حمدي رزق
وتشير كثافة التشيير إلى أن فى ‎عمليات قطع الرؤوس علنيًا تكون الأغلبية الساحقة من الذين يأتون لرؤيتها إما مرعوبين وإما لا مبالين، فى كل الأحوال الشعور بالاشمئزاز نادر نسبيًا، وحتى عندما يكون الناس يشعرون بالاشمئزاز والرعب، لا يمنعهم ذلك من مشاهدة مثل هذه الفظائع.

فيديو «الإسماعيلية» الرهيب صورة بربرية، ترتد بنا إلى عصور غابرة، عصور ما قبل القانون، عصور عارية من الإنسانية، شريرة، مُوحِشة، متوحشة، لا حرمة ولا قانون ولا عُرف، ولا شىء سوى الانتقام بدم بارد.

صورة شاذة عن طبيعة المصريين عامة، عن أخلاق الحارة المصرية ملؤها شهامة ونخوة ورحمة، وجيران وولاد حتة، صورة من خارج الحارة، من العالم السفلى، من عالم تُسفك فيه الدماء وتُقطع الرؤوس، ويلوحون بالسيوف والسنج فى الوجوه تخويفًا وترهيبًا وتفزيعًا.

عفوًا، لا تقل إنه مجنون، أو مهبوش، أو استروكس، مدمن، هذا قاتل ضليع فى الإجرام، قاتل طليق مطلوق على البشر، يُعمل فيهم سنجته بوحشية وبدم بارد، من يقطع رأس الضحية ويعبئه فى كيس، لا تَقُل معتوهًا، ولا تهينوا عقولنا بافتكاس أسباب تنفيها وقائع مذاعة.. صوتًا وصورة.

الوحشية تنضح من الصورة، مخيفة، صورة مكبرة من الحقد والغضب والثأر الذى سكن القلوب.. صورة، صورة، للبشر المسعورة.. الذبح على قارعة الطريق وقطع الرأس خارق لكل القوانين والأعراف.

شيوع هذه الصورة القبيحة مثل شيوع الفاحشة، وهى صورة فاحشة، وتُفرد لها المواقع الصحفية والحوائط الإلكترونية مساحات فاحشة، فُحش أخلاقى، جريمة ضد الإنسانية، من أين استقوا قطع الرؤوس على قارعة الطريق؟!.

الردة إلى عصور الغاب، إلى عصور يذبح فيها الإنسان أخاه الإنسان ولا يدارى سوءة أخيه، بل يفرّج عليه وعلينا العالم بأسره.

حسنًا تحرك النائب العام من فوره، والمحاكمة عاجلة، ولكن هل هناك مقترح قانونى يلجم هذا التوحش؟ هل لاتزال هناك إدارة ممنهجة تحكم البشر وتتحكم فى سلوكهم الهمجى؟ متى يتحول الإنسان إلى وحش؟.. يقينًا فى مراجع العلوم الاجتماعية والإنسانية تفسيرات لهذا السلوك الهمجى، يستوجب ألا تمر مثل هذه الطفرات الهمجية فى سياق البشر دون دراسات اجتماعية وإنسانية معمقة.

فى هذا الربع الخالى من الإنسانية سبقت حوادث من نفس العينة قتلًا وسحلًا وتمثيلًا بالجثث فى الشوارع، والسنوات الماضية تمت فيها جرائم قتل على الهوية، والتمثيل بالجثث على قارعة الطريق، وسحلها فى الشوارع كاللحم المكشوف، وغضضنا البصر وتغافلنا وتلهينا، صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ!.

الصورة التى لفّت العالم صورة لو تعلمون كافية ليشيح العالم المتحضر بوجهه عنا، يأنف فعلنا، ويدين صنيعنا، وأمام أنفسنا ألا نخجل، ألا نغضب، ألا نستحى؟!.. العالم كله شاهد الصورة، هل هذه صورة مصر؟ هل هذا يحدث فى مصر الآن؟!.

والناس تتفرج، وتصور، وتشير.. تبًا لكم، وسحقًا لأفعالكم، استحوا قليلًا، ألا تخجلون من صوركم المنشورة، تبًا لكم ولفعلكم الكريه، انبذوا هذه الصورة، العنوها والعنوا فاعلها.. واقطعوا رقبته عاجلًا.. وإلا صارت مثلًا.
نقلا عن المصرى اليوم