بقلم: المهندس نبيل المقدس
ليست للضغائن نصيب مع مَنْ يدعي علي نفسه بأنه مؤمن بإلهه وينفذ شريعته ... فأنت لا تستطيع أن تحتفظ بإلهك والضغينة معا ... واحد منهما يجب أن ينصرف . قد يكون لغيظك مبرر , فربما أساء أحد معاملته لك ... أو أنك فشلت في خطة ما هو نجح فيها ... أو أن كارثة نزلت بك مرة وأكثر من مرة ولكنها لم تنزل أبدا علي مَنْ تحمل له هذه الضغينة ... أو ربما تكون بدون " كاريزما" عند الآخرين المتفقين أو غير المتفقين معك – كل هذه قد تكون صحيحة وتُبرر حسب الظاهر ما تحمله من غل ومن غيظ ... ولكن سواء كانت مبررة أو غير مبررة فإن الحقد والضغينة والغيظ هم شر وشؤم للنفس البشرية – بل هي سُم يختزنها الفرد في باطنه كالحية السامة ثم "يَبُخْهَا" علي مستقبل المجتمع بأكمله.
كنت أشاهد مقدمة إحدي برامج القنوات الفضائية تتكلم مع شخص عن طريق مداخلة تليفونية حول موضوع كنت لأول مرة أسمع عنه , حيث علمتُ أن هذا الشخص قد رفع بلاغا لوزير الداخلية ضد بعض الشباب والشابات يلبسون زي موحد في ساقية الصـــاوي يمارسون عبادة الشيطان ... وقد علمت من سياق كلامه الذي أضحكني كثيرا أنه عضو في جماعة لقبت نفسها بمجموعة " مراقبينكم " .. وكانت إحدي كلماته التي حفزتني علي الضحك أن هؤلاء الشباب كان البعض منهم يلبس أساور بلاستيك ملونة في معصمهم تدلي منها نجمة تشبه نجمة داود وأن ملابسهم تقريبا موحدة " أي زيهم موحد", مما يدل علي حسب فكرههُ النابغ أنهم من عبدة الشيطان . قلت في نفسي أكيد هذا الشخص من ضمن جماعة متطورة من جماعات " الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ". وما إسترعي إنتباهي هو " ما الذي يجعل هذا الشخص من جماعة "مراقبينكم" ان يكون حاضرا في هذا الوقت عند ساقية الصاوي والتي تُعتبر إحدي قصور مؤسسة الثقافة التابعة للحكومة مباشرة ؟؟ ... هل هي بالمصادفة أو طبقا لجدول يومي لهؤلاء المجموعة يوزعون أنفسهم علي أماكن الفن وغيرها .. معني هذا أن مرحلتهم القادمة هي إنتشار أعضاء "مراقبينكم" علي أبواب منازلنا ووضع أذانهم علي الباب لكي يسمعوا ما هو يجوز أو لا يجوز... وربما يتطور الأمر إلي نشر أعضاء من " مراقبينكم " تحت أسرة المواطنين !!!
كنت أستمع لهذا العضو من جماعة "مراقبينكم" واحسستُ من خلال كلامه أنه يعاني من وجود ضغينة ما مخزونة في داخله ضد المجتمع بأجمعهِ, وإنفجرتْ عندما أتاحت الظروف له أن يري هؤلاء الشباب يتمتعون بنوع من الموسيقي هو لا يعرف قيمتها ولا أنا أيضا .. لكن الفرق بيني وبينه أنني لا أحمل ضغينة أو غل ضد هؤلاء الشباب لأنني إنسانا سويا , لا أتدخل في أمزجة الناس .. ولا أتسلل إلي عمق ضمائرهم لكي أعرف نياتهم ... وهذا نتيجة أنني تربيتُ علي تعاليم الحياة الروحية السليمة أولا ثم تربيت علي توجهات حياتية إيجابية , بعيدة عن كل ما هو يخيفني من خالقي , بل تعلمتُ أن إلهي هو أبي الذي أحبني وفدي نفسَهُ من أجل رفع خطيتي ألتي توارثتها من آدم ... وبغض النظر عن نوعية الديانة الموجودة في مصر فقد كان الشعب المصري الأصيل له أسلوب الطهارة وعدم الظن بالسوء للآخر , بل كان منفتحا وضحوكا بالرغم من تدينه , لكنه كان يدرك روح ديانته علي أكمل وجه.
