رأينا على الأقباط فدورنا يقتصر على العبادة وليس التوجيه''.
ونفى القمص انجيلوس ما يتردد في وسائل الإعلام على لسان مصادر كنسية مجهولة بأن الأنبا باخوميوس يتابع ما أصدره من تعليمات بعدم مشاركة الأقباط في المظاهرات مؤكدا أن الكنيسة لا تتدخل في الشأن السياسي وتؤكد أن حق التظاهر والتعبير يكفله القانون طالما أنه سلمى ويعبر عن مطالب مشروعه دون المساس بالإساءة للأشخاص أو الممتلكات ، وأن الكنيسة دائما تصلى من أجل مصلحة الوطن وأن يحقق الله الاستقرار لمصر ويعبر عنها محنتها الحالية ، رافضن أى محاولات للزج بالكنيسة في هذه الأمور سواء بالرفض أو الموافقه أو الحشد أو المنع لأن الأقباط هم جزء من الكيان المصري ويشاركون في كيانات مدنية وسياسية تعبر عنهم وينتمون إليها . ويبقى السؤال كيف لنيافة الأنبا مرقس أن يتحدث باسم الكنيسة ويقول أنها لم توافق على المظاهرات .. أشكر قداسة القائمقام للتصحيح والدرس الجيد من قبل رجل دين يعي واجبه الوطني والروحي ..
منذ قرن من الزمان أصدر القمص سرجيوس (1883- 1964م) مجلة المنارة المرقسية في سبتمبر سنة 1912 م في مدينة الخرطوم عندما كان وكيلًا لمطرانيتها، وكان هدف المجلة دعوة الأقباط والمسلمين إلى التضامن والتآخي، وتقويم الاعوجاج الذي تأصل في الأقباط ككنيسة، والضرب على العادات التي أضلَّت الشعب وأفسدت ما ورثناه من الآباء القديسين. غضب عليه الإنجليز وأمروا بعودته إلى مصر في أربع وعشرين ساعة، وكانت آخر كلماته للمدير الإنجليزي هي: "إنني سواء كنت في السودان أو في مصر لن أكف عن النضال وإثارة الشعب ضدكم إلى أن تتحرر بلادي من وجودكم". .. وبالمناسبة يشهد أول سبتمبر ذكرى وفاة القمص المناضل صاحب الإصدارات والأدوار الوطنية العظيمة ، وأيضاً ذكرى وفاة الزعيم سعد زغلول ..
ما أحوجنا ، ونحن نعيش تلك المراحل الصعبة والحرجة لإعادة إصدار مائة إصدار على شاكلة " المنارة المرقسية " التي تدعو وتساهم في إصلاح حال المؤسسات الدينية والوطنية وآليات وتوجهات النظام الحاكم ..
يحزنني الجري والتسابق لإنشاء ائتلافات وتجمعات قبطية وليبرالية دون الاهتمام بوجود وسائط إعلامية قادرة باحترافية وتمكن مهني للتعبير عنها وتغطية فعالياتها لتظل تلك التجمعات وكأنها " ائتلاف بارتي " نحتفي بها في المناسبات ويتقدم أصحابها لكاميرات الفضائيات للحديث عن كيانات افتراضية .. لو اهتم وبادر هؤلاء بإنشاء محطات فضائية وجرائد يومية لكان فضح من كذبوا ولفقوا وأدانوا "24 أغسطس" بغباوة وكراهية للوطن والمواطن أمراً متاحاً ..
على سبيل المثال ، ومع احترامي للإصدار الوحيد الموجود الآن " جريدة وطني " وهو إصدار أسبوعي لم يحاول أصحابه أن يكون إصدار يومي ، ولم يستطيعوا الإضافة إلى الشكل الديني والروحي الشكل والدور الوطني ، وكان الاكتفاء بمقال رئيس التحرير تحت عنوان " الملفات المسكوت عنها " ولا أعرف في زمن السماوات المفتوحة ماذا يعني ذلك العنوان ؟! .. وتظل موارد الإعلانات الواردة من الإكليروس للتهاني بالترقي الكنسي والمواساة ، تشكل قيداً على التطوير رغم وجود كتاب وصحفيين أعدهم كوادراً مهنية رائعة ( وبالمناسبة أضحكني إطلاق مبادرة ألا يقوم الأقباط بنشر تعازيهم في جريدة الأهرام التي باتت إخوانية على طريقة مبادرة مقاطعة المسلمين لمنتجات كنتاكي وتكا وغيرها ، وكان ينبغي الدعوة لإصلاح ذواتنا ومؤسساتنا والسير في دروب صناعة التقدم ) ..
في مقال قادم للحديث بقية ، ولكنني أستأذن الموقع وقياداته أن أطلب من القارئ المشاركة بطرح الآراء نحو سبل وجود وسائط إعلامية حرة ، لأننا بصدد الإعلان عن بداية دخول المارثون الانتخابي لترشيح نواب جدد واستثمار حالة فشل البرلمان السابق الذي لم يصعد من قبته سوى البخور كوصف الكاتب الساخر الراحل جلال عامر ..