الأقباط متحدون - فشل العملية نسر ووهم السيطرة
أخر تحديث ٠٥:٠١ | الأحد ٢ سبتمبر ٢٠١٢ | ٢٧مسرى ١٧٢٨ ش | العدد ٢٨٧١ السنة السابعة
إغلاق تصغير

فشل العملية "نسر" ووهم السيطرة


بقلم : رامى حافظ
• مقدمة :
فوجئ المصريون فى منتصف شهر رمضان الماضى بجريمة رفح الحدودية والتى راح ضحيتها عدداً من قوات حرس الحدود المصرية الشرقية ، وتشهد سيناء منذ بداية ثورة يناير حالة من الانفلات حذر منها العديد من ابنائها قبل الثورة وبعدها فقد فجر خط الغاز الطبيعى أكثر من عشر مرات وسط عجز مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية فى السيطرة على الأوضاع فى سيناء ، وتأتى العملية " نسر "  التى يقوم به الجيش من اجل مطاردة الجماعات التكفيرية كرسالة فى الداخل والخارج ان هناك قوة يمكنها الردع أذا ارادت الدولة تستخدمها .
 
الحقيقة تصدم الجميع فسيناء خارج سيطرة الدولة المصرية من خلال عدة قرائن أهمها زيارة وزير الدفاع لسيناء ولقائه مع شيوخ وقبائل سيناء وثانيها وفد التيار السلفى الذى ذهب للتفاوض من اجل وقف القتال الدائر هناك وثالثها عمليات الرد التى استخدمتها عناصر الجماعات التكفيرية ضد أقسام الشرطة فى سيناء وغيرها من الدلالات لكن أخطرها استجابة مؤسسة الرئاسة لرغبة الجماعات التكفيرية فى الأفراج عن قادتهم فى السبق الصحفى الذى نشرته جريدة " التحرير " فى الايام الأخيرة .
 
المهتم بملف سيناء يعرف جيداً ان هناك محاولات وتقارير صادرة عن الكثير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية جميعها تبدأ ان المواجهة بالتنمية وليس بالسلاح والاعتقال والترهيب ، ويأتى الرئيس مرسى ليزيد الجرح بتنفيذ نفس السياسات الفاشلة للنظام المخلوع فى التعامل مع سيناء بأن يسمح للقوات المسلحة بدك اراضى سيناء لتصفها الصحف بأنها معركة عبور جديدة ، وعندما نفتح الصورة قليلا لتتسع يبدأ الجميع فى فتح الملفات المسكوت عنها والتى طرحت وقت وقوع حادث رفح الحدودى وتم أغلاقها تحت التشويش المتعمد بتصفية حكم العسكر ونسيان الهدف الاساسى للعملية العسكرية .
 
• من المستفيد من حادث رفح الحدودى ؟
أصبح هذا السؤال هو المطروح لقادة حزب الحرية والعدالة الحاكم الآن حيث عند وقوع الحادث بدأت حملة أعلامية لتغيير مسار الدلائل المنطقية التى ظهرت فور وقوع الحادث والمتورطين فيه ، فقد بدأ الحزب وقياداته وشبابه بحملة اعلامية تحت ستار انشغال القادة العسكريين بالحكم أدى الى الحادث وهو السبب الرئيسى فى وقوع الحادث مؤكدين على حقيقة أساسية ان الخاسر الوحيد هى حركة حماس والمستفيد هى اسرائيل والهدف ضرب العلاقة المصرية - الفلسطينية ، ولعلنا عندما نبحث فى الملف سنجد ان المستفيد الوحيد من الحادث هو الرئيس مرسى ويذهب بالتحليل لمداه الطبيعى وهى ان حركة حماس لها دور ملموس أذار اردنا الحقيقة ، ويأتى وقت الحساب فقد انتهت العمليات العسكرية فى سيناء وانسحاب المظاهر المسلحة فى اراضى سيناء والتى انتهت بفشل ذريع .
 
- المستفيد الأول : جماعة الأخوان المسلمين متمثلة فى الرئيس المنتخب " محمد مرسى " فقد انتهى به الحال بالتخلص من قادة النظام السابق فى المؤسسة العسكرية والذين مثلوا له عقبة حقيقية فى الاستمرار فى الحكم من الاساس ، ولا مانع فى ذلك ولكن لمصلحة من ؟
- المستفيد الثانى : حركة حماس فقد ضمنت استمرار الدعم المصرى لها وخاصة ان الحملة الاعلامية التى قادتها جماعة الاخوان المسلمين بكافة كوادرها نجحت فى تخدير الراى العام المصرى وتحويل بوصلة الاتهامات الى التحالف التاريخى بين قادة النظام السابق واسرائيل وهو أمر محل تصديق لدى المواطن العادى .
 
