الأقباط متحدون - يا أستاذ محمد مصطفى شردي.. ترفق
أخر تحديث ٠٤:١٠ | الجمعة ٣١ اغسطس ٢٠١٢ | ٢٥ مسرى ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٦٩ السنة السابعة
إغلاق تصغير

يا أستاذ محمد مصطفى شردي.. ترفق

بقلم- حنا حنا المحامي
عزيزى أبو درش، إني أترفق عليك بوصفك بورسعيدي، إذ لي مع بورسعيد ذكريات يصعب عليّ أن أنساها. ولكن أرجو أن يتسع صدرك لما سأقوله لك لأنه يهمك كما يهم أي إعلامي.

فتحت التليفزيون فوجدتك مع شاب آخر تتناقشان مع نيافة الأنبا "مرقس" وتقولان له "يا نيافة الأنبا ده قانون هو إنتم عاوزين تبقوا دوله داخل الدولة؟".. نفس النغمة التي كنا نسمعها في العهد السابق.

وأود أن أقول لك إن المناقشة فاشلة، ولا تليق بإعلامي يتحدث في أمر هام يتصل بكنيسة لها كيانها في مصر عبر ألفي عام. من قال لك إن الكنيسة دولة داخل الدولة؟ المشكلة يا عزيزي أنك تتكلم في موضوع لا تعي أبعاده، ومع ذلك تتكلم من منطلق عنجهي وكأنك تملك الحقيقه دون سواك. وأود أن أقول لك إن الإعلامي الناجح يتعين أولًا أن يتسم بالتواضع ولا يفتي في أمور لا يعرفها حتى لا يقع فيما وقعت فيه.

المشكله يا صديقي أن الدولة تتدخل في ميزانية أي جهة، بما في ذلك الأزهر الشريف، إذا كانت تمدها بالمال، وذلك من خلال الجهاز المركزي للمحاسبات. فهو الجهة التي تشرف على أموال الدولة ومدى صحة الإنفاق لأموال الدولة.

أما في حالتنا هذه، وهي الكنيسة، فإنها لا تأخذ مليمًا واحدًا من الدولة. على ذلك ليس للدولة ولا الجهاز المركزي للمحاسبات أي سند قانوني للإشراف أو مراجعة أموال الكنيسة. كذلك أغلب هذه الأموال يكون مصدرها العشور التي يدفعها أقباط الداخل أو أقباط الخارج. وهذه الأموال صدقة ليس للدولة عليها أي سلطان. وللعلم العشور في المسيحية ليس لها موسم محدد، بل هي التزام على مدار السنة.

من ناحية أخرى، فالدولة لها الحق في مراجعة أي دخل للأفراد أو الشركات الخاصة، وذلك فقط فيما يتعلق بالضرائب، وفيما يتعلق بالتهرب الضريبي لا غير. ولعلك تعلم أن الجهات الدينية معفاة من الضرائب. إذن ليس للدولة سلطان على دخل الكنيسة في هذه الجزئية أيضًا.

الخلاصة إذن أن الدولة- بقوة القانون- ليس لها أي سلطان على دخل الكنيسة. على ذلك اصطلاح أن الكنيسة دولة داخل الدولة اصطلاح عنصري لا يُقصد به إلا شحذ البغضاء والسخط على الكنيسة وأموال الكنيسة. وهذا ما أنزهك عنه مع إنك وقعت فيه لأنك تتكلم في موضوع لم تدرسه، وكان الأكرم والأجدى أن تلجأ إلى خبير في المسائل الضريبية كي يعفيك من الوقوع في هذا الخطأ الإعلامي الذي يضر بوحدة الوطن ضررًا كبيرًا.

كذلك في إحدى المداخلات دخلت سيدة وقالت "أنا الحمد لله متيسرة ودخلي يكفي احتياجاتي واحتياجات منزلي, ولكن هناك ناس مطحونين أقترح أن يصرف لهم مرتب شهر بمناسبة دخول المدارس ويقسط على شهر". فما كان منك إلا أن رديت عليها في عنجهية قائلًا: "وبعدين ياخدوا الفلوس وما تتسددش"، ثم أنهيت المكالمة على الفور.

قد شعرت ببالغ الألم والأسى نيابة عن هذه السيدة. يا سيدي، إنك ببساطة لا تعرف ولا تحس بحاجة وآلام الناس. وهذه هي الرسالة الأولى لأي إعلامي، وهي الاحساس بآلام الغير ومتاعب الغير واحتياجات الغير, ثم التجاوب معها. فبدلًا من الرد العنجهي الفوري كان يجب أن تبحث كيف يتم ذلك إن كنت لا تعرف، ذلك أن مرتب الشهر الذي يُعطى للعامل أو الموظف يُسدد على مدى سنة دون فوائد خصمًا من مرتبه, ورب العمل هو الذي يسدد للدولة هذه الأموال. وقد تعجبت من ردك الفوري العنجهي الذي يشي بأنك تعيش حياة الرغد التي تحققت لك من خلال الدخل الإعلامي السخي، فأصبحت لا تشعر بما يشعر به المطحونون من أبناء وطنك.

عزيزي "محمد"، أرجو أن تؤدي رسالة الإعلامي بما يجب أن تكون الرسالة، ولا تستهين بأي مطلب، فقد يكون وراءه علاج مريض, أو كسوة أولاد, أو غذاء ضروري, أو فرحة لطفل. كما أرجو خالصًا ألا تتعرض لمسائل حساسة جدًا مثل موضوع الكنيسة بصورة تبين جهلك المطلق بالقانون، ولا تثريب عليك في ذلك، فلا يوجد إنسان يعرف كل شئ, وقد كان عليك أن تستشير محاسب الكنيسة مثلًا وليس "نيافة الأنبا".

عزيزي،.. لقد طبعت من خلال حديثك في أذهان الكافة أن الكنيسة دولة داخل الدولة، الأمر الذي يزيد من التوتر العنصري الذي تعاني منه مصر.

لذلك، كم أتمنى أن تصحح هذين الخطأين من خلال برنامجك أيضًا. إن الاعتراف بالحق فضيلة يا أبو حميد.

وتفضل بقبول إعزازي وتمنياتي لك بمستقبل باهر.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter