الأحد ٢٦ اغسطس ٢٠١٢ -
٠٠:
١٢ ص +02:00 EET
بقلم: إبرام مقار
حصيلة تراجع الحريات في الاسابيع الاولي في حكم "محمد مرسي" مفجعة، فلم يطق مرسي النقد اكثر من اربعين يوماً فقط وتم مصادرة جريدة الدستور وصوت الامة واخيراً جريدة الشعب وتم غلق قناة الفراعين دون انتظار لحكم القضاء في القضايا المرفوعة بين طرفي النزاع محمد مرسي وتوفيق عكاشة رئيس القناة بل ومحاصرة قناتي الفراعين واوربت ومعظم بوابات مدينة الانتاج الاعلامي والاعتداء علي بعض الاعلاميين وتحطيم سياراتهم من قبل مليشيات خارجة عن نطاق الدولة، بالاضافة الي احالة رؤساء التحرير عادل حمودة وعبد الحليم قنديل واسلام عفيفي الي نيابة امن الدولة بتهمة اهانة الرئيس.
وبعد قرارات مجلس الشوري - الذي ينتظر حكم دستوري ببطلانه - الاخيرة والتي تم فيها اخونة الصحف بتعيين 47 رئيس تحرير معظمهم كوادر اخوانية ومنهم المتورط في كتابات سابقة تحث علي الكراهية الدينية تم الغاء صفحة الرأي بالاخبار والصفحة الثقافية بالجمهورية ووقف حلقات كتاب "عائد من جنة الاخوان" والتي كانت تنشر بمجلة المصور، وارضاء لجماعة الاخوان قام رؤساء التحرير الجدد بوقف مقالات جمال فهمي في الاهرام وعبلة الرويني ويوسف القعيد في الاخبار وغادة نبيل في الجمهورية. والتجاوز الحقيقي ليس فيما يقوله الصحفي لكن في رد الفعل الذي لا يناسب التعهدات التي قطعها مرسي علي نفسه اثناء خوضه للانتخابات الرئاسية أنه لن يقصف قلم ولن يصادر اي منبر اعلامي كذلك لا يناسب مرحلة ما بعد ثورة قتل فيها الالاف من اجل الحرية ولم يطق الملايين الانتظار علي حاكم سابق كان يسلك نفس السلوك الغير ديمقراطي لعدة شهور اخري الي انتهاء مدته الرئاسية، فهل يقبل الثوار نفس سلوك المخلوع لسنوات في عهد مرسي!.
علي محمد مرسي ان يدرك ان مرسي "الرئيس" غير مرسي "الاستاذ الجامعي" او "النائب البرلماني" او "سجين وادي النطرون"، فالحال المأسوي الفوضوي المتدني الذي تعيشه مصر الان لا يحتمل الدخول في نزاعات ومعارك شخصية جانبية، وهذا هو قدر السياسيين في العالم اجمع وتلك هي الضريبة التي يدفعونها. وقد نشرت مجلة "رادار" الامريكية علي غلافها صورتين منفصلتين لأوباما وهيلاري كلينتون نصف عاريتيان كما صدر حديثاً في امريكا كتاب "القيادة من الخلف" للصحفي ريتش مينيتر ويصف فيه الكاتب الرئيس اوباما بانه ضعيف ومتردد ومستشاريه يتخذون القرارات نيابة عنه، وغيرها مع معظم السياسيين في العالم الحر المتحضر الذي يعيش الديمقراطية حقاً وليست ديمقراطية باكستان او ايران المزيفة والتي يبدو انها استهوت جماعة الاخوان ومرشحها الرئاسي تلك الديمقراطيات الوهمية التي لا تخرج عن صندوق انتخاب فقط وبين شخصين لهم نفس التوجه المتشدد.
وبدون ان نقدم لمرسي المثال من الخارج فهناك في الداخل الدكتور محمد البرادعي "الاب الروحي للثورة المصرية" التي اتت بمرسي وجماعته من السجون الي سدة الحكم، فمنذ عام 2009 تعرض البرادعي لكل الاتهامات بمنتهي الخسة والندالة ودائبت الصحف القومية في عهد مبارك علي التشهير بالبرادعي فقالوا عنه "رئيس جمهورية الفيسبوك" واتهموه "بالنفاق الديني" وصحفي اخر قال عنه انه بالونة الدخان الاسود ووصف المتلقين لافكاره "بالعبط" ناهيك عن تأليف القصص التي لم تحدث والصاقها بالبرادعي.
بالاضافة الي اعتباره بانه المسئول عن ضرب العراق والسودان، ووصل الامر الي ان يتهمه نائب رئيس جامعة الازهر بأذدراء الاديان، وحتي صحف المعارضة الكرتونية وبتعليمات امنية خاضت في حياته الشخصية واسرته وحتي الان يتعرض البرادعي للتطاول علي شخصه واخرهم خالد عبدالله وحازم ابو اسماعيل ومع هذا وعلي مدي ثلاث سنوات لم يرد البرادعي علي اي تجاوز ولم يقاضي صحيفة او كاتب لانه رجل وطني والحريات بالنسبة له ايمان وعقيدة وليست خطب انتخابية، فأي حاكم عربي بعد سنوات من حكمه يتحول الي ديكتاتور ويتخذ من عبارات "اهانة الرئيس" و"انتقاص هيبة الدولة" وغيرها وسيلة لقمع وسجن منتقديه وتكون نهايته، فهل سيبدأ مرسي حكمه بقمع معارضيه ويبدأ من حيث ينتهي الاخرون