- المستفيد الثالث : اسرائيل التى أنهت حالة الرفض والذى بدأ بتولى مرسى الرئاسة وكذلك فرضت على الجانب المصرى التعامل معها ، فقد حدثت لقاءات بين مسئوليين عسكريين مصريين واسرائيلين للتنسيق العمليات العسكرية فى سيناء ، ووصلت الى ان اسرائيل قدمت معلومات قيمة للجانب المصرى حول مرتكبى الحادث وكذلك اشتركت فى تصفية بعض العناصر التى تراه متورطة فى الحادث وتمثل تهديداً ايضاً لها .
يضاف أيضاً لهذا المشهد ان معرفة اسرائيل بالحادث ومرتكبيه قبل وقوعه لا يعنى بضرورة الحال تورطها فيه ، فهى بطبيعة الحال وكأى دولة تحترم شعبها سترفض التعاون مع دولة يرفض رئيس جمهوريتها الرد على تليفونات مسئوليها بل ستعمل على تحقيقه لأجباره على التعاون .
 
• لماذا أذن العملية " نسر " ؟
ان العملية العسكرية " نسر " كانت جزء من الصراع من خلف الكواليس على السلطة فالاخبار التى نشرت بعد حادث رفح الحدودى كانت تذهب بأن مرتكبى الحادث من خارج سيناء بعدة دلائل :
- فقد نشرت وسائل الاعلام ان المسئولين المصريين توصلوا لمعلومات تؤكد ان المرتكبين لجريمة من قطاع غزة بل وطالبوا حركة حماس بالتعاون معهم فى ذلك .
- نشرت ايضاً وسائل الاعلام ان الجثة التى تم القبض عليها كانت ذو ملامح عربية .
- ان الجماعات المحسوبة على السلفية الجهادية أنكرت ارتكبها للحادث وبعضهم تعاون مع القيادات العسكرية فى سيناء وهم الذين يتفاخرون بمثل هذه الجرائم.
 
• مرتكب الحادث :
تستكمل دائرة الصراع عندما تدخل اسرائيل على الخط فقد نشرت وسائل الاعلام ان هناك حالة قلق شديد لدى المسئولين الاسرائيلين بسبب غياب المشير ونائبه عن المشهد السياسى والذى حقق لهم توازن هم فى حاجة اليه وكذلك حالة الرفض الساذج من قبل الرئيس المصرى بعدم رده على التليفونات القادمة من مسئولين اسرائيلين .
الحاجة الاخوانية لفك طلاسم الصراع السياسى حول السلطة المخولة لها اتخاذ القرارات المصيرية حيث ان الضغط النفسى والمعنوى الذى كان يمثله المشير ومجلسه العسكرى يمثل حالة أرتباك شديدة للمشهد العام فى مصر وتجرؤ البعض على الرئيس المنتخب .
خوف حركة حماس من وقف المد والمساعدة المصرية لهم بعد الانفراجة المهمة التى حدثت نتيجة وصول مرسى لكرسى الرئاسة ، فقد أصبح لديها مصدر قوة حقق له التوازن الاستراتيجى فى صراعها الساذج مع حركة فتح على السلطة فى فلسطين ، ويأتى هذا بعد فقدانها الحليف السورى واستمرار الدعم الغربى لعباس وفتح .
 
• اين الفشل ؟
- الاولى : ان قدرات القوات المسلحة المصرية أصبحت محل شك فهى ليست بالقوة التى نستطيع الاطئمنان اليها فى حماية الوطن ، وهذا ليس تقليلاً بقدر ما هو بداية لعملية مراجعة شاملة لمفاهيم العسكرية المصرية التى أستقرت منذ حرب 1973 ولم تتغير أو تتطور ، محاسبة القيادات السابقة والحالية المسئولة عن المؤسسة العسكرية للبدء فى عملية تطهير قوية الهدف منها ضبط المؤسسة وكذلك تطوير عمليات التسليح والتدريب بعيداً عن الشعارات الجوفاء والصراع على السلطة .
- الثانية : ان سيناء خارج سيطرة الدولة المصرية وهو ما حذر منه ابناء سيناء سواء قبل الثورة أو بعدها وهناك العديد من التقارير لكيفية التعامل مع سيناء بشكل محترم وصحيح .
 
- الثالثة : ان اليد الأقوى فى سيناء هى للجماعات التكفيرية فى سيناء نظراً للنشاط الملحوظ لحركة حماس ، وظهر جلياً أثناء حكم مبارك فى عملية الاجتياح الاسرائيلى لقطاع غزة وبعد الثورة فى بتفجيرات خط الغاز .
- الرابعة : ان اسرائيل انتهزت الفرصة وكشفت الدولة المصرية ومدى عجزها بعد السماح لها بالدخول الكامل لفرض سيطرتها على سيناء ، وان القضية ليست فى تعديل الاتفاقية المصرية – الاسرائيلية بقدر ان هناك أشكاليات مصرية تتعلق بقدرات الدولة فى تنمية سيناء والأهتمام بأبنائها .

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع