منذ عام 2003 شاعت حالة تولي رجال الدين المناصب الحكومية ومجلس النواب وازدياد سطوتهم في العراق، رغم سعي عدد من الساسة العراقيين لابعادهم عن المواقع الرسمية وخاصة الدبلوماسية.
بغداد: يسعى أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي الى إبعاد رجال الدين عن اللجنة كونها لم تؤد عملها بالشكل المطلوب، ويؤكد البعض ان الاشارة بالخصوص تتعلق برئيس اللجنة الشيخ همام حمودي، ومقررة اللجنة السيدة عديلة حمود، وهذا السعي فتح باب النقاش والجدل حول اذا ما كان رجل الدين ينجح فعلا في ادارة الدبلوماسية.
اعتبر العديد من العراقيين المحاولات الجارية لإبعاد رجال الدين عن الدبلوماسية خطوة جريئة وصائبة، مؤكدين على ضرورة ان لا تشتمل لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب رجال دين، لانهم غير مؤهلين لا نفسيا ولا دبلوماسيا، كما هو رأي البعض.
فيما أشار البعض الاخر إلى ان ممثل العراق في الحقل الدبلوماسي يجب أن يكون شخصية بعيدة عن الثوب الديني الذي يتميز عن سواه بكونه معروفا ويؤدي الى خلق عوامل نفسية قد لا تكون مفيدة، خاصة ان العلاقات الخارجية في مجلس النواب او حتى وزارة الخارجية تتمثل في اقامة علاقات مع دول ذات ديانات مختلفة، وهو ما قد يخلق ردود فعل سلبية، وقد راح البعض يطور الحديث الى ابعد من الفكرة فتكلم باسهاب عما خلفته السياسة الخاطئة لسنوات ما بعد التغيير بعد ان اصبح زمام الامور بيد رجال الدين الذين للاسف يتمتع أغلبهم بذهنية متفتحة،على حد قول البعض، فيما أعرب العديد عن تمنياتهم بفصل السياسة عن الدين وأن يذهب رجال الدين للعمل في المساجد بدل العمل في بحر السياسة الذي لا يمتون اليه بصلة .
فقد كشف عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية سامي العسكري عن وجود توجه داخل اللجنة لتغيير هيئة رئاسة اللجنة، وقال العسكري: إن هيئة رئاسة لجنة العلاقات الخارجية لم تقم بدورها بشكل صحيح خلال الفترة الماضية ما أدى الى شل عمل اللجنة، وأضاف أن عددا من أعضاء اللجنة سيعملون على تغيير هيئة رئاسة اللجنة المكونة من الرئيس ونائبه ومقرر اللجنة.
يذكر أن هيئة رئاسة لجنة العلاقات الخارجية النيابية تتألف من القيادي في المجلس الأعلى الاسلامي العراقي همام حمودي كرئيس للجنة ورئيس كتلة العراقية النيابية نائبا له وعضو التحالف الوطني عديلة حمود التي تتولى منصب مقرر اللجنة، فضلا عن آخرين ينتمون الى تيارات دينية .
وقال الكاتب والإعلامي كاميران: "العلاقات الخارجية لا يجوز أن تعطى الى رجال دين مع احترامنا لبعضهم، بل ينبغي ان يديرها نواب مدنيون مؤهلون، وخبراء في العلاقات الدولية ويفهمون ما يجري في العالم من متغيرات ويجيدون لغات أجنبية وعلى الأقل اللغة الانكليزية".
أما الكاتب والمحلل السياسي الدكتور جليل وادي، فقال: "يفترض ان نبعد رجال الدين عن أي مكان غير الدين، نحن بصدد بناء دولة مدنية، وكذلك الفيتو الذي يراد أن يعطى للأعضاء الفقهاء في المحكمة الاتحادية، اذا كنا نفكر بهذه الطريقة لن نستطيع بناء دولة يراد لها ان تمضي إلى المستقبل، ومثل هذه الأمور تسعى الى سجننا في الماضي".