اكيد هؤلاء الذين ينتمون إلي جماعة " مراقبينكم " قد مروا بظروف شاذة , هذه الظروف متعددة وأغلبنا يعرفها تماما ومُلم بها , فهي جميعها تدخل في حيز المشكلات الإجتماعية والإقتصادية بالإضافة إلي النواحي الدينية التي هي أهم ركن جعلت من الإنسان السوي حراً – ولكنه أصبح مكبلا بشرائع كانت أغلبها تناسب وتوافق زمن نزولها حسب عقائدهم .. وما أزاد الطين بلة أن بعض الشيوخ وهم الأكثرية يتعمدون تعطيل تطوير هذه الشرائع طبقا لتطور الحياة ووجود شعوب علي الأرض متباينة في الجنس والدين والأمزجة والتوجهات والطباع والصفات والعادات . وأن كل حُكم كان موجودا من قديم الأزل لا يتناسب مع أحكام اليوم ... كما أن هؤلاء الشيوخ تجاهلوا العلم وما وصلنا إليه من مبتكرات وإختراعات ربما أغلبها تنفي الكثير وتتعارض مع الكثير من الشرائع الخاصة بهؤلاء أصحاب مجموعة " مراقبينكم" . وما يحزنني أن المتكلم والذي أبلغ عن هذا الإحتفال الذي تم في ساقية الصــاوي المحترمة هو رجل متعلم ومثقف ويعمل محاميــــا ... وهذه كــــارثة لو سكتنا عنها سوف تجلب الدمـــار والخراب لأعظم وأقدم دولة حضارة ووجودا وهي مصـــر ...!
خدعوك فقالوا أن [ التربص المملوء بضغينة مدفونة في داخل الفرد للغير , يبدو وكأنه مُجدي ونافع للمجتمع طبقا بما تظنه مجموعات " مراقبينكم " ومجموعات " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ] ... هذه المجموعات العشوائية ولتي ليست لها اصل قانوني ,ومرفوضة من قِبل أغلب المجتمع , تعتقد أن مِنْ واجباتها الأدبي والروحي هي تقويم البشر وإصلاحهم عن طريق الإنتقـــاد غير المدروس أو غير المهني .. بل هو إنتقاد نابع عن عُقد ومركبات نقص تفحلت في نفوسهم نتيجة إنغماسهم في شريعتهم بدون وعي أو تفكير , كما أن هذه المجموعات " مراقبينكم - والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " تقوم بهذا التلصص كنوع من الحصول علي رضا ربهم والفوز بأكثر من فرصة للدخول في الجنة الموعودة لهم والمملوءة متع ومشتهيات .
إن كانت كل من مجموعة "مراقبينكم " ومجموعة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " تعتقد أن من واجبها الديني يقضي بتوجيه إنتقادات للشعب المصري من خلال ضغينة أو غيرة أو غل التي تأصلت فيهم نتيجة تركيزهم في مفهوم شريعتهم بطريقة خاطئة طبقا لكلام شيوخهم وحكمائهم لتبرير ما تفعله هذه المجموعات من أخطاء تُسيء إلي عقيدتهم .. أحب أن أضيف أن هذه المجموعات تكاد تدخلنا في دوامة ما كانت تفعله جماعة الفريسيين في العهد القديم لحياة اليهود .. فهم يضعون أنفسهم بديل الله " حاشا " علي كرسي الدينونة يصدرون من عليه الإنتقادات والأحكام ... !
وما يخيفنا أن نجد لا مبالاة من الرئاسة الحكومية الإخوانية ضد هذه الأفعال , وكأنها في حالة رضا كامل عما تفعله هذه الجماعات .. وإن كان الأمر أن توحيد الزى لأي مجموعة تجتمع مع بعضها البعض هم عبدة للشيطان .. فعلي هذه المجموعة " مراقبينكم " أن تبلغ فورا الداخلية عن هذه المجموعات التي تسير في الشوارع جماعة تلو الجماعة وهم بزيهم الموحد والذي يتكون من الجلاليب البيضاء القصيرة والصنادل او الشباشب طراز "زنوبة" والتي شوهت منظر مصــر عروسة الشرق الأوسط , وأتهمهم بإزدراء والسخرية لدينهم .. كما أهيب لمجموعة "مراقبينكم" أن تبلغ أيضا وزارة الداخلية عن بعض النسوة اللاتي يتكيّسْنَ بجلاليب سوداء ولا يظهر منهن إلا عيونهن ويمشين في المولات يتمخترن , مثلما اتهموا هذا الشباب الذي كان يرتدي زيا موحدا لقضاء وقت ممتع جميل مع زويهم وأهاليهم , في ســاقية الصــــاوي الذي تُعتبر مكان ثقافي عالمي مشهود له بالفن الجميل .. !
خسارتك يا مصــــــر سقطتَ إلي الحضيض بفعل إتفاقيات عظمي تمت ما بين العسكر والإخوان .. ونحن لا ننسي لك يا مشير انت واركان حربك وعودكما الكاذبة " بأنكما سوف لا تسمحا بحكم خوميني في مصر " والتي إتضح بعد ذلك أنها ما إلا تخدير للشعب المصري الأصيل ...!
كل م استيع قوله : [أن علي كل مصري شريف عليه أن يترحم علي مصـــر من الآن ولعقود آتيـــــة ]...!!!