بقلم : مادونا شاكر
تعددت الحوادث والقتل واحد .. لاحظنا فى الآونة الأخيرة إزدياد حوادث قتل الآباء الكهنة وبالأخص حوادث الطرق التى تسمى زوراً حوادث مرورية لتبرير مقصدها والهدف منها خاصة للآباء النشيطين أو الرهبان والراهبات أو بعض الخدام اللذين يتخصصون فى خدمات معينة كعودة المرتدين عن المسيحية وإيمان غير المسيحيين .. ولكنها فى الحقيقة حوادث مقصودة ومرتب لها قبلاً من جهات أمنية وإخوانية وجماعات إسلامية أيضاً وليست محض الصدفة أو القضاء والقدر أو تندرج تحت بند الحوادث الفردية التى لا تتسم بالطائفية كما يروج البعض لها بهدف إبعاد الشبهة الجنائية عنها أو الطائفية .
فلم تكن حادثة مصرع الثلاث كهنة فى محافظة سوهاج دهساً وهرساً بسيارة نقل ثقيل لورى لما لها من ضخامة ملحوظة لا يمكن مقارنتها بسيارة ملاكى صغيرة الحجم هى الحادثة الأولى من نوعها .
ولكن هناك العشرات من الأمثلة الدالة على ذلك والتى تبرهن أن أصحابها كان المقصود بهم شراً وكانت النية مبيتة لأذيتهم والتخلص منهم تحديداً .. نأخذ منها على سبيل المثال لا الحصر :
- حادثة مقتل القمص يوسف أسعد راعى كنيسة العذراء العمرانية فى التسعينات الذى ضيقت عليه سيارة نقل وهو يسير بسيارته ولا حقته ولم تتركه إلا بعد القضاء عليه .
- حادثة مقتل الأنبا مكارى أسقف سيناء عام 2000 الذى إنقلبت به السيارة بعد ملاحقة سيارة نقل لورى وظلت وراؤه حتى إنقلبت السيارة فتأكدوا من وفاته وفاضت روحه وهو فى المستشفى .
- وفى عام 2004 لقى القس إبراهيم ميخائيل مصرعه غرقاً فى طحا الأعمدة بالمنيا ومعه أثنان من الخدام وإصيب إثنان آخران بإصابات خطيرة .
- فهذه الحوادث المقصودة لم تكن وليدة اليوم وإنما هى موجودة من عشرات السنين وبأشكال أخرى غير حوادث الطرق المفتعلة ويشهد تاريخ الأقباط على ذلك وترصده مدونة تاريخ الأقباط للأستاذ عزت أندراوس .
ففى عام 1978 قتل القس رويس زاخر كاهن كنيسة يوحنا المعمدان بأبو تيج أسيوط من قبل الجماعات الإسلامية .. وفى ذات العام قتل القس غبريال عبد المتجلى على يد نفس الجماعات الإرهابية الدموية وبنفس الطرق البشعة سواء بالذبح الحلال والتكبير أو الضرب المبرح حتى الموت .
وفى عام 1981 كانت مذبحة الزاوية الحمراء الشهيرة والتى راح ضحيتها القمص مكسيموس جرجس و81 قبطى ذبحاً بالأسلحة البيضاء .
وفى العام الماضى وجد القس داود بطرس كاهن بأسيوط مذبوحاً فى شقته بشكل إنتقامى بشع من قبل الجماعات الإسلامية التى ما أن إنتهت منه حتى كبرت الله أكبر .
ولا ننسى دير أبوفانا الذى تم الإعتداء فيه على الرهبان وتكسير عظامهم وإطلاق الرصاص عليهم
هذه أمثلة بسيطة لأحداث دامية كثيرة تعرض لها الأقباط منذ عشرات السنين وبالأخص سلسلة الإغتيالات بالطرق المختلفة للآباء الكهنة وخاصةً حوادث الطرق المفتعلة .
وفى حادثة مصرع الثلاث كهنة بسوهاج أود أن أضيف بعض السطور لنوضح للقارئ العزيز .. وهو أننى قمت بالإتصال ببعض المعارف فى سوهاج وقالوا أن الأقباط فى سوهاج فى حالة حزن شديد وغضب لإنتقال ثلاثة كهنة مرة واحدة بهذه الصورة المأسوية وإنهم يعلمون أن الحادث كان مدبراً للتخلص منهم .. فعندما وقع الحادث الأليم مات أثنان من الآباء الكهنة الذين كانوا يجلسون فى المقدمة القس سوريال بولا الذى كان يقود السيارة 45 سنة والقمص فلتس حبيب تادرس 65 سنة الذى كان يجلس بجانبه أما القس ميخائيل جوارجى 40 سنة الذى كان يجلس فى الخلف فنقل إلى المستشفى بين الحياة والموت وحفظته العناية الإلهية فظل حياً حوالى ثلاث ساعات قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة حتى يروى كل ما حدث بالضبط قبل إنتقاله إلى السماء .