وأضاف: "يقلقنا المستقبل كثيرا، لكن وعيا بالمستقبل لم يتبلور لدى ساستنا وكذلك الجماهير بعد، أسأل الجميع بما في ذلك رجال الدين، ماهي صورة المستقبل في اذهانهم، ما هي صورة العراق بعد عشرة سنوات مثلا ؟"
فيما قال الدكتور صادق عزيز الموسوي: من يديرون الدبلوماسية العراقية لا بد ان يتميز الكثيرون منهم بالخبرة الطويلة في العمل الدبلوماسي والحنكة السياسية، والمسالة لا يجب ان تخضع للمحاصصة لانها مسألة حرفية فنية تقنية، ولا بد للنائب الدبلوماسي ان يتميز بصفات كثيرة ليمثل العراق ليكون مرموقا ومقبولا عند الاخرين، وليست المسألة اجتهاد هذا او ذاك، ومع احترامي لعلماء الدين، دبلوماسيتنا ضعيفة جدا في الخارج والعراقيون يعانون.
وقال الكاتب أكرم سالم: "من المعروف أن السياسة الخارجية لأي بلد لابد ان تتخذ مساراتها العامة وخطوطها الأساس بشكل موضوعي رصين، خاضع لدراسة وتمحيص دقيقين، وعادة هذه الخطوط العامة ترسم من قبل الخبراء الدبلوماسيين في وزارة الخارجية بشكل مهني يأخذ بالحسبان عوامل ومتغيرات وتوقعات عديدة، لا يلم بها المواطن العادي ولا رجل الدين الذي يحمل توجهات معينة ومعروفة وغير قابلة للمناقشة في كثير من الأحيان لأنها لاتخضع للقوانين الوضعية وانما تعتمد الكتب السماوية المقدسة المنزلة.
وقالت الكاتبة ساهرة دليمي: على الرغم من اننا نعترض على وجود رجل الدين في السياسة وهو بجبته وعمامته ولحيته، فإننا نستغرب وجوده في الدبلوماسية، فهو معروف للاخرين من ثيابه بينما الدبلوماسية تحتاج الى رجل مدني، أنا أعتقد أن النظرة العامة عن رجل الدين تؤثر في الاخذ والعطاء في التحاور بين الاطراف، ليس مهما أن تكون لبقا في اللغة الانكليزية بل الأهم أن تكون محاورا جيدا ومقبولا من الجميع، لا أن ينظروا اليك بريبة وشك.
وقال علي سلمان داود، موظف في وزارة الثقافة: الأزياء لها تأثير في بناء العلاقات الدبلوماسية بين الدول، ولا اقصد هنا الازياء التراثية للبلد، فهذا شيء يفتخر به، بل أقصد زي رجال الدين ، فكيف يمكن للمسلم أن يتصرف إذا ما جلس بالقرب منه دبلوماسي يرتدي الزي اليهودي، هل ترى ان حالته النفسية ستكون مستقرة؟ اعتقد انه سيحسب حسابات كثيرة، وهذا ينطبق على رجال الدين المسلمين اذا ما مارسوا الدبلوماسية ، فلا اعتقد انها تصلح لهم، بل إنهم لا يصلحون لها .
وقال ابراهيم الصالحي: "اعتقد أنه من الضروري إبعاد رجال الدين عن شؤون الدبلوماسية، فيكفي تخبطهم في السياسة وتصريحاتهم التي تعكر الأجواء يوميا، ومن الأمور البديهية أن يكون الدبلوماسي شخصيا مدنيا، لا عسكريا ولا دينيا، فرجل الدين الملتحي والمرتدي لملابس تعكس صفته وتوجهه لن يخدم العراق لانه سيعطي صورة صادمة، ونحن نعرف ان الدبلوماسيين يجاملون بعضهم البعض، ولا يظن البعض انني اقصد مجاملات الخمور والسهرات، بل إن المجاملات ذاتها تصبح حملا ثقيلا لدى المقابل لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع رجل الدين وبالتالي لن تكون هناك نتائج جيدة .
فيما أوجز الكاتب علي الرواف رأيه بالقول: "قرار محاولة استبعاد رجال الدين من العلاقات الخارجية .. جريء وصائب، وهو متأت من خلال تجربة عملهم داخل البرلمان، انا أجد ان العلاقات الخارجية تحتاج الى دبلوماسيين يتمتعون بثقافة عالية تمثل العراق الجديد المدني، لذلك أرى انه قرار صائب، وليته ينفذ".
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.