الأب رفيق جريش
استضاف الفاتيكان بالمشاركة مع سفارتى بريطانيا وإيطاليا لدى الكرسى الرسولى أعمال مؤتمر قمة قادة الأديان من أجل تغير المناخ بعنوان (الإيمان والعلم)، بمشاركة القادة الدينيّين والعلماء من حول العالم، بهدف إرسال نداء مشترك إلى المشاركين فى مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين لتغير المناخ، والمقرر عقده فى الفترة من 1 إلى 12 نوفمبر 2021 فى مدينة جلاسكو، اسكتلندا، للتعبير عن مخاوفهم ورغباتهم فى تحمل مسؤولية أكبر نحو كوكب الأرض، والتضامن للحد من الآثار السلبية للتغير المناخى على البيئة واستدامة مواردها.
وفى هذا الإطار، عقد قداسة البابا فرنسيس، وفضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لقاء بالفاتيكان، عقب مشاركتهما فى قمة قادة الأديان بشأن تغير المناخ، وخلال اللقاء الذى جمعهما، ناقشا القضايا الدينية والإنسانية والأخلاقية التى تؤرق العالم اليوم، والتحديات التى فرضتها التغيرات والأحداث على الساحة العالمية، والدور الحقيقى الذى يقع على عاتق علماء الدين ليساهموا بدور فعال فى التقليل من حدة الانقسام الذى تعانيه مناطق متفرقة حول العالم، ومجابهة الأفكار المتطرفة والمخالفة لما نادت به الأديان.
وأعرب شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان عن حرصهما الشديد على مواصلة ما بدآه معًا من حوار بناء وتعاون مشترك وتكاتف وتآخ أثمر وثيقة تاريخية هى وثيقة الأخوة الإنسانية التى تم إعلانها من أبوظبى عام 2019 لأهميتها وتأثيرها فى تعزيز التآخى بين البشر جميعًا، وأن العودة إلى تعاليم الأديان هى السبيل لنجاة العالم من التشدد والانقسام وطغيان المادة.
وخلال اللقاء الذى عُقد فى الفاتيكان تم توجيه نداء مشترك يحمل توقيع البابا فرنسيس والإمام الأكبر والقادة الدينيين بعنوان «الإيمان والعلم، نحو 26 COP» وتحدث النداء عن هذا التجمع، وبعد شهور من الحوار بين القادة الدينيين والعلماء للعمل على زيادة الوعى بالتحديات غير المسبوقة التى تهدد بيتنا المشترك.
وضمت قائمة الموقعين ممثلين رفيعى المستوى لجميع الطوائف المسيحية والإسلام والسنى والشيعى واليهودية والهندوسية والسيخية والبوذية والكونفوشيوسية والطاوية والزرادشتية والجاينية.
وأكد النداء أن الإيمان يُعلم واجب الاهتمام بالعائلة البشرية والبيئة التى تعيش فيها، كما شدد على الاعتماد المتبادل فيما بيننا ومع الطبيعة وعلى أننا لسنا سادة كوكبنا وموارده. وتابع النداء مشيرًا إلى ارتباط المشاكل العديدة التى تواجه البشرية بأزمات فى القيم الأخلاقية والروحية، وأضاف أننا مدعوون إلى العناية بأجيال المستقبل وعلينا واجب أخلاقى هو التعاون من أجل علاج الكوكب وعلينا مواجهة هذه التحديات من خلال المعرفة العلمية وحكمة الأديان.
وتابع النداء متحدثًا عن الحاجة إلى إطار من الرجاء والشجاعة وأيضًا إلى تغير فى مفهوم التنمية. وتوقف عند التغيرات المناخية باعتبارها تهديدًا خطيرًا، ودعا بالتالى إلى عمل مناخى مشترك على جميع المستويات.
وأشار النداء فى هذا السياق إلى ضرورة إيقاف انبعاثات الكربون فى أسرع وقت ممكن مع ريادة للدول الأكثر رخاءً فى تقليص الانبعاثات وتمويلها التقليص لدى الدول الأكثر فقرًا.
وحث النداء على ضرورة تبنى الحكومات كافة الإجراءات لإيقاف ارتفاع درجة الحرارة عند درجة ونصف مقارنة بالمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
كما طالب من جهة أخرى الحكومات بطموح وتعاون دولى أكبر من أجل التحول إلى الطاقة النظيفة وتطبيقات مستدامة فى مجال استخدام الأراضى وتغيير النظم الغذائية كى تكون صديقة للبيئة ومحترمة للثقافات المحلية والقضاء على الجوع وتشجيع أساليب حياة واستهلاك وإنتاج مستدامة.
كما يدعو النداء المؤسسات المالية والبنوك والمستثمرين إلى تبنى تمويل مسؤول، بإشراك منظمات المجتمع المدنى.
ووجه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، نداء لكل إنسان «يقظ الضمير»، أيًّا كانت عقيدته أن يقف بالمرصاد فى وجه أى نشاط يضر بالبيئة، أو يفاقم من أزمة تغير المناخ، داعيًا علماء الأديان ورجالها لأن يقوموا بواجبهم الدينى فى تحمل مسؤولياتهم كاملة تجاه هذه الأزمة.
كما أكد الإمام الأكبر خلال كلمته فى قمة قادة الأديان أن علماء الأديان مع ما يتمتعون به من تأثير روحى فى كافة الأوساط، حتى عند صناع القرار وأصحاب المصانع والشركات، يستطيعون أن ينشروا بين الناس الوعى الدينى بأبعاد هذه الأزمة، وبما يسهم فى محاصرتها والتخفيف من أخطارها.
هذا ومن بين ما شدد النداء على أهميته تعميق الجهود من أجل تغير فى القلوب فيما يتعلق بعلاقتنا بالأرض وبالأشخاص الآخرين وتشجيع المؤسسات التربوية والثقافية على تعزيز التربية على الإيكولوجيا المتكاملة وجعلها أولوية قصوى لدى الجميع.
نقلا عن المصرى اليوم