وما حدث كالآتى وهو أن سائق النقل ظل يلاحقهم ويضيق عليهم ثم إصطدم بالسيارة فإختلت عجلة القيادة فى يد أبونا سوريال بولا وصعد السائق بسيارته النقل الثقيل على سيارة الكهنة حتى تمكن منها تماماً بقصد قتل الآباء عمداً ولم يتركهم إلا جثث هامدة فسلم القس ميخائيل جوارجى والقمص فلتس حبيب الروح وإنتقلوا إلى السماء .
وصلى الأنبا إشعياء أسقف طهطا وتوابعها صلاة الجناز على أرواح الآباء الشهداء فى مساء يوم 28 / 8 / 2012
وإذا تأملنا فى الحادث وقمنا بتحليله بالأدلة العقلية والمنطقية جزء جزء سنعرف أن الحادث ليس مرورى أو قضاء وقدر كما يشاع عنه لأنه :
أولاً : بالنسبة لعرض الشارع الذى كانت تسير فيه السيارتين فعرضه حوالى من 15 : 17 متر .. إذاً هناك مساحة كافية للسيارة النقل الثقيل لتسير فى مسافة بعيدة عن السيارات الملاكى فما الذى أتى بها من الحارة التى كانت تسير فيها إلى الحارة التى تسير فيها سيارة الكهنة إلا إذا كان لديه نية سيئة .
ثانياً : يقال أن العجلة إختلت فى يد القس سوريال بولا فإصطدمت بالسيارة النقل .. متى تختل عجلة القيادة فى يد السائق ؟ تختل عجلة القيادة إذا واجه خطر أو فاجأته سيارة أخرى فيحاول تفاديها وهذا ما حدث مع أبونا سوريال الذى حاول أن يتفادى مضايقات هذا الشيطان ولكنه لم يستطع فاجهز هو عليه .
ثالثاً : من المعروف أن سيارة النقل الثقيل مرتفعة جداً وضخمة ويمكن لسائقها أن يرى ويكشف كل ما يدور حوله خاصة السيارات الملاكى ذات المستوى المنخفض والتى يظهر من بداخلها بشكل واضح .. إذاً السائق نظر فوجد كهنة النصارى يقودون سيارتهم فى هدوء فقال نخلص من هؤلاء الكفار فبدأ يلاحقهم إلى أن بلغ شيطانه منتهاه فقال أطحنهم وأخلص ويبقى بالمرة قدمت خدمة لدينى وأبقى بطل .
رابعاً : شكل سيارة الكهنة توحى وكأنها خارجة من ماكينة تقطيع السيارات وتفكيكها .. بمعنى أن منظرها صعب جداً ويدل على أن سائق اللورى النقل كان ينوى ومصمم على القضاء على هؤلاء الكهنة بأى شكل وصعد بكل جبروته وقوته وشره فوق السيارة ليدعكها ويساويها بالأرض حتى لا يكون لهم أثر .
من كل الحوادث التى يدعوا أنها مرورية .. يتضح لنا أنهم يستخدمون سيارات النقل الثقيل فى عمليات التخلص من أى رجل دين مسيحى لا يروق لهم حتى يكون القتل مؤكد .. ويوحى بأنه موتة طبيعية ويغلق المحضر على تاريخه وتحفظ القضية على أنها قضاء وقدر ويفلت الجانى المسلم من العقاب وإن حوكم سيأخذ سنة مع إيقاف التنفيذ كما حدث مع الضابط أحمد الكيلانى الذى تسبب فى موت أبونا إبراهيم ميخائيل فى طحا الأعمدة بالمنيا عام 2006 .
لقد مللنا وسئمنا من هذه الأساليب المكشوفة والدنيئة والواضحة للأعمى قبل البصير فالتصفية العرقية للأقباط تعمل على قدماً وساق وتنفيذ المخطط الإخوانى يسير مثل الساعة والعالم كله يقف موقف المتفرج.
وكلاً منهم يجد مصلحته مع الآخر بصرف النظر عن النتائج .. ولكن مع كل هذا لم نفقد رجائنا أو صبرنا لأننا نحيا بوعد إلهى مطلق المصداقية ولا يمكن أن ينقضه إله حى يعلم بكل الخبايا وله مستقبلنا وبيده ماضينا ونعيش فى ستره منذ البدء وحتى اليوم الأخير .. فإن حزنا فإن حزننا يتحول إلى فرح لأن من يُضطهد أو يموت من أجل أسمه فقد إستحق أن ينعم معه بالحياة الأبدية وهذا هو وعده الأمين لنا .. حقاً لولا أن الرب كان معنا لإبتلعونا ونحن أحياء .. ربنا يرحمنا برحمته .. وينيح نفوس آبائنا الشهداء فى فردوس النعيم .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع