جمال كامل
حكمت محكمة الجنح الاقتصادية بالمنصورة اليوم الأحد ٣٠ أكتوبر في قضية التشهير والتهديد للمجني عليها في واقعة الاعتداء الجنسي الجماعي بمدينة ميت غمر الذي جرت وقائعه في ديسمبر ٢٠٢٠. وجاء الحكم على هاني مسعد عبادة الصعيدي، محامي أحد المتهمين، بالحبس سنتين وكفالة خمسة آلاف جنيهًا، وغرامة ٣٠٠ ألف جنيه؛ وعلى خالد الدسوقي، محامي أحد المتهمين، بالحبس ستة أشهر، وكفالة خمسة آلاف جنيه، وغرامة ١٥ ألف جنيه؛ ورفض الدعوى المدنية للمتهمين وإحالة الدعوى المدنية للمجني عليها للمحكمة المدنية. والمتهمان المحكوم عليهما، هما محاميا المتهمين في قضية الاعتداء الجنسي الجماعي الأصلية على شابة بمدينة ميت غمر.
وكان المحاميان قد نشرا على حساباتهما الشخصية - أثناء التحقيق في الجناية الأصلية التي شملت هتك العرض والتحرش الجنسي الجماعي - فيديوهات تشهير بالمجني عليها، هدّدا فيها بتقديم بلاغات تتهمها بـ"الاعتداء على قيم الأسرة". كما نشر المحاميان صورًا شخصية للمجني عليها مسروقة من حساباتها الشخصية بهدف الضغط عليها وتهديدها لتغيير أقوالها ضد المتهمين السبعة بالاعتداء عليها. وقام محامو كل من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، كممثلين قانونيين عن المجني عليها، بالتقدم لنيابة ميت غمر الجزئية بأدلة هذا التشهير والتهديد. وبناءً عليه أحالت النيابة العامة المحاميَين للمحاكمة أمام المحكمة الاقتصادية في يوليو من العام الجاري باتهامات سب وقذف المجني عليها، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة، وإساءة استعمال أجهزة الاتصال بملاحقة المجني عليها، واستخدام حساب على وسائل التواصل الاجتماعي لارتكاب تلك الجرائم.
ويأتي هذا الحكم والمحاكمة على خلفية تعرض المجني عليها للاعتداء الجنسي الجماعي في ديسمبر ،٢٠٢٠ كما سبق الذكر، بإحدى الشوارع الرئيسية بمدينة ميت غمر، وهو الاعتداء الذي تم تصوير أجزاء منه وأثارت تلك الفيديوهات موجة من الدعم الكبير للمجني عليها. وقد لحق هذه الأحداث بيان رسمي من النيابة العامة يثبت وقائع الملاحقة والتحرش البدني بالمجني عليها. وأشار البيان إلى استنكار النيابة العامة للتشهير والتهديد الموجه ضد المجني عليها بهدف إرهابها من المشاركة في التحقيق والتأثير على مجرياته. ثم أحالت النيابة سبعة متهمين للمحاكمة في ديسمبر الماضي بعد ما تعرفت عليهم المجني عليها، غير أن الدائرة السابعة بمحكمة جنايات المنصورة أصدرت حكمًا صادمًا ببرائتهم في 21 مارس. وبناءً على ذلك طالبت عدة منظمات معنية بحقوق النساء النيابة العامة بالطعن على حكم البراءة. وقد قامت النيابة العامة بالطعن على الحكم، ولم يتم تحديد ميعاد المحاكمة بعد.
وترحب كل من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية بالحكم الصادر، وتريان في هذا الحكم رسالة واضحة بحق المجني عليهن في قضايا العنف الجنسي بالحماية من التشهير والتهديد الذي يحدث على أيدي المتهمين، أو محاميهم، أو أسرهم، أو آخرين بهدف إرهابهن من الإبلاغ والمشاركة في مجريات التحقيقات بما يضمن محاكمة المعتدين. وتأمل المؤسستان أن تأتي محاكمة المتهمين السبعة بالاعتداء الجنسي، بعد طعن النيابة، لتؤكد على حق النساء والفتيات في الحماية من العنف الجنسي، وخاصة أشكال العنف الجنسي الجماعي، والتي برغم تكرار حدوثها على مدار السنوات، ندرت المرات التي تم التحقيق فيها، وإحالتها للمحاكمة، والقضاء فيها بنجاح. وتحيّي المؤسستان شجاعة المجني عليها وإصرارها. فعلى مدار ما يقرب من عام، استطاعت رغم كل الصعوبات والتهديد والتشهير الذي طالها وطال أسرتها أن تستمر في المطالبة بحقها القانوني في الحماية من العنف والتشهير والتهديد لإصرارها على الإدلاء بأقوالها عن الاعتداء الذي عاشته.
وبشكل عام تأمل المؤسستان أن يكون هذا الحكم بابًا لإدراك الأهمية القصوى لحماية المجني عليهن، والشهود، وخاصة في قضايا العنف الجنسي، من أي تهديد وتأثير، من أجل ضمان فاعلية القانون في الحد من العنف الجنسي اليومي في مصر. وتكرر المنظمتان مطلبهما بأن تعلن النيابة العامة سياسة عامة جديدة، وتنفذها، لتضمن حماية المبلغات والشهود من انتقام وتهديد وتشهير المتهمين أو غيرهم، ولتحمي بشكل فعال هويات وخصوصية المجني عليهن في قضايا العنف الجنسي، وكذا لتحمي المجني عليهن والشهود في قضايا العنف الجنسي من توجيه اتهامات غير متصلة بموضوع البلاغات، وذلك إعمالًا لسلطتها التقديرية في توجيه الاتهامات. كما نطالب بسرعة إصدار قانون لحماية الشهود والمبلغين والخبراء للتأكيد على ضمانات المحاكمة العادلة والوصول للعدالة المنشودة للنساء والفتيات وغيرهن في قضايا العنف الجنسي.