الأقباط متحدون - أقليات دينية وعرقية بين رحى أعمال العنف في سوريا
أخر تحديث ١٥:٠٤ | الاثنين ٢٧ اغسطس ٢٠١٢ | ٢١ مسرى ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٦٥ السنة السابعة
إغلاق تصغير

أقليات دينية وعرقية بين رحى أعمال العنف في سوريا


 بدأ القتال الدائر في سوريا يتخذ منحى طائفيا. وفي التقرير التالي يروي صحفي من دمشق كيف انزلقت كثير من الأقليات الدينية والعرقية في سوريا إلى بوتقة الصراع.

في مساء أحد الأيام القريبة في منطقة باب توما، وهي منطقة مسيحية في مدينة دمشق القديمة، اضطر أبو جورج إلى الانتظار طوال الليل على باب منزله متلهفا لعودة ابنه إلى الدار.
 
ويقول الوالد البالغ من العمر 60 عاما: "كانت ليلة صعبة، فقد كان صوت إطلاق نار يدوي في المنطقة."
 
ويضيف: "خرج ابني لأنه كان يريد الاشتراك في القتال الدائر. لم يمكنني السيطرة عليه، فلا زال شابا مراهقا."
 
لقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية مخاوفا في أوساط الأقلية المسيحية بالعاصمة السورية تتعلق بانخراط الشباب المسيحيين في القتال الدائر ضد خصوم الرئيس بشار الأسد.
 
ويقول قس يعيش في المنطقة: "استجاب الشباب المسيحيون العاطلون عن العمل في دمشق لمناشدات النظام الحاكم التي طالب فيها بحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم."
 
ويضيف: "قيل لهم إن السلفيين قادمون لقتلهم. وهذه محاولة من جانب النظام لتأجيج الطائفية ودفع المسيحيين للدخول إلى المعركة".
"لجان شعبية" أم "بلطجية"
 
وتم تشجيع الشباب المسيحين على الانضمام إلى ما تسميه الحكومة "اللجان الشعبية"، التي تتولى مسؤولية حماية المناطق من الهجمات. لكن يعتبر كثيرون أن هذه اللجان مجرد مجموعات من "البلطجية" المواليين للحكومة.
 
وتمت الموافقة على أن تحمل بعض اللجان الشعبية – مثل اللجان الموجودة في باب توما ومنطقة باب شرقي المسيحية المجاورة – السلاح.
ويسعى معظم المسيحيين، الذين يمثلون نحو 10 في المئة من السكان، إلى تجنب الانزلاق إلى الصراع الطائفي المتزايد في البلاد.
 
ويقول القس: "نعمل بجد لنشر الوعي بين المسيحيين لتجنب الانزلاق إلى النزاع. وقد رفض الكثيرون حمل السلاح."
 
وتواصل بعض ناشطي المعارضة المسيحيين مع أعضاء بما يعرف بـ"الجيش السوري الحر"، فيما حاول كلا الطرفين طمأنة الأقلية المسيحية بأنه لن يتم استهدافها.
 
"شعب واحد"
وفي إحدى ضواحي دمشق، اجتمع المنتصر بالله عمر، وهو متحدث باسم كتية البراء بن مالك التابعة لـ"الجيش السوري الحر"، مع ممثلين لتشكيلات معارضة لصياغة بيان مشترك يحذر المسيحيين المحليين من حمل السلاح.
 
وجاء في البيان الذي وقع عليه المجلس العسكري للثورة السورية في ضواحي دمشق وكتائب أخرى تابعة لـ"الجيش السوري الحر": "ندعو أشقاءنا في سوريا للمحافظة على النسيج الاجتماع الذي يميز الدولة."
 
وأضاف: "نطمئن شعبنا بأن شعارنا هو: ‘نحن جميعا شعب واحد في بلد واحد.’"
وبينما كان ممثلو الجيش السوري الحر مجتمعون لمناقشة البيان، وصلت شحنة طعام كان مقررا توزيعها على النازحين المحليين.
ويقول المنتصر بالله عمر: "وصلتنا إمدادات الطعام هذه من مسيحيين وعلويين. حربنا ضد الأسد وليس ضد طائفته."
 
"مجرمون"
جرمانا مدينة صغيرة تقع جنوب شرقي دمشق ويعيش بها الكثير من السوريين العلمانيين المنتمين لطوائف إسلامية مختلفة، لكن الأغلبية من الدروز.
وكما الحال مع المسيحيين في سوريا، ينأى الدروز، الذين يمثلون ما بين اربعة الى خمسة في المئة من السكان، بأنفسهم عن دعم أي من الطرفين في القتال الدائر بسوريا.
 
وقد بذلت الحكومة السورية بعض الجهد لمنع تنظيم احتجاجات في جرمانا. وتقول نادية، وهي صحفية من الدروز تعيش في جرمانا، إنه كان يتم قمع كل مظاهرة يتم تنظيمها وتكتب تقارير للقوات الأمنية حول الموالين للمعارضة لمساعدة الحكومة على المحافظة على الهدوء في جرمانا.
وتشير إلى أن هذا لم يكن الوضع عندما بدأ "الشبيحة" في المدينة التسلح.
 
وتضيف: "قام الأمن باستخدام المجرمين المدانين كافة الموجودين في السجن وتم إطلاق سراحهم بموجب عفو وحصلوا على سلاح بزعم حماية المنطقة من عصابات السلفيين المسلحة."
 
"فرق تسد"
في وقت سابق انتشرت إشاعات حول سلسلة من الاغتيالات في جرمانا. وقتل بعض أعضاء اللجان الشعبية، الذين يصفهم المحليون بـ"الشبيحة" أو المجرمين.
ويلقي البعض باللائمة على مقاتلين تابعين لـ"لجيش السوري الحر" من مدن مجاورة، لكن يشك آخرون في مواطنين في جرمانا. ويقولون إن اللجنة الشعبية أصبحت عصابة تجبر المواطنين على دفع أموال مقابل حمايتهم.
 
وتقول نادية إن الحادث الذي وحد الجميع على الحقيقة – ودفع قيادات دينية من الدروز إلى إصدار بيانات إدانة – كان يتمثل في مقتل مسلح تابع للمعارضة في ميدان وسط جرمانا على يد أعضاء من اللجنة الشعبية وطافوا بجثته في أرجاء المدينة لترويع المواطنين.
كما ذهبوا إلى مدارس يلوذ بها الكثير من النازحين المحلين واتهموهم بالإرهاب. وتقول نادية إن سكان جرمانا اعترضوا على ذلك، مشيرة إلى ان رجال الدين المحليين دعوا المواطنين للتحلي بالعقل والتمسك بالوحدة.
 
وتقول نادية إنه لا يمكنها قبول أن يتم إيقافها وتفتيشها في مدينتها من قبل "مجرمين" يعملون تحت زعم توفير الحماية.
وتتساءل: "لا يمكن تحمل هذا الوضع، لماذا يجب عليّ قبول ذلك؟"
 
واستطردت: "النظام يقوم بكل ما يستطيع لبث الفرقة والسيطرة. لكن لحسن الحظ لا زال هناك حكماء."

